ما هي أبرز تبعات اغتيال نصر الله على مختلف الأطراف؟ معهد واشنطن يجيب..
واشنطن ــ الرأي الجديد
أكد “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى”، أن الفرصة مواتية للرئيس الأمريكي جو بايدن، لجعل الشرق الأوسط “أفضل حالا” اليوم مقارنة بما كان عليه في 8 أكتوبر، وهو إنجاز ليس بالهين، وذلك عقب اغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني.
وقال المعهد ضمن مقال نشره للكاتب روبرت ساتلوف، إن “اغتيال نصر الله ليس فقط أهم عملية قتل مستهدفة في تاريخ إسرائيل، ولكنه أيضا يمثل الفصل الأول في ما قد يكون مستقبلا جديدا وأكثر أملا للبنان، الجار الشمالي لإسرائيل الذي عانى طويلا”، على حد وصفه.
واعتبر أن هناك ست تبعات لاغتيال نصر الله، وأولها أنه “بعد القضاء على القيادة السياسية والعسكرية لحزب الله بالكامل تقريبا، بدءا من عملية التفجير المذهلة عن بُعد لأجهزة النداء واللاسلكي وصولا إلى اغتيال نصر الله، فمن غير المرجح أن تعلّق إسرائيل عملياتها العسكرية في لبنان”.
وأضاف: “على العكس من ذلك، فإن من المحتمل أن تستغل إسرائيل حالة الفوضى التي يعيشها حزب الله، للقيام بكل ما في وسعها لتدمير القدرات الهجومية للحزب، بما في ذلك ترسانته الكاملة من الصواريخ الموجهة بدقة، وما تبقى من بنيته التحتية للهجمات عبر الحدود في جنوب لبنان. ونأمل أن تحقق إسرائيل أهدافها بسرعة وتتجنب الجاذبية القاتلة المتمثلة في إعادة احتلال الأراضي اللبنانية على المدى الطويل”.
تبعات اغتيال نصر الله
وعن ثاني هذه التبعات، قال المعهد إنه “من المرجح أن يجادل بعض القادة من المستوى الثالث الذين سيتولون قيادة حزب الله، أن نصر الله ورفاقه كانوا عرضة للخطر، لأنهم كانوا يفتقرون إلى أحد الأصول التي كانت لدى حركة حماس في غزة منذ 7 أكتوبر – أي الرهائن. وقد يؤدي ذلك إلى مخططات متهورة لاختطاف أجانب داخل لبنان، ومحاولات لشن غارات عبر الحدود إلى إسرائيل من خلال الأنفاق تحت الأرض، وربما حتى تفعيل الخلايا الإرهابية لحزب الله في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في الولايات المتحدة”.
وثالث هذه التبعات هي أن “إيران راعية حزب الله وممولته ومورده، أظهرت حتى الآن أنها تريد البقاء خارج هذه المعركة، ولكن تقاعسها قد يصبح محرجاً بشكل حاد ويصعب تحمله. وكَوْن نصر الله عربياً، فإنه لم يكن مهماً لطهران بقدر أهمية قائد فيلق القدس قاسم سليماني، الذي أدى مقتله في غارة أمريكية بطائرة مسيّرة عام 2020 إلى هجوم انتقامي ضد القوات الأمريكية في شمال العراق. ولكنه كان أقرب إلى المرشد الأعلى علي خامنئي من أي شخصية غير إيرانية، وسوف يُنظر إلى موته أنه ضربة شخصية”.
إيران.. واستخدام وكلائها
وفي هذا السياق، “لن يكون من المفاجئ أن تطلق إيران العنان لوكلائها – من الحوثيين في اليمن إلى المليشيات الشيعية في العراق وسوريا – ضد أهداف أمريكية وحليفة وإسرائيلية. ولا يمكن استبعاد حدوث عمليات إرهابية بدعم من إيران ضد أهداف سهلة في الغرب. ونظراً لأن إيران اعتمدت على “حزب الله كرادع ضد هجوم مباشر من الولايات المتحدة أو إسرائيل، فإن ضعف الحزب يعني أن إيران أقل احتمالاً لأن تشن هجوما انتقاميا مباشرا ضد إسرائيل، على غرار وابل الصواريخ والطائرات المسيّرة في 13 أفريل”.
وبين المعهد أن “أحد الأمور غير المعروفة بشكل رئيسي هو ما إذا كان الشعور بالضعف لدى إيران، سيدفعها إلى إعادة النظر في استراتيجيتها النووية، حيث أصبح قادتها الآن أكثر تصميما على اكتساب القدرة على امتلاك الأسلحة (النووية) من أي وقت مضى، للتعويض عن خسارة حزب الله لأمينها العام”.
وذكر أن رابع هذه التبعات يتمثل “في حالة الصدمة بسبب التغير المفاجئ في مكانة حزب الله، فقبل أيام قليلة فقط، كان القوة المسيطرة بلا منازع في لبنان، وراء مجرد واجهة لحكومة وهمية، والآن، هناك لحظة من الفرصة للعناصر المتفرقة والمتنازعة غالباً في التحالف المناهض للحزب، لتنظيم صفوفها قبل أن يجد ما تبقى من حزب الله موطئ قدم له ويحاول إعادة فرض سيطرته”.
واعتبر أن “أحد المتغيرات الرئيسية هو ما إذا كان الجيش اللبناني يعتقد الآن أنه قوي بما فيه الكفاية لفرض سلطته باسم الدولة، وما إذا كان يمتلك التماسك والقيادة لاتخاذ هذه الخطوة المصيرية.
السينوار.. والرهائن
والسؤال الآخر هو “ما إذا كانت الجهات الفاعلة الخارجية – من واشنطن إلى باريس إلى الرياض – ستنسق بشكل فعال لتمكين الحلفاء المحليين من ملء الفراغ الذي خلفته حالة الفوضى التي يعيشها “حزب الله”. وقد تكون إسرائيل قد مهدت الطريق، لكنها لا تستطيع تقديم وجبة البنية السياسية الجديدة للبنان. فاللبنانيون فقط – بمساعدة أصدقائهم الأجانب – يمكنهم القيام بذلك. ولكن هذه الإمكانية أصبحت أكثر واقعية اليوم مما كانت عليه في أي وقت في الذاكرة الحديثة”.
وقال إن خامس هذه التبعات يكون أنه “مع اقتراب الذكرى السنوية لهجوم حماس في 7 أكتوبر، فسيكون للنجاح الإسرائيلي الكبير في لبنان تأثيره الخاص على غزة. وأبرز التداعيات هي احتمال زيادة تشدد زعيم حركة حماس يحيى السنوار، في رفضه التخلي عن الرهائن كجزء من أي اتفاق لوقف إطلاق النار، حيث قد يستنتج أن الاحتفاظ بهذا “الأصل”، هو ما أبقاه على قيد الحياة بعد ما يقرب من عام من الحرب”.
وقال إنه “من المرجح أن تكون النتيجة المحتملة تجميد الوضع الراهن غير المرضي في غزة، حيث تكون العمليات القتالية الرئيسية لإسرائيل قد اكتملت فعلياً، ولكن الوضع يبقى في حالة جمود. وفي هذا الطريق المسدود، لا تستطيع حماس أن تشكل تهديداً عسكرياً جدياً ضد إسرائيل، لكن بقايا قواتها القتالية لا تزال كافية لإرهاب السكان المحليين، ومنع أي جهة أخرى من حكم قطاع غزة.
وفي هذا الوضع، سيكون الخاسرون الحقيقيون هم الفلسطينيون المحليون، الذين من المرجح أن يظلوا عالقين بين العصابات المتجولة في الشوارع من كتائب حماس المتضائلة، ولكن ما زالت قوية، والعمليات الإسرائيلية المستهدفة في غزة”.
وضع أمني جديد
وختم المعهد في سادس هذه التبعات بأنه “يجب أن يكون مقتل نصر الله، لحظة يحتفل فيها الأمريكيون بتحقيق العدالة، نظرا لدماء مئات الأمريكيين التي أراقها حزب الله، ولكن هذه أيضا لحظة يجب أن تركز فيها إدارة بايدن على التحول من سعيها العبثي لوقف إطلاق النار في غزة، إلى الاستفادة من الفرص التي قدمتها الصدمة الزلزالية التي أحدثتها إسرائيل لحزب الله”.
وأضاف أنه “باستخدام دبلوماسية حازمة ومنخرطة، يمكن لإدارة بايدن أن تساعد في هندسة نظام أمني جديد يسمح للمدنيين بالعودة إلى منازلهم على طول الحدود بين إسرائيل ولبنان، والعمل مع الشركاء المحليين والدوليين للمساعدة في بناء بنية سياسية جديدة للبنان”.