إسرائيل في حالة ذهول بعد نجاح “حماس” في تحقيق “توازن الردع”
القدس المحتلة ــ الرأي الجديد
شكَّل تطور صواريخ المقاومة الحدث الأبرز في الانتفاضة الشاملة التي تشهدها الأراضي الفلسطينية حالياً، حيث فوجئ الإسرائيليون بحجم وقوة هذه الصواريخ وتطورها، بما في ذلك نجاحها في اختراق منظومة “القبة الحديدية”، وهو ما شكَّل تحولاً ملموساً في الأحداث الجارية، إضافة إلى أنه تسبب بإرباك كبير لقوات الاحتلال، التي ظهرت وكأنها تتخبط في قصف عشوائي لقطاع غزة، أوقع عدداً كبيراً من الضحايا المدنيين وأغلبهم من النساء والأطفال.
وأطلقت المقاومة الفلسطينية في غزة مئات الصواريخ باتجاه مواقع تابعة للاحتلال داخل الأراضي المحتلة عام 1948 خلال الأيام القليلة الماضية، ما أدى إلى مقتل وإصابة عشرات الإسرائيليين، فضلاً عن تعليق العمل في مطار “بن غوريون” وهو المطار الرئيسي الذي يستخدمه الإسرائيليون، ويقع بالقرب من تل أبيب، فيما اضطر ملايين الإسرائيليين لمغادرة منازلهم والاختباء في الملاجئ.
وبدأت المقاومة في غزة إطلاق صواريخها، رداً على اعتداءات نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في القدس المحتلة، شملت اقتحامات متكررة للمسجد الأقصى ومنع المصلين من الوصول إليه في الأيام الأخيرة من شهر رمضان، وهو ما أشعل اشتباكات واسعة في المدينة المقدسة والأراضي المحتلة عام 48، سرعان ما امتدت إلى غزة والضفة الغربية.
وتصاعدت وتيرة الأحداث سريعاً في الأراضي المحتلة، حتى تحولت إلى انتفاضة شاملة في كل الأرض الفلسطينية من البحر إلى النهر، فيما أطلقت المقاومة الفلسطينية في غزة صواريخ يتم استخدامها لأول مرة، إذ تتميز بقدرتها على تجاوز “القبة الحديدية”، وكذلك تتميز بمدى أبعد وقدرة تدميرية أكبر، فيما كشف الفلسطينيون أيضاً ولأول مرة عن طائرات مسيرة تم استخدامها ضد مواقع إسرائيلية.
اعتراف إسرائيلي
وغرقت الصحافة العبرية بالاعترافات المتتالية عبر مسؤولين وكتاب ومحللين بأن «تل أبيب فوجئت من القدرات العسكرية التي تمتلكها المقاومة في غزة». كما أشار العديد من الكتاب والمحللين إلى أن حركة حماس نجحت في إخضاع إسرائيل وتحقيق الهدف من المواجهة العسكرية الأخيرة وهو ردع الإسرائيليين في مدينة القدس.
وكتب نداف إيال مقالاً في صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية قال فيه إن الخطأ كان في «تقدير أن حماس لم ترغب بالتصعيد بشكل كبير، بما في ذلك إطلاق الصواريخ على إسرائيل، لكن الإنجاز الواعي للحركة ليس له حدود، فحماس تتحدث بلغة حزب الله، ومحمد ضيف يتبنى أسلوب حسن نصر الله، بما في ذلك الإنذارات الموجهة لإسرائيل، والوفاء بها، من خلال إطلاق الصواريخ على إسرائيل بساعات محددة».
وأكد إيال أن «إسرائيل الحالية ليس لديها رافعة ردع أمام قطاع غزة، ما دفع محمد الضيف إلى شن مثل هذا الهجوم في يوم القدس، بسبب سياسات بنيامين نتنياهو، واستمراره في تجنب المواجهات العسكرية غير الضرورية، وسعيه لخلق هدوء طويل الأمد، لكن ذلك ترك آثارا سلبية من أهمها تآكل الردع، ودفنت إسرائيل رأسها في الرمال».
إرادة فلسطينية
وبينما ينشغل الإعلام الإسرائيلي في تحليل القوة المفاجئة التي أظهرتها المقاومة في غزة، قال محللون، أن صواريخ المقاومة أصبحت الآن هي الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، إذ هذا ما ظهر عبر التفاف الناس حول هذا الخيار، خاصة مع ما سمعناه من نداءات في القدس ومناطق الـ48، تهتف للقائد العام لكتائب القسام وتطالبه بالرد على اعتداءات الاحتلال، وهو ما يتم لأول مرة، بما أعطى لحماس الثقة، وفي نفس الوقت وضع الحركة أمام مسؤولياتها.
ويتوقع خبراء وملاحظون، أن يشهد النظام السياسي الفلسطيني، سيشهد “تسونامي” تغيير بعد المواجهة الراهنة مع الاحتلال الإسرائيلي، إذ من المرتقب أن تغيب وجوه وتظهر أخرى.
ثمّة إجماع تحليلي في الساحة العربية، على أنّ صواريخ “حماس”، حققت الآن الكثير من الردع للاحتلال، الذي أصبح يدرك بأن قوة حماس لم يعد يُستهان بها، وأن المواجهة معها ستكون مكلفة، وهذا ما يُفسر تراجع الإسرائيليين عن الحرب البرية.
يشار إلى أن المواجهة العسكرية الحالية في غزة هي الأعنف منذ سنوات، والأولى من نوعها التي تجري بالتزامن مع انتفاضة شاملة في الضفة الغربية والقدس والأراضي المحتلة عام 1948، فيما سارعت العديد من دول المنطقة والعالم، إلى التوسط من أجل التهدئة، والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق نار فوري، يُنهي العمليات العسكرية.