ما هي أبرز السيناريوهات المتوقعة لما بعد اغتيال الأمين العام لحزب الله؟
عواصم ــ الرأي الجديد
فتح الاغتيال الإسرائيلي لأمين عام حزب الله اللبناني حسن نصر الله، المجال للعديد من المتغيرات والسيناريوهات التي قد تحدث في منطقة الشرق الأوسط على الصعيد السياسي والعسكري، مع تصاعد احتمالية اندلاع حرب إقليمية واسعة.
ويمتد تأثير اغتيال نصر الله من “إسرائيل” ولبنان إلى غزة، وإمكانية إجراء صفقة التبادل، وأيضا إلى اليمن والدور الجديد المحتمل لجماعة أنصار الله “الحوثي”، وبالطبع إلى العاصمة الإيرانية طهران.
تدخل إيراني
وأكد المحلل العسكري لصحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، رون بن يشاي، أن لاغتيال نصر الله تداعيات استراتيجية في المستقبل القريب، وسوف “يتدخل الإيرانيون لأنهم زودوا حزب الله بترسانة من الصواريخ الثقيلة والدقيقة، ويحاولون مساعدة وكيلهم في لبنان على الاحتفاظ بقدراته الاستراتيجية وقدرته على تعطيل أي هجوم إسرائيلي على المواقع النووية الإيرانية”.
وذكر أن ذلك “قد يأتي في شكل هجوم إيراني مباشر على إسرائيل، أو عبر وكلاء في العراق وسوريا، ولكن يتعين على إسرائيل أن تكون مستعدة لاحتمال استيلاء القادة الإيرانيين على قوات حزب الله وأسلحته وقيادة القتال”.
وبين أنه “من الصعب أن نقول كيف ستؤثر هذه الأحداث على المفاوضات لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين من أسر حماس، والسنوار رأى ما حدث لنصر الله، ويفهم أنه قد يواجه مصيرا مماثلا، ولكن من ناحية أخرى، قد يؤدي الاغتيال إلى حرب إقليمية كانت أمله ونيته منذ البداية، في هذه الحالة، لا يوجد سبب يدفعه إلى الموافقة على صفقة لإطلاق سراح الرهائن”.
قياس العواقب
بدورها، أكدت صحيفة “الغارديان”، أنه من الصعب قياس العواقب المترتبة على اغتيال نصر الله، وسوف يتوقع المتشائمون تصعيدا هائلا، مع سعي إيران إلى إعادة تأكيد قوتها والانتقام لمقتل زعيم كان أحد أهم أصولها في الخارج.
وأضافت الصحيفة أنه “قد يزعم المتفائلون أن إيران نجحت فعليا في إبعاد لاعب رئيسي عن الصراع، الأمر الذي ردع طهران، وفتح الطريق أمام نوع من التخفيف من حدة الأعمال العدائية، إن لم يكن إنهاءها”.
وقالت إن “إيجاد بديل لنصر الله سيكون صعبا للغاية بالنسبة لحزب الله وإيران، فحتى من دون القضاء على كبار القادة على يد إسرائيل خلال الأشهر الأخيرة، لا يوجد في الحركة أحد يقترب من مكانة نصر الله الإقليمية أو خبرته أو نفوذه”.
وأشارت إلى أنه “من الواضح الآن أن إسرائيل قادرة على جمع المعلومات الاستخباراتية الحاسمة في الوقت المناسب من قلب حزب الله، والتصرف على أساسها بفعالية، ومن المرجح أن يكون متوسط العمر المتوقع لأي أمين عام جديد قصيرا للغاية”.
ماذا ستفعل إسرائيل؟
أما شبكة “سي إن إن” فقد أوضحت في تحليل لنيك باتون والش أنه “حتى الآن لم نشهد وابلا من الصواريخ من حزب الله يتسبب في أضرار جسيمة ومعروفة لأهداف إسرائيلية، وقد يحدث هذا إذا قررت القيادة المتبقية لحزب الله أنها مضطرة إلى إظهار بعض أشكال القوة العسكرية، في محاولة لإنقاذ الروح المعنوية في المنطقة”.
وأضافت الشبكة أن هذه القيادة، “إذا حاولت إظهار قوتها وفشلت، بسبب اعتراضات إسرائيلية، فإن هذا من شأنه أن يزيد من خسارتها لماء الوجه”.
وذكرت أن “إيران أظهرت قدرة هائلة على تحمل الألم على مدى الأشهر الماضية، وربما يكون لديها رؤية أبعد مدى، ويتعين على الغرب وإسرائيل أن يتنبها إلى التغيير الواضح في وتيرة تخصيب اليورانيوم في إيران، وأن يخشيا خسارة الحرب الأوسع نطاقا لمنع الانتشار النووي في منطقة عاجزة عن التراجع عن حافة الهاوية”.
وأوضحت أن “الأهم من ذلك كله هو الخطوات التالية التي ينبغي لإسرائيل أن تتخذها، فقد أظهرت إسرائيل أنها تتمتع بميزة استخباراتية، وقوة عسكرية، وتسامح مع الإدانة الدولية للخسائر المدنية، الأمر الذي يسمح لها بمواصلة الضربات متى شاءت، ولكن هذا من شأنه أن يحول أسبوعين من الضربات الوحشية، إلى خسارة أخرى طويلة الأجل لهيبة إسرائيل”.
وأكدت أن “نتنياهو يواجه حاليا خيارا حاسما، فهل ينقذ الأسبوعان الماضيان سمعته المحلية في مجال الأمن، ويضعانه في وضع أفضل لمواجهة القضايا المرفوعة ضده؟ أم أنه يحسب مرة أخرى أن الحرب المستمرة دون اتجاه استراتيجي واضح، هي أفضل وسيلة له للمضي قدماً؟”.
قرار دراماتيكي
وفي تحليل لخبراء المجلس الأطلسي، وهو مؤسسة بحثية أمريكية في مجال الشؤون الدولية، جرى التأكيد على أنه من المشكوك فيه أن يواجه آية الله علي خامنئي، منذ توليه منصبه كمرشد أعلى لإيران، مثل هذا القرار الدراماتيكي، نظرا لأن اغتيال نصر الله يضع إيران في “مأزق صعب للغاية بين رد فعل حاد على إسرائيل، مما يهدد باندلاع حرب إقليمية، وعدم رد الفعل، مما سيلحق ضررا عميقا بشبكة وكلائها المسلحين في محور المقاومة”.
وأضاف المجلس أنه في الوقت نفسه، من المرجح أن يتم فحص مسألة الردع النووي الإيراني مرة أخرى، نظرا لحقيقة أن حزب الله “كان أداة الردع الرئيسية لإيران ضد إسرائيل، ومنعها من مهاجمة مواقعها النووية”.
وذكر أن العواقب المترتبة على هذه المعضلة بالنسبة لإيران ومحور المقاومة، بالغة الأهمية، ذلك أن أي رد فعل إيراني من شأنه أن يعرضها للخطر في حالة اندلاع حرب، وأن يخلق مواجهة غير مرغوبة على الإطلاق مع الولايات المتحدة، ولكنه من شأنه أن يبعث برسالة إلى المحور، تؤكد التزام إيران به، ويثني “إسرائيل” عن إلحاق الأذى بإيران.
وأشار إلى أن “أي قرار يتخذه خامنئي سوف يكون له تأثير عميق على استمرار الحرب وفي أي سيناريو، سوف تسعى طهران إلى إعادة استقرار حزب الله، وإعادة بناء قوته، ولكن من دون نصر الله، فإن الأمر سوف يكون بالغ التعقيد”.
الحاجة إلى خطتين
وفي تحليل آخر، أكد المجلس الأطلسي أن “إسرائيل” بحاجة إلى خطتين لما بعد الحرب في لبنان، إذ أنها لم تقرر بعد خطة شاملة لما بعد الحرب في غزة، ولكن بالنسبة لحربها مع حزب الله في لبنان، فإنها الآن بحاجة ليس إلى خطة واحدة، بل إلى خطتين لما بعد الحرب.
وقال المجلس إنه “من المؤكد أن حزب الله سيطلق مئات أو آلاف الصواريخ والقذائف على إسرائيل خلال الساعات الست والتسعين القادمة، ردا على مقتل نصر الله وكبار قادة حزب الله، وسوف تشكل قدرة الجيش الإسرائيلي ودفاعاته الصاروخية على تعطيل أو اعتراض هذه الإطلاقات اختبارا أعظم لاستراتيجية إسرائيل، مقارنة بالجهود التي بذلت في الثالث عشر والرابع عشر من أفريل، والتي أسقطت كل الطائرات بدون طيار والصواريخ الإيرانية تقريبا”.
وأضاف أن “إسرائيل سوف تواجه على الفور تقريبا، الاختيار بين شن غزو بري مخطط له لجنوب لبنان، بهدف تحقيق ما فشل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في تحقيقه، بعد أن أصدر القرار 1701 في عام 2006: تحييد قدرة حزب الله على إطلاق الصواريخ والقذائف القصيرة المدى على شمال إسرائيل، حتى يتمكن عشرات الآلاف من الإسرائيليين من العودة إلى ديارهم”.
إسرائيل بين الخارج والداخل
وأوضح: “سوف يكون لهذه الحملة هدف متواضع نسبيا، يتلخص في تدمير المواقع العسكرية ومخابئ الأسلحة التابعة لحزب الله جنوب نهر الليطاني، وتأمل إسرائيل في التوصل إلى وقف لإطلاق النار لا يعيد حزب الله قواته بعده إلى الحدود، ويتوقف إطلاق الصواريخ والقذائف، وعندئذ قد تتمكن إسرائيل من سحب قواتها البرية، وسوف يظل حزب الله موجودا كقوة رئيسية في السياسة اللبنانية، وسوف يعود السلام الهش كما حدث بعد حرب إسرائيل وحزب الله في عام 2006، وهذه هي الخطة الإسرائيلية المحتملة لما بعد الحرب”.
واعتبر أن “المشكلة هنا هي أن الحملة الإسرائيلية قد لا تنتهي على هذا النحو، فإذا ألحق حزب الله أو إيران أضرارا جسيمة بإسرائيل، فقد يواجه زعماء إسرائيل ضغوطا من داخل الائتلاف الحاكم الحالي ومن الجمهور الإسرائيلي، لتوسيع نطاق الحرب إلى حد أكبر، من أجل تحقيق الهزيمة الاستراتيجية لحزب الله”.
وذكر: “من المرجح أن يتطلب هذا غزوا بريا لمعقل حزب الله في وادي البقاع، وشن حملة جوية وربما برية على المناطق الحضرية في جنوب بيروت، وقبل أن تسلك إسرائيل هذا الطريق، يتعين عليها أن تأخذ على محمل الجد الحاجة إلى خطة قابلة للتطبيق لما بعد الحرب، تقوم على التزامها المعلن بأن حربها موجهة ضد حزب الله وليس ضد الدولة اللبنانية”.
وأكد أن “أي خطة لما بعد الحرب ـ أو الفشل في وضع خطة ـ من شأنها أن تعيد صياغة الترتيبات السياسية في لبنان على نحو جذري، بحيث يصبح حزب الله دولة داخل الدولة، والواقع أن التخطيط لما بعد الحرب في غزة بسيط، بالمقارنة بخطة ما بعد الحرب الثانية في لبنان، التي سوف تحتاج إليها إسرائيل على نحو عاجل”.
الحوثيون: خيار إيران “البديل”
وأكد المجلس الأطلسي أيضا، أن استشهاد نصر الله لن يؤدي إلى تدهور عمليات الحوثيين، على الرغم من العلاقة الوثيقة مع حزب الله، بل على العكس من ذلك، من المرجح أن يواصل الحوثيون شن هجمات كبرى على “إسرائيل”، وسفن الشحن في البحر الأحمر، باعتبار أنهم يردون على اغتيال نصر الله.
وأضاف أنه “من الممكن أيضا أن يؤدي استمرار العمليات واسعة النطاق، فضلا عن تراجع نفوذ حزب الله بعد مقتل زعيمه الأقدم، إلى تمكين الحوثيين وزعيمهم عبد الملك الحوثي من الاضطلاع بدور أكثر بروزا داخل شبكة إيران من الوكلاء والحلفاء”.
واعتبر أنه “قد يتحقق هذا مع بدء الحوثيين في العمل وإعلان مسؤوليتهم عن الهجمات خارج الحدود اليمنية وتولي دور أكثر مركزية في استراتيجية فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي”.
بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن “تعطي إيران الأولوية للجهود الرامية إلى تسليح الحوثيين بالتقنيات التي يمكن أن تزيد من تأثير العمليات الحوثية، بما في ذلك الأسلحة المتقدمة مثل الصواريخ التي تم الحصول عليها من دول أخرى مثل روسيا”.