“الاختيار2”.. المسلسل المصري الذي “زيّف” مجزرة رابعة… يثير احتقان الرأي العام المصري
القاهرة ــ الرأي الجديد
يواجه مسلسل “الاختيار 2″، وهو النسخة الثانية من “الاختيار1″، انتقادات كبيرة، مثيرا بذلك جدلا واسعا في مصر بالداخل والخارج، بعد يومين فقط من عرضه على العديد من القنوات المصرية، ضمن مسلسلات الدراما الرمضانية.
المسلسل الذي أنتجته شركة “سينرجي” المملوكة للمجموعة “المتحدة للخدمات الإعلامية”، التابعة للمخابرات العامة المصرية، وفق تقارير صحفية متعددة، يبرز أحداث ما بعد انقلاب 30 جويلية 2013، وفض اعتصام “ميدان رابعة” من وجهة نظر النظام الأمنية.
وتعول الشركة المنتجة للمسلسل الدرامي على نجاح النسخة الأولى من “الاختيار 1″، الذي كانت تدور أحداثه في شمال سيناء، والتي انتهت بمحاصرة وتفجير كمين “البرث” من قبل مسلحين وراح ضحيته عدد كبير من الضباط والجنود، من بينهم العقيد أحمد المنسي.
في “الاختيار1″، وقعت الأحداث في كتيبة عسكرية للصاعقة في منطقة نائية شمال سيناء، في بيئة لا يعلم عنها المصريون الكثير، وكانت بين أفراد القوات المسلحة المصرية وجماعات مسلحة، تدين بالولاء لتنظيم ولاية سيناء، فكان من السهل والطبيعي أن يكتسب المسلسل تعاطف المصريين.
مجزرة وليست بطولة
لكن في “الاختيار 2” يقول الشهود والمشاهدون، إن الوضع مختلف تماما، لأن محاولة اختلاق قصص وأحداث من طرف واحد، “هو غش وتدليس”، خاصة أن ملايين المصريين حضروا تلك الأحداث وعاصروها، وكانوا جزءا منها، وأي محاولة لتزوير التاريخ، ستكون “فاضحة”.
وأكد الكثير من النشطاء الذين عاصروا تلك الأحداث وكانوا جزءا منها، أن الشركة المنتجة للفيلم، اخـتلـقـت أحداثا وروايات، لتحاول تبرئة نفسها بعد نحو 7 سنوات من أكبر مجزرة في تاريخ الشعب المصري، من قبل قوات الجيش والشرطة، وتحويل المجني عليهم إلى جناة.
وكانت منظمات حقوقية محلية ودولية، أجمعت على وصف ما جرى في ميدان رابعة بالقاهرة بأنه “مذبحة”، ووثقوا بالأرقام، سقوط مئات الضحايا بنيران قوات الجيش والشرطة، مع التأكيد على أن الاعتصام كان سلميا ولم يكن مسلحا كما تروج السلطة.
شهادة.. ووصية مرسي
مؤسس تيار الأمة ورئيس حزب الفضيلة، محمود فتحي، وأحد المشاركين في ثورة 25 يناير وما تلاها من أحداث، حتى فض اعتصام رابعة، دعا المصريين إلى تسجيل شهاداتهم الخاصة عن تلك الأحداث، لفضح كذب وتزوير النظام المصري.
وقال فتحي في تصريح إعلامي، “شهادتي على مزاعم تخطيط المعتصمين في ميدان رابعة لتفجير ميدان التحرير في 30 حزيران/ يونيو 2013 التي أوردها المسلسل أن الحقيقة هي العكس تماما، لقد شاركت شخصيا بالتعاون مع مؤسسة الرئاسة، في منع تفجير لا أشك أن الداخلية والمخابرات الحربية وراءه”.
وأضاف: “أحدهم اتصل بي وأبلغني بوجود مركب بالنيل به بلطجية ومتفجرات يعتزمون استخدامها في ميدان التحرير، وإلصاقها بأنصار الرئيس مرسي، فبادرت بالاتصال بالرئاسة، وقاموا من فورهم بالتحرك وضبط المركب ومن عليه”.
ووصف فتحي المسلسل “بأنه جزء من الكذب وتزوير التاريخ والحقائق التي يصنعها العسكر من أجل تضليل الناس، والحقيقة أني حضرت أيضا اجتماعا مع الرئيس مرسي في أول أيام الاعتصام في قصر القبة وقد أكد حينها الرئيس على ضرورة عدم الانجرار للعنف تحت أي ظرف أو سبب”.
وتساءل عضو لجنة الصحة بالبرلمان المصري سابقا، أمير بسام، “أي بطولة مزعومة حينما ينتصر الجيش والشرطة على مجموعة من الأهالي، وأين هؤلاء الأشاوس من الاعتداء على النيل وتسليم تيران وصنافير وحقول الغاز للعدو الصهيوني؟”.
ووصف عضو مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين، أحداث المسلسل بالمهزلة، وقال في منشور له على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: “أما من عاقل أو عقلاء يضعون حدا لهذه المهزلة؟”.
التضليل والتشويه والتزوير
أما الكاتب الصحفي، والأمين العام المساعد السابق للمجلس الأعلى للصحافة، قطب العربي، أحد الشهود على ما حدث قبل وأثناء وبعد فض اعتصام رابعة، أكد أن “المسلسل لن ينصف الضحايا، وقلب للناس الحقائق، كل ما ورد به حتى الآن تضليل وتشويه وتزوير واضح”.
ونفى العربي مشاهد التزوير والأكاذيب في المسلسل، بينها، مزاعم السماح للمعتصمين بمغادرة الميدان من قبل إدارة الاعتصام، وهو غير حقيقي، ومحاولة تصوير أن جميع المعتصمين من فئات “دنيا” أي بسيطة، كالسائقين والعمال والفلاحين والصعايدة في إشارة إلى قيام إدارة الاعتصام بالتغرير بهم، لكن الحقيقة أن الاعتصام جمع كل أطياف المجتمع المصري وطبقاته دون استثناء”.
ويعتقد السياسي والبرلماني المصري، محمد عماد صابر، أن “الاختيار 2″، هو تذليل وتسخير الدراما المصرية لدعم السيسي، حتى لو كان على حساب المزيد من الانقسام وتقسيم المجتمع المصري.
بدوره، وصف الفنان المصري هشام عبد الله، وأحد المشاركين في مظاهرات 30 حزيران/ يونيو 2013 ضد الرئيس محمد مرسي، ما حدث في رابعة “بالمجزرة”، وقال: “دعوت مرارا لتوثيق مجزرة رابعة من خلال عمل درامي محترف على مستوى عالمي يطوف العالم ويكشف حقيقة ما جرى، ولكن لم تجد للأسف آذانا صاغية، وبدلا من ذلك تلقفتها السلطات المصرية وصنعت محتوى معاكسا تماما”.
من جهته نقل الصحفي عبد الله الشامي بعض مشاهداته في ذلك اليوم للرد على “طيبة أمن الدولة”.
المصدر: موقع “عربي21”