في حوار مع الواشنطن بوست: الغنوشي يتحدث عن “الإسلام الديمقراطي” والتجربة التونسية ومستقبل تونس
واشنطن ــ الرأي الجديد (صحف عالمية)
نشر موقع صحيفة “الواشنطن بوست” الأمريكية، تقريرا تحت عنوان: “ما تزال تونس تطرح قضية الإسلام والديمقراطية رغم ضربات الأزمات التي لحقتها”…
Still making the case for Islam and democracy in a Tunisia battered by crises، تضمّن حوارا مع رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي بعد يوم واحد من المسيرة التي دعا لها حزبه السبت الماضي.
واعتبر التقرير، أن الغنوشي رئيس حزب الإسلام الديمقراطي، الأكبر في تونس، أراد توجيه رسالة، مفادها أن حزبا ديمقراطيا اجتماعيا بمرجعية إسلامية، ما يزال بإمكانه لعب دور محوري في تونس والعالم العربي.
حركة النهضة… والوحدة الوطنية
وعادت الصحيفة الأمريكية على مسيرة حركة النهضة يوم السبت بشارع محمد الخامس أكبر شوارع العاصمة التونسية حيث وصفتها نقلا عن مراقبين بأنها أكبر مسيرة تعرفها تونس خلال عقد كامل و رفعت شعار “الوحدة الوطنية”.
واعتبر الغنوشي في مقابلة مع “الوشنطن بوست”، بأن رسالة المسيرة كانت التأكيد على أن جذوة الثورة، لازالت متّقدة في تونس بشكل قوي وفاعل، خلافا لما يدعّي البعض.
وفي إجابته عمّا إذا كانت المسيرة التي رفعت شعارات الوحدة الوطنية ودعم الشرعية، كانت تهدف أيضا إلى إبراز قوة حركة النهضة، قال الغنوشي مؤكدا، “بالطبع”.
وأشاد التقرير بقدرة الحركة الإسلامية في تونس، على الصمود في منطقة سحقت فيها الحكومات الاستبدادية الحركات الإسلامية، حيث ظلت حركة النهضة القوة السياسية الأكثر مرونة وتأثيرا في تونس بعد 10 سنوات على اندلاع شرارة الربيع العربي، غير أن الأزمات السياسية والاقتصادية، التي تعرفها البلاد، كان تحديا أمامها لتأكيد وجودها، بعد تراجع الحركة في نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة.
وأضافت اليومية الأمريكية، بأن الغنوشي الذي عاد إلى تونس فجر الثورة، واستقبله أنصاره استقبال الأبطال، اختار حينها عدم الترشح لأي منصب وطني، وقاد حزبه إلى صدارة المشهد، وصياغة دستور تونس الجديد، ثم انتهاج درب “التوافق” مع الأحزاب العلمانية.
وفي تعليقه على هذا التوجه، اعتبر الغنوشي، أن قناعته كانت تقوم على ضرورة اقتسام السلطة مع العلمانيين، لتجنب كل أنواع الأصولية سواء الإسلامية أو العلمانية، مؤكدا أن حزبه قدم نموذجا للآخرين في المنطقة، فالتنازلات التي قدمتها حركة النهضة للديمقراطية التونسية، مكنتها من تجنب مصائر الأحزاب الإسلامية الأخرى، خاصة في مصر، حيث تم الانقلاب على نتائج الصندوق سنة 2013، بانقلاب دموي على الرئيس محمد مرسي المنتخب ديمقراطيا.
وأشار التقرير، بأن (حركة النهضة) في تونس، استخلصت الدرس المصري، وسعت إلى إقرار مراجعات جذرية في مؤتمرها سنة 2016، باستنباط هوية جديدة تقوم على الإسلام الديمقراطي، عبر فصل الدعوي عن السياسي، وعلق الغنوشي على ذلك بالإشارة إلى أن مصطلح “الإسلام السياسي”، لم يعد ذا جدوى، حيث يجمع تحت مظلة واحدة، الإسلاميين المعتدلين مع الراديكاليين والجهاديين.
التجربة الديمقراطية.. والتحول الديمقراطي
وفيما يتعلق بالانتقادات المتزايدة للتعامل الأمني مع الاحتجاجات، التي تعرفها تونس على خلفية تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وارتفاع نسق بعض الشعارات المناهضة لحركة النهضة وزعيمها، والدعوات لحل البرلمان، وإسقاط كامل المنظومة، اعتبر الغنوشي في حواره مع الصحيفة الأميركية، بأن هناك بعض التجاوزات الأمنية، لكنها لا ترقى إلى درجة تهديد الديمقراطية، غير أنه يقع استغلال ذلك سياسيا من قبل بعض الأحزاب الراديكالية، فالتجربة التونسية تعتبر تجربة نموذجية ورائدة للتحول الديمقراطي في المنطقة العربية.
واستدرك رئيس حركة النهضة بالإشارة، إلى أن حزبه يتحمل جزءا من المسؤولية في تردي الأوضاع الاقتصادية، وهو جزء يتناسب مع حجم مشاركته في الحكومات المتعاقبة، فإدارة الشأن العام، قائمة على المراكمة واستخلاص الدروس.
وفيما يتعلق بمحاولة بعض الأحزاب والكتل البرلمانية، جمع توقيعات النواب لتمرير عريضة سحب الثقة ضده في منصبه رئيسا لمجلس النواب، اعتبر الغنوشي بأنه لا يتوقع نجاح العريضة المذكورة، معتبرا أن ذلك من صميم الممارسة الديمقراطية.
وخلص رئيس البرلمان التونسي، بالإشارة إلى أن نجاح الديمقراطية في تونس، ليست فقط في مصلحة تونس، بل في مصلحة كل العالم، لأن المثال التونسي، هو قصة نجاح للإسلام والديمقراطية، وتفنيد للحكم المسبق على استحالة المواءمة بينهما.
وأشارت “الواشنطن بوست”، إلى أن تفاقم الأزمة الاقتصادية، يثير مخاوف المستثمرين، حيث زادت جائحة فيروس “كورونا”، في تعقيد الوضع الاقتصادي في تونس، التي تحتاج دعم إدارة الرئيس الأمريكي الجديد، جو بايدن، وفي هذا الإطار كان لقاء رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي، بالسفير الأمريكي، دونالد بلوم الأسبوع الماضي.