أحداثأهم الأحداثدولي

لقبوه بـ “عرفات صغير” أو “سنوار 2″… كاتب إسرائيلي: الإفراج عن البرغوثي معضلة بالنسبة لإسرائيل

القدس المحتلة ــ الرأي الجديد

قال الكاتب الإسرائيلي، ميخائيل ميلشتاين، في مقاله له على صحيفة “يديعوت أحرونوت”، إن مسألة الإفراج عن القيادي الفلسطيني السجين لدى الاحتلال، مروان البرغوثي، تمثل معضلة بالنسبة لإسرائيل.

وتناول المقال مسألة إمكانية تحرير البرغوثي، في صفقة تبادل أسرى مستقبلية.

ويُشير إلى أن البرغوثي ما يزال شخصية محورية في الساحة الفلسطينية رغم سجنه، ويحظى بشعبية واسعة.

ورغم انقسام القيادات الفلسطينية، فإن البرغوثي يحظى بتأييد شعبي من مختلف الفصائل. حماس ترى في تحريره خطوة استراتيجية لتحقيق مكاسب سياسية، وتعزيز المصالحة الفلسطينية، بينما السلطة الفلسطينية تُظهر موقفًا غامضًا تجاه تحريره، حيث يخشى البعض من منافسته على خلافة محمود عباس، بحسب المقال.

وتاليا المقال كاملا:

معضلة السجين مع الدم على الأيدي.. مروان البرغوثي
“المعلومات الإعلامية عن إمكانية أن يتحرر مروان البرغوثي في صفقة مستقبلية، وينفى إلى تركيا ليست معروفة لنا”، يوضح قسام، ابنه، في حديث أول أمس من رام الله حيث يسكن. بعد أسبوع من عودته من قطر، هناك، كما علم، بحث أبناء العائلة مع كبار مسؤولي حماس في إدراج أبيه في الصفقة، هو يقول في الحديث: “نحن أكثر تفاؤلا مقارنة بالماضي، وواضح أن صفقة فقط ستؤدي إلى التحرر من السجن. كعائلة، لا يهمنا إلى أين يتحرر، حتى ولو إلى كوالا لمبور، ولا حتى تهمنا المعاني السياسية للخطوة”.


رد الفعل من جانب “مسؤول إسرائيلي كبير” على التقارير الإعلامية كان سريعا وقاطعا: “لا يوجد أي بحث في تحرير البرغوثي. مسألة تحرير البرغوثي بحثت لأكثر من عقدين في إسرائيل، وتأكدت جدا منذ 7 أكتوبر، والانشغال الواسع بصفقة يتحرر فيها سجناء أمنيون. على مدى السنين سمعت في الساحة السياسية والإعلامية أصوات – أخذت في التضاؤل – ادعت بان البرغوثي هو زعيم ذو تأثير جماهيري واسع، ورغم أنه كان مشاركا في الانتفاضة الثانية في عمليات، قتل فيها خمسة أشخاص حكم عليها بخمس مؤبدات و 40 سنة، بقي مخلصا للمفاوضات السياسية.

قائمة الداعين إلى تحريره منذ اعتقاله في 2002 ضمت ضمن آخرين، بنيامين بن اليعيزر، جدعون عيزرا وافرايم سنيه وانضم إليهم مؤخرا عامي ايالون. بالمقابل، يعارض الكثيرون تحريره بمن فيهم من يدعون بأن الحديث يدور عن “عرفات صغير” أو عن “سنوار 2” – المتمسك برؤيا كفاحية ومع تحريره سيواصل الدفع قدما بالكفاح العنيف.

البرغوثي هو في نفس الوقت رمز وطني ولغز. الزعيم ابن الـ 65، الذي ولد في قرية كوبر المجاورة لرام الله، يمثل جيلا نما في المناطق في السبعينيات والثمانينيات، يتماثل مع الانتفاضة الأولى، ويقف كبديل متحدٍ لجيل المؤسسين بقيادة عرفات، الذي جاء من تونس وسيطر على قيادة السلطة، في ظل دحر الشبان.

مر البرغوثي بعدة محطات ثبتت مكانته كزعيم، بينها المشاركة في تأسيس الشبيبة، منظمة الشباب والطلاب من فتح؛ ابعادهم إلى الأردن في 1987، نشاطه إلى جانب القيادة التاريخية لفتح، مثل أبو جهاد وأبو اياد؛ العودة إلى المناطق في اعقاب اتفاق أوسلو وإقامة جسم قيادة فتح في الضفة الذي تحدى عرفات؛ وبالطبع العودة إلى الكفاح المسلح في العام 2000، حين منح المساعدة والتوجيه لكتائب شهداء الأقصى من فتح.

    السنوار والبرغوثي: الرجلان اللذان أزعجا إسرائيل دائما 

مثل الكثيرين من أبناء الجيل الضائع إياه، البرغوثي أيضا يعرف إسرائيل جيدا، يعرف العبرية وعقد عددا لا يحصى من اللقاءات مع إسرائيليين قبل الانتفاضة الثانية.

قبل مشعل بكثير
أما اللغز فيتناول حقيقة أنه رغم أن البرغوثي غاب عن الميدان لأكثر من عقدين (نحو ثلث حياته) لا يزال المرشح الأكثر شعبية لقيادة الساحة الفلسطينية. لاكثر من عقد تظهر استطلاعات الرأي العام في المناطق أنه في كل سيناريو انتخابات، يهزم كل منافس بما في ذلك ممثلي حماس. هكذا تبين من استطلاع نشره هذا الأسبوع معهد “اوراد” الذي يعمل في رام الله، بأن 54 في المائة من الفلسطينيين سيؤيدون البرغوثي في الانتخابات للرئاسة، مقابل 10 في المائة فقط، يؤيدون خالد مشعل (التأييد لاسماعيل هنية ويحيى السنوار اللذين صفيا كان أعلى بكثير، لكنهما هما أيضا لم يتفوقا على البرغوثي في الاستطلاعات).

حسب فلسطينيين كثيرين، يعجب الناس بالبرغوثي الرمز، رغم أنهم لا يعرفون مروان الإنسان. عموم الجمهور، وبخاصة الشبان الذين ولدوا بعد أن سجن، يرون فيه تجسيدا للمثل الوطنية، وعلى رأسها المقاومة، الصمود والتضحية.

“القائد مروان هو الزعيم الوحيد الذي يمكنه أن يعيد تشكيل الساحة الفلسطينية المنقسمة، ويرمم فتح من الدرك الذي يوجد فيه التنظيم، والذي منذ إقامة السلطة اندمج مع الحكم، فقد هويته الخاصة وتعفن. البرغوثي قادر على أن يتحكم بالقيادات الميدانية التي نما منها، لكن بالتوازي أن يدير أيضا استراتيجية سياسية مركبة. كمن جاء من الوسط القروي، يفهم لغة واحتياجات الشعب. وحتى من السجن يواصل الاهتمام بمشاكل الفلسطينيين البسطاء وليس فقط بالمسائل الكبرى”، هكذا يشرح أحمد غنيم (أبو ضمير)، من قادة معسكر المؤيدين للبرغوثي ومن سكان شرقي القدس.

“إسرائيل هي الأخرى تفهم تأثيره الواسع وتحاول اغتياله، من خلال إساءة ظروف اعتقاله منذ 7 أكتوبر، ضمن وسائل أخرى، من خلال العزل الطويل وممارسة العنف”.

سيحقق مصالحة داخلية
في حماس أيضا، يفهمون الامكانية الكامنة في البرغوثي، وليس صدفة أنهم يصرون على تحريره. في نظرهم الأمر كفيل بأن يحقق بضعة إنجازات: تثبيت صورة الحرب التي بادرت إليها المنظمة كخطوة وطنية حققت مكسبا لكل الفلسطينيين: عودة زعيم محبوب إلى الميدان قريب من حماس في آرائه، بخلاف معظم زعماء السلطة، يمكنه ربما أن يحقق المصالحة في المستقبل تتيح دخول المنظمة من الحكم في الضفة، وخلق نوع من “الحساب” الذي بسببه، سيشعر أنه مدين للمنظمة بتحرره.

هكذا، في شباط من هذا العام أعلن أسامة حمدان، من قادة حماس في الخارج، بأن المنظمة ستطالب بتحرير زعماء فلسطينيين ليسوا من صفوف حماس، وعلى رأسهم البرغوثي وأحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية.

البرغوثي نفسه يشهد على العلاقات القريبة مع حماس. ومنذ 2002 حاول الدفع قدما بالمصالحة بين فتح والمنظمة، كانت ذروة ذلك في وثيقة السجناء التي صيغت بغموض عمدا ونشرت في 2006. الأساس لكل تسوية مستقبلية مع إسرائيل هو مصالحة فلسطينية داخلية، ومن أجل هذا وضعنا الوثيقة التي بلورت لأول مرة إجماعا مع حماس على خطة سياسية، وفي أساسها الموافقة على إقامة دولة في حدود 1967، تشكل اعترافا بالأمر الواقع بإسرائيل (كل هذا دون التزام من حماس بالاعتراف بها أو الإعلان عن نهاية المواجهة معها).

   دحلان وعباس: لا للبرغوثي رئيسا للسلطة

دحلان يؤيده
السلطة من جهتها تبدي نهجا ملتبسا تجاه تحرير البرغوثي. علنا، يعرض مسؤولوها تأييده له وللكفاح من أجل تحريره من السجن. لكن من الجهة الأخرى هناك غير قليلين في رام الله تقلقهم إمكانية أن يصبح منافسا سائدا في السباق على خلافة أبو مازن،  وأن من شأنه أن يدفع نحو المصالحة مع حماس التي يتحفظ الكثير من كبار رجالات السلطة منها.

سامر سنجلاوي، من قادة معسكر دحلان ومن سكان شرقي القدس، أقل دبلوماسية بكثير: كبار رجالات السلطة يرون في البرغوثي تهديدا. فهو يتمتع بشعبية تبرز صورتهم المتردية، وبعض منهم على الإطلاق يفضلون أن يبقى في السجن”.

محمد دحلان نفسه يرى في البرغوثي حليفا طبيعيا لمعسكر كبار مسؤولي فتح الذين دحرهم أبو مازن إلى الهوامش واعتبرهم كتهديد. في السنوات الأخيرة توثق الحلف بينهما ووجد تعبيره في تعاون سياسي قبيل الانتخابات التي كانت يفترض أن تجرى في 2021، حين أقام الرجلان قوائم فتح منفصلة عن القائمة الرسمية برئاسة أبو مازن وأدارا بينهم علاقة وثيقة.

هذا الانقسام، كان سيؤدي إلى هزيمة فتح، مثلما حصل في انتخابات 2006، لو لم يلغِ أبو مازن الحدث في اللحظة الأخيرة، حين فهم بأن الفشل مضمون.

يشرح سنجلاوي فيقول: “مجموعات كثيرة في فتح تنتظر تحرير البرغوثي، وترى فيه الزعيم الوحيد الذي يمكنه أن يوجد كل الجهات في الحركة المنقسمة، وبخاصة أولئك الذين أبعدوا من صفوفها وعلى رأسهم رجال دحلان وتحقيق إصلاح ديمقراطي داخلي وترميم الصورة الجماهيرية لفتح”.

رغم النفي
التخوف الإسرائيلي من تحرير محتمل للبرغوثي، ينبع أساس من التقدير بأنه سيستغل الحرية للدفع قدما بالعنف. القلق يستند، ضمن أمور أخرى، إلى تصريحاته من سنواته في السجن، والتي برأي الكثيرين تجسد بأنه تطرف في مواقفه. هكذا مثلا كتب في رسالة نشرها في الذكرى السنوية العاشرة لوفاة عرفات في 2014: “المواجهة المسلحة تجسد مكانة طريق عرفات والمباديء التي على أساسها مات آلاف السجناء. على السلطة أن توقف فورا التنسيق الأمني مع إسرائيل، الذي يعزز الاحتلال فقط”.

ورغم النفي في إسرائيل حول تحريره، يوجد احتمال أن نرى البرغوثي يعود لينخرط في الساحة الفلسطينية، قريبا. ويمكن للأمر أن يكون لإبعاده إلى الخارج أو عودته إلى الضفة، وباحتمال أقل إلى قطاع غزة، الفكرة التي طرحها هو أيضا حسب التقارير في وسائل الإعلام في إطار مباحثات الصفقة.

في السيناريو السيء الذي تخشاه إسرائيل، مع تحرره، سيشجع البرغوثي العنف ضد إسرائيل وبالتوازي سيعمل على المصالح مع حماس. مثل هذا السيناريو سيستدعي من إسرائيل أن تعمل وبخاصة إذا ما عمل البرغوثي في الضفة.

مع ذلك، يوجد سيناريو معقد أكثر، تنشأ فيه “معضلة الجولاني 2″، أي السير في طريق زعيم الثوار في سوريا: محاولة بث صورة معتدلة، بما في ذلك إجراء اتصالات مباشرة مع جهات غربية وإسرائيلية، فيما تحوم مسألة هي هذا استعراض تسويقي في الوقت الذي يواصل فيه البرغوثي في داخله وقف بذرة العنف التي ستتفجر مثلما حصل في الانتفاضة الثانية.

حتى لو لم يندرج البرغوثي في الصفقة، فمن المتوقع أن يؤثر على الصورة المستقبلية للساحة الفلسطينية، ومن هنا على الوضع الاستراتيجي لإسرائيل أيضا. يبدو أنه مصمم على التنافس على قيادة السلطة في انتخابات مستقبلية سواء من داخل السجن أم من المنفى. وإذا ما فاز فيها – كما يتبين من الاستطلاعات – ستتعزز صورة “مانديلا” وينشأ على إسرائيل ضغط خارجي وبالتوازي قد يثور اضطراب داخل السلطة التي ستجد نفسها مقودة من رئيس سجن في دولة تقيم معها تنسيقا مدنيا وأمنيا، رئيس يتمسك بالكفاح ضد تلك الدولة ولا تكون معه علاقة جارية. سواء من داخل السجن أم من ميادين رام الله يبدو أن اسم مروان البرغوثي سيشغل سواء إسرائيل أم الفلسيطينيين والشرق الأوسط لزمن طويل آخر.

شاهد أيضا :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى