عودة ترامب تُفاقِم التنافس في المغرب العربي.. والتطبيع مع إسرائيل هو المحدد

الرباط ــ الرأي الجديد
تحت عنوان “من منظور المغرب العربي.. عودة ترامب تفاقم التنافسات الإقليمية”، كتب أستاذ العلوم السياسية في المغرب، عمر بروكسي، في موقع “ميديا بارت” الفرنسي، أنه وكما كان الحال خلال ولايته الأولى، ورغم الحرب في غزة، فإن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيعمل على جعل التطبيع مع إسرائيل قضية إستراتيجية مهمة في المغرب العربي، ويأمل أن ينتشر النموذج المغربي إلى جيرانه.
وقال الكاتب إنه لا بد من القول إن توقعات المغاربة من الرجل القوي الجديد في أمريكا، تتناسب مع ما يعتقدون أنهم تنازلوا عنه بشكل خطير قبل أكثر من أربع سنوات: تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، وهو أمر أصبح موضع نزاع على نحو متزايد، في بلدٍ يكون فيه الملك، أمير المؤمنين، رئيس لجنة القدس (المسؤولة عن الدفاع عن التراث الديني والثقافي للقدس)، وحيث تُعد القضية الفلسطينية “مقدسة”، مثل قضية الصحراء الغربية.
ويواصل كاتب المقال التوضيح، أنه في 10 ديسمبر 2020، أعلن الرئيس ترامب حينها في تغريدة أولى، اعترافه بسيادة المملكة على أراضي الصحراء الغربية، لكنه جعلها مشروطة ضمنًا، في تغريدة ثانية، بتطبيع العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والدولة العبرية. وفي بيان أصدره في اليوم نفسه، بفارق دقائق قليلة، وعد بفتح قنصلية أمريكية في الداخلة، وهي مدينة ساحلية تقع في قلب الصحراء الغربية. وهذا الوعد هو الذي يطرح نفسه اليوم كتحدٍ كبير للدبلوماسية المغربية، بعد أن رأى بايدن أنه من غير المفيد، طيلة فترة ولايته، الوفاء به بعد هزيمة سلفه.
فتح القنصلية في الداخلة: أولوية مغربية
ورغم أن المظاهرات الداعمة لغزة، التي تستمر في المدن الكبرى والمتوسطة في المغرب (حيث يتم حرق العلم الإسرائيلي ودوسه في كثير من الأحيان)، تُعد من بين الأكبر في المغرب العربي، ورغم البيان الأخير للاتحاد الأفريقي، في 16 فيفري 2025، الذي يدعو أعضاءه إلى وضع حدٍ للتطبيع مع إسرائيل، فإن المغرب لا ينوي قطع علاقاته المتميزة مع الدولة العبرية، يقول الكاتب، مضيفًا أن الإدارة الأمريكية الجديدة ستقيس علاقاتها مع المغرب، من بين أمور أخرى، بعلاقاته مع إسرائيل.
وسيعمل ترامب على جعل التطبيع قضية إستراتيجية مهمة، ليس مع المغرب فقط، بل تجاه دول المغرب العربي الأخرى. والهدف هو جعل هذا الاتجاه معديًا، ونوعًا من النموذج الذي يجب اتباعه في منطقة تقاوم إسرائيل.
الواقعية الجزائرية
ويواصل الكاتب تحليله بالإشارة إلى أنه في آخر مقابلة رئيسية أجريت مع صحيفة “لوبينيون” الفرنسية، يبدو أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد تجاوز خطًا أحمر في الدبلوماسية الجزائرية، من خلال الالتزام بالاعتراف بدولة إسرائيل “في اليوم الذي توجد فيه دولة فلسطينية”. ولم يسبق لرئيس جزائري من قبل، أن ذهب إلى هذا الحد، سواء في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، أو بالعلاقات مع الولايات المتحدة.
ومن وجهة نظر الولايات المتحدة، تظل الجزائر شريكًا مميزًا، ولها هدف إستراتيجي: تحسين السيطرة على منطقة الساحل، حيث أصبحت شبكات مكافحة التجسس راسخة بالفعل. في 22 يناير 2025، تم توقيع مذكرة “تفاهم في المجال العسكري” مع الولايات المتحدة، يُشير الكاتب، مضيفًا أن خلف الصفة العسكرية تكمن قبل كل شيء رغبة الأمريكيين في تعزيز تبادل المعلومات مع نظرائهم.
والهدف مزدوج: السماح للقيادة الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم) بتعزيز وجودها في منطقة الساحل، وفي الوقت نفسه مواجهة نفوذ مجموعة فاغنر الروسية في المنطقة.
ويبدو أن البرود غير المسبوق في العلاقات الفرنسية الجزائرية بمثابة ثغرة يمكن للقوات الأمريكية الدخول من خلالها لتعزيز وجودها، والاستفادة من شبكة الاستخبارات الجزائرية في منطقة الساحل.
الاعتماد على تونس
وأخيرًا، يبدو أن تونس هي الأقرب إلى إستراتيجيات التأثير التي ينتهجها العم سام في منطقة المغرب العربي، يقول الكاتب، موضحًا أنه تم تخفيض المساعدات الأمريكية لتونس بشكل كبير من قبل إدارة بايدن بين عامي 2023 و2024، بسبب التوجه الاستبدادي للرئيس التونسي قيس سعيد، وانتهاكات حقوق الإنسان التي تستمر في التفاقم.
لكن، المساعدات الأمريكية لتونس لم تتأثر فعليًا بهذه التخفيضات، ما حافظ على الاعتماد القوي على الولايات المتحدة في مجال الأسلحة.
ويقدم موقع السفارة الأمريكية في تونس البيانات الرسمية النادرة المتعلقة بهذه المسألة، حيث جاء فيه: “منذ عام 2011، استثمرت الحكومة الأمريكية أكثر من مليار دولار في التعاون الأمني مع تونس، بما في ذلك أكثر من 160 مليون دولار في عام 2023”. وهي أرقام تبدو مثيرة للسخرية، مقارنةً بسباق التسلّح الجنوني بين المغرب والجزائر.
إضغط هنا لمزيد الأخبار.