أهم الأحداثالمشهد السياسيوطنية

“أنا يقظ”: قيس سعيّد لم يحقق سوى 12.5٪ من وعوده خلال عهدته الرئاسيّة (التفاصيل)

تونس ــ الرأي الجديد / حمدي لزرق

قال تقرير جديد لمنظمة “أنا يقظ”، بشأن حصيلة خمس سنوات من حكم الرئيس، قيس سعيّد، إلى أنّ 9 وعود فقط تحقّقت من أصل 72 وعدا تعهّد به رئيس الجمهوريّة، أي بنسبة 12.5٪.

وخلص التقرير ، الذي جاء بعنوان: “سعيّد ميتر”، إلى أنّ عهدة الرئيس الحالي، سجلت حصيلة سلبية للغاية، إذ توقفت المنظمة في تقريرها، عند 9 وعود في طور الإنجاز (بنسبة 11%)، و 33 وعدا لم يتحقّق ( 46٪)، و22 وعدا تم القيام بعكسها (بنسبة 30.5٪).
ووصفت المنظمة، أداء رئيس الجمهورية بــ “السلبي”، مقارنة بما وعد به، إذ إنّ 9 وعود فقط تم تحقيقها من أصل 72 أي بنسبة 87.5٪.

مادة التقرير
وبنت منظمة “أنا يقظ” تقريرها واستنتاجاتها، على الوعود التي التزم بها رئيس الجمهورية خلال تحمّله لمنصب رئاسة الجمهورية، والوعود التي سبقتها خلال حملته الانتخابية..

واعتمدت في هذا السياق، على الصفحة الرّسمية لرئاسة الجمهورية، وموقعها الإلكتروني، كمصدر رئيسيّ لتجميع الوعود التي قطعها رئيس الجمهورية قيس سعيّد منذ 23 أكتوبر 2019، وذلك من حيث الوعود التي أطلقها خلال مناظرات الانتخابات الرئاسية لسنة 2019، وعبر جلسة أداء اليمين الدستورية أمام مجلس نواب الشعب، إلى جانب المعلومات المنشورة والمتاحة للعموم بوسائل الإعلام المعترف بها قانونا، وعلى المواقع الرسمية لمختلف هياكل الدولة والرّائد الرسمي للجمهورية التونسيّة.

أصناف الوعود
وقسمت المنظمة، وعود سعيّد، إلى 13 مجالا، منها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وفق 4 أصناف من الوعود، هي:
– وعد تحقق: أي أنّه تم تحقيقه على أرض الواقع.
– وعد في طور الإنجاز: أي أنّ الوعد لم يتحقّق بعد لكن تمّ البدء في تحقيقه.
– وعد لم يتحقّق: أي أنّ الوعد ما يزال حبرا على ورق ولا توجد أيّ معلومة حول تحقيقه أو مدى التطوّر في تنفيذه.
– وعد قام بعكسه: أي أنّ الوعد لم يتم احترامه بتاتا، بل تمّ تنفيذه عكسيّا.

إعلاق المؤسسات.. “باي باي” الديمقراطية
وأقرّت المنظمة في تقريرها، بـ “فشل رئيس الجمهورية في تحقيق 7 وعود، من بينها تمكين الشعب من التعبير عن إرادته”، وذلك من خلال الحديث عن نتائج الاستشارة الالكترونيّة، مشيرة إلى أنّه رغم وجود 38٪ من المشاركين في الاستشارة، قد اختاروا فقط “تعديل الدستور”، انتهج رئيس الجمهورية نهج التغيير الكلّي للدستور.
   إغلاق البرلمان في 2021

ومن بين الوعود ذات الصبغة السياسية والتشريعية، ولم تتحقّق أشار التقرير إلى “بناء تاريخ جديد لتونس يقوم على ديمقراطية حقيقية”، معتبرة أنّ “المسار الذي انتهجه سعيّد، لم يكن ديمقراطيّا، وتعمّد الهدم المتواصل للمؤسسات”.
وعددت “أنا يقظ”، الخطوات التي اتخذها رئيس الجمهورية، منذ إعلانه ما يعرف بــ “التدابير الاستثنائية في 25 جويلية 2021″، حيث تشير إلى أنّه انطلق في تعليق أعمال أو تغيير المؤسسات التعديلية المستقلة، وذلك بــ :

ـــ إغلاق الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بالقوة العامة، وعدم استئنافها لأعمالها إلى حدّ اليوم،
ـــ حلّ المجلس الأعلى للقضاء المنتخب، وتعيين مجلس وقتي ضعيف الصلاحيات،
ـــ عديد الهيئات تشهد شغورات في عضويتها، تحول دون عملها وذلك على غرار هيئة النفاذ إلى المعلومة، والهيئة العليا للاتصال السمعي البصري.
ـــ فشل في تحقيق “الصلح الجزائي، وتمكين الدولة من استرجاع 14 ألف و500 مليار”، حيث لم يتم استرجاع سوى 26 مليون دينار إلى غاية موفى جانفي 2024 مع 14 متصالحا فقط.

ـــ تركيز المحكمة الدستوريّة، التي تعهّد بها بتاريخ 27 جويلية ،2022 خلال اجتماعه برئيسة الحكومة نجلاء بودن، عندما دعاها إلى “ضرورة إعداد مشروع نصّ آخر لتنظيم المحكمة الدستورية، تطبيقا لأحكام الدستور الجديد وضمانا حقيقيا لعلويّته”، لكن إلى الآن، لم يتمّ إعداد أي نصّ يتعلق بالمحكمة الدستورية، ولم يتم حتى نجرد التداول في شأنه.
     إحدى المظاهرات التي طالبت بإنهاء الاحتجاز القسري للمعتقلين السياسيين 

استمرار حالة الطوارئ..
ولم يكتف قيس سعيّد ــ وفق المنظمة ــ بعدم تحقيق الكثير من الوعود، بل قام بعكس ما وعد به في بعض الملفات، على غرار، وعده مثلا، بتغيير الأمر عدد 50 لسنة 1978 مؤرخ في 26 جانفي 1978 المتعلق بتنظيم حالة الطوارئ. وأكّد التقرير أنّه وإلى اليوم لم يتقدّم بأيّ خطوة أو مقترح لتنقيح أو لإلغاء هذا الأمر أو تعديله، بل بالعكس فقد تمّ التمديد في حالة الطوارئ دون انقطاع، بل تمّ تفعيل فصوله بصفة واضحة إبّان إقراره للتدابير الاستثنائية وذلك بوضع أشخاص تحت الإقامة الجبرية.

تجاوزات قانونية للسلطة

واعتبر تقرير “أنا يقظ”، أنّ سعيّد، قام بعكس ما وعد به، عندما لم يحرّك رئيس الجمهورية ساكنا، لوضع حدّ للتجاوزات القانونية للسلطة، التي خالفت القانون، واحتجزت قسريا شخصيات سياسية متهمة بما يعرف بقضية “التآمر على أمن الدولة”، رغم مرور مدّة الاحتفاظ القانونية المقدّرة بـ 14 شهرا، وما يزال الاحتجاز، متواصلا إلى حدّ اليوم، وهذا عكس تأكيده الدائم على تطبيق القانون على الجميع على قدم المساواة ومنع تجاوزه، وفق ما تقول المنظمة.

4 وعود فقط محققة

في المقابل حقّق قيس سعيّد 4 وعود تتعلّق بتنظيم الاستفتاء وبتنظيم انتخابات تشريعية وانتخابات مجلس الجهات والأقاليم وإحداث مؤسسة فداء.

الحريات.. واستقلاليّة القضاء: الفشل 
واعتبرت المنظمة، أنّ “قيس سعيّد فشل فشلا ذريعا، بخصوص الوعود المتعلّقة باستقلاليّة القضاء، فقد تعهّد بــ 4 وعود، لم ينفّذها جميعا، بل قام بعكس ما وعد به في 3 منها.

** وعده بضمان استقلاليّة القضاء، قابله تعيين مجلس أعلى مؤقت للقضاء لتطويع “الوظيفة القضائية”، لحساب “الوظيفة التنفيذية”.

** الوعد بإعداد مرسوم يتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء، بمشاركة القضاة أنفسهم، قابله إعداد مرسوم المجلس الأعلى للقضاء بصفة أحادية.

** لم يقطع سعيّد ــ حسب المنظمة ــ مع ممارسات التدخّل في القضاء، كما وعد بذلك، بل وسّع صلاحيّاته لييسّر مسألة التدخّل في القضاء، وفق ما نص تقرير أنا يقظ.
** الوعود بضمان الحقوق والحريّات، واحترام دولة القانون والمسار الديمقراطي، والتعهّد بعدم اعتقال أحد من أجل رأيه عدم المساس بحقوق الإنسان واحترام الحريات، بما فيها حرية التعبير والتظاهر، فمن بين 4 وعود، لا يوجد إلا وعد واحد في طور الإنجاز، بينما قام سعيّد بالعكس في 3 وعود.

وأكد التقرير، أنّ هذه الوعود قابلها:

* تقهقر ترتيب تونس من المرتبة 58 سنة 2019 إلى المرتبة 72 لسنة 2023 في مؤشر دولة القانون،
* اعتقالات بالجملة من أجل آراء سياسيّة، وتتبّع 33 من السياسيين،
* إصدار أحكام في حقّ أغلب الناشطين السياسيين، على معنى أحكام المرسوم عدد 54 منذ دخوله حيّز التنفيذ.

الوعود بالتنمية… حبر على ورق
بخصوص الوعود المتعلقة بالقدرة الشرائية للمواطن، وتوفير المواد الأساسيّة، رصد التقرير 10 وعود لم ينفّذ منها سعيّد سوى وعد واحد، في حين قام في 6 منها بعكس ما وعد.

ـــ إذ لم ينجح سعيّد في مكافحة المضاربة والاحتكار،
ـــ لم يحقّق مرسوم مقاومة المضاربة غير المشروعة، أيا من أهدافه،
ـــ تواصل فقدان المواد الأساسيّة.

التجويع والتنكيل.. لا تغيير
وأوضحت منظمة “أنا يقظ”، أنّ وعد الرئيس سعيّد، بحماية الشعب التونسي من التجويع والتنكيل به، قام بعكسه تماما، من خلال:

ـــ انحدار القدرة الشرائية للمواطنين منذ سنة 2019 بصفة ملحوظة، خاصّة مع ارتفاع نسبة التضخّم من 6.9٪ معدّلا، لنسبة التضخّم سنة 2019 إلى 9.3٪ سنة 2023، وفق بيانات المعهد الوطني للإحصاء.
ـــ ارتفاع متواصل في نسبة الفائدة المديرية التي يعود جزء منها إلى المجموعة الوطنية، فيما وعد سعيّد، بالحط قدر الإمكان من نسبتها، فقد تمّ الترفيع منها مرّتين منذ 25 جويلية 2021، لتصل أعلى نسبها، إذ مرّت من 6.25٪ في جويلية 2021، لتصل إلى 8٪ في جويلية 2023.
ـــ فشل في تحقيق الاكتفاء الذاتي، والعودة للبذور التونسية، حتى لا تبقى بلادنا رهن من يبيع البذور، التي لا تثمر إلّا لموسم واحد، فيما تواصل ارتفاع حاجيات البلاد لتوريد الحبوب.
ـــ ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية خلال آخر تحيين للمعهد الوطني للإحصاء، بتاريخ أفريل 2024 بنحو 9.2٪ باحتساب الانزلاق السنوي، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 9.2٪، فيما وعد سعيّد، بالتصدّي للترفيع في أسعار المواد الأساسيّة..

وأشار التقرير إلى أنّ مجالات كثيرة أخرى، شهدت تراجعا كبيرا، ولم تعرف تحقيق الوعود المتعلّقة بها، على غرار الصحّة والنقل والتعليم والبيئة والثقافة وحتّى القضيّة الفلسطينيّة.

يذكر أنّ “الميتر”، هي مبادرة أطلقتها منظمة “أنا يقظ” منذ سنة 2015، ودأبت على تطبيقها على جميع رؤساء الجمهورية، وكل رؤساء الحكومات الذين تعاقبوا على المسؤولية.

ويهدف الميتر، بصفة عامّة، إلى مزيد ترسيخ ثقافة المساءلة والمحاسبة، وتشجيع أصحاب القرار، على الالتزام بوعودهم، أو عدم الإدلاء بوعود صعبة التحقّق مستقبلا.

شاهد أيضا :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى