منظمة حقوقية تونسية: الوضع في البلاد لا يسمح بانتخابات ديمقراطية وتعدّدية.. ومن شأنه إرساء حكم فردي تتغول فيه الرئاسة
تونس ــ الرأي الجديد
أشارت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، إن السلطة القائمة في تونس، واصلت تنفيذ مسار انتخابي على قياسها، دون أي اعتبار لمواقف أغلب المتابعين والمعنيين بالعملية الانتخابية، من أحزاب وحساسيات سياسية ومنظمات المجتمع المدني وخبراء، ودون احترام المعايير الدولية للانتخابات. مثلما نبهت لذلك مختلف تلك القوى.
واعتبرت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، أن الانتخابات الرئاسيّة المزمع تنظيمها يوم 6 أكتوبر القادم، تأتي في ظل أزمة شاملة تعيشها البلاد، وفي وضع تفاقم فيه فقدان التونسيات والتونسيين للثقة في المستقبل، والأمل في حياة كريمة، وظروف عيش أفضل، بما يحد بشكل صارخ من ممارسة المواطنات والمواطنين، لحقهم في “المشاركة السياسية وإدارة الشأن العام وحرية الاختيار، ويضع نزاهة الانتخابات وديمقراطيتها ومدى تعبيرها عن الإرادة الشعبية، محل التساؤل”.
وذكرت الرابطة، أن البلاد تعيش منذ أسابيع على وقع المسار الانتخابي المفضي للانتخابات الرئاسية ليوم 6 أكتوبر القادم، والتي لم يعلن رسميا عن تنظيمها إلا بصدور الأمر المتعلق بدعوة الناخبين بتاريخ 2 جويلية الفارط، أي قبيل انقضاء الأجل الأقصى لإصداره، “مما عزز الغموض حول مدى رغبة رئيس الجمهورية في الوفاء لهذا الاستحقاق”، وفق تقدير الرابطة..
واعتبرت أن ذلك، ضيّع على المجتمع التونسي وقواه الحية، وقتا طويلا، كان من الأجدر أن يشهد نقاشا عاما حول شروط انجاز انتخابات ديمقراطية وتعددية ونزيهة وآليات توفيرها.
الحكم الفردي.. وانتخابات غير تعددية
وشددت الرابطة، على أن الوضع في البلاد، يتّسم بمناخ سياسي لا يسمح بانتخابات ديمقراطية وتعدّدية، “بما أنه يرتكز على إرساء حكم فردي تتغول فيه رئاسة الدولة على بقية المؤسسات، وتخضع فيه السلطة التنفيذية بقية السلط والمؤسسات المستقلة والتعديلية، ويهمش دور الهياكل التمثيلية والأجسام الوسيطة، ويتم تصحير الحياة السياسية عبر شيطنة الأحزاب والعمل السياسي”.
ويشير بيان الرابطة، إلى “إخضاع القضاء وتحويله إلى عصا بيد السلطة القائمة، لضرب معارضيها وخصومها، عبر استعمال ترسانة من القوانين والمراسيم القمعية، وعلى رأسها المرسوم 54 لسنة 2022”.
ولفتت الرابطة، إلى ما وصفته بــ “تصاعد أشكال التضييق على الحريات وانتهاكات حقوق الانسان”، حيث تكثفت شتى الملاحقات ضد النشطاء السياسيين والمدنيين المعارضين والصحفيين المستقلين، “في قضايا غابت فيها أبسط شروط المحاكمة العادلة، وتم خلالها الدوس على حقوقهم الأساسية، ورافقتها في أغلب الأحيان حملات التخوين والتحريض ضد كل نفس معارض أو ناقد”.
المسار الانتخابي.. ضدّ نزاهة الانتخابات
فضلا عن تصاعد التضييق على حريّة التعبير والصحافة والإعلام، وتواصل وضع يد السلطة على المؤسسات الإعلامية العمومية والسعي إلى اخضاع بقية المؤسسات والمنابر الإعلامية من أجل طمس التنوع في المشهد الإعلامي وتحويلها إلى بوق دعاية.
وخلصت المنظمة الحقوقيّة إلى أن المسار الانتخابي لا يؤسس، قانونا وممارسة، لانتخابات نزيهة وشفافة، خصوصا من خلال ما جاء بدستور 2022 والنصوص القانونية والتراتيب التي تلته من شروط إضافيّة تحد من حرية الترشح.. بالإضافة إلى إضعاف المؤسسات الرقابية الضامنة لنزاهة الانتخابات وشفافيتها.
ويُقدّر المتابعون للشأن العام أن ما أضافته هيئة الانتخابات، من شروط تفصيلية وردت في قراراتها الترتيبية، وتعقيدا للإجراءات من خلال المطالبة ببطاقة السوابق العدلية، وإعلان الهيئة سلطتها وولايتها العامة على رقابة الشأن الانتخابي، هي كلها عوامل تقلص من حظوظ المترشحين وتضرب مبدأ تكافؤ الفرص للجميع.
كما يتجلّى هذا التحجيم في إخضاع ممنهج للسلطة القضائية وتحويلها من سلطة رقابية مستقلة على العملية الانتخابية وضامنة للحقوق والحريات إلى وظيفة لتصفية الخصوم السياسيين وأغلب المترشحين لحرمانهم من حق المشاركة فيها، هذا فضلا عن عدم تركيز المحكمة الدستورية.
خطاب الكراهية والتخوين
وأشارت الرابطة إلى “انتشار خطاب الكراهية والتشويه والتخوين، والدعوة للعنف والانتقام من كل من يخالف أو يعارض الرئيس في بعض مواقع التواصل الاجتماعي، وحتى داخل المؤسسة التشريعية، في ظل تجاهل وصمت مريب في أغلب الحالات من قبل النيابة العمومية”.
واعتبرت المنظمة الحقوقية، أن “استمرار الوضع الحالي، يعني أن المناخ الانتخابي لا يمكن أن يكون مناخا ديمقراطيا وسليما ونزيها وشفافا وتعدّديا حرّا ضامنا للانتقال السلمي للسلطة”.
كما اعتبرت أن كل المؤشرات تؤكد أن “الانتخابات الرئاسية المقبلة، لا يمكن أن تكون نزيهة وشفافة، ولا تضمن تعددية حقيقية، ولا مساواة حقيقية بين مختلف المترشحات والمترشحين، وهي بالتالي لن تعبّر عن حقيقة الإرادة الشعبيّة”.
وحدة المعارضة والقوى السياسية
ودعت الرابطة كافة مكوّنات المجتمع المدني والقوى الحيّة الديمقراطية التقدميّة إلى مراكمة النضالات وتوحيد الصفوف والجهود من أجل التصدّي للانحراف بالسلطات والدفاع عن الحقوق والحريّات العامة والفرديّة وإلى العمل المشترك من أجل المحافظة على مكتسبات الثورة التي حققها الشعب التونسي.