غزة تنافس تركيا وإسرائيل في صناعة الطائرات المسيّرة
القدس المحتلة ــ الرأي الجديد
يبدو المشهد الفلسطيني الإسرائيلي، بل الشرق أوسطي برمته، مليئا بالمفارقات، في علاقة بصناعة الطائرات المسيرة..
إذ تُشير المعلومات العسكرية المتوفرة في فضاء دول “الشرق الأوسط”، أن هناك قوتين فقط تُهيمنان على عالم صناعة الطائرات المُسيَّرة في المنطقة، هما تركيا وإسرائيل.
وكان الاحتلال الإسرائيلي، أبرز القوى المُهيمنة في هذا المجال لفترة طويلة، حيث تُعَدُّ إسرائيل أكبر مصدّر للطائرات بدون طيار في العالم بعد الولايات المتحدة، وذلك انطلاقا من كونها “حكومة في حالة حرب دائمة”، حسب زعمها.
وقد بدأت إسرائيل باستعمال المُسيَّرات أثناء غزو لبنان عام 1982، ومن ثم شرعت في بيع هذه الطائرات إلى الولايات المتحدة، وصولا إلى استخدام ستة جيوش من جيوش الدول الأعضاء في “الناتو” للمُسيَّرات الإسرائيلية، المشتهرة بعلامتها الصفراء المميزة، التي عرفها الجميع منذ اندلاع الانتفاضة الثانية، وتزايد عمليات الاغتيالات، وحرب غزة عام 2008.
وتُعَدُّ المُسيَّرات أحد أهم الأسلحة على المستويين الإستراتيجي والتشغيلي، فبخلاف كونها غير مُكلِّفة بالمقارنة مع الأسلحة التقليدية وفي مقدمتها الطائرات النفاثة، فإن تصنيع المُسيَّرات يُعَدُّ امتيازا لعدد قليل من الدول التي يمكن حصرها على أصابع اليد الواحدة، لذلك فإن النجاح في اختراق هذا المجال لا يبدو أمرا يسيرا، كما أنه يُتيح لصانعه الارتقاء لمراتب أكثر تقدُّما من الناحية التقنية والعسكرية، وهو ما يتوافق مع تصريح الإذاعة الإسرائيلية الذي أشرنا إليه أعلاه.
لذلك فإن دخول المقاومة الفلسطينية إلى نادي تصنيع الطائرات المُسيَّرة، يُعَدُّ إيذانا بتحوُّل جذري في موازين الصراع، إذ إنّ النوع الاستطلاعي منها يعني قدرة المقاومة الفلسطينية على رفع جودة عمليات الرصد، وتحديد الأهداف، وكشف انتشار الجيش، ومعرفة المدى المطلوب لتوجيه الصواريخ وغيرها من العناصر القتالية، بالإضافة إلى تحديد خريطة الأماكن الحساسة.
وربما يكون أحد الأسباب الرئيسية لتمكُّن المقاومة من استهداف العديد من الأهداف الحساسة في الحرب الحالية هو تحسُّن قدرتها على الرصد الجوي باستخدام المُسيَّرات.
لم يقتصر الأمر على الرصد فقط فيما يبدو، حيث مَثَّلَ استهداف القسام لمنصة الغاز الإسرائيلية في عرض البحر قبالة ساحل شمال غزة، واستهدافها تحشيدات عسكرية على تخوم قطاع غزة باستخدام طائرة مُسيَّرة من نوع “شهاب”، إيذانا بتحوُّل حقيقي نحو استخدام المُسيَّرات في عمليات قتالية مباشرة، مع ما يعنيه ذلك من تنوُّع بنك أهداف المقاومة، وقدرتها على إصابة منشآت الاحتلال ومؤسساته الحساسة بدقة ومباغتة.