مفكر إيطالي كبير: حرب إسرائيل هي تطهير عرقي.. ونعيش مرحلة تاريخية من الاضطراب العالمي
روما ــ الرأي الجديد
يرى الأكاديمي والمؤلف الإيطالي إنزو باتشي وهو واحد من علماء الاجتماع البارزين في إيطاليا المختصين بعلم الاجتماع الديني وبالدراسات الإسلامية، أن الحركات الطلابية طرحت موضوعا تم التعامل معه بحذر حتى الآن في أوروبا وحتى في الولايات المتحدة الأميركية وهو أن انتقاد سياسات الحكومات الإسرائيلية لا يعني أن تكون معاديا للسامية.
ويشير باتشي إلى أن جميع الصراعات الكبرى الدموية في أجزاء مختلفة من العالم (بما في ذلك الحرب الأهلية في السودان أو تراكم التوترات والعنف في منطقة الساحل بأكملها تقريبا)، تتميز بمواجهة مباشرة أو غير مباشرة، خشنة أو ناعمة بين القوى الإمبريالية الجديدة الكبرى (لم تعد مجرد قوتين) والقوى الإقليمية (النشطة والمتنافسة بشكل متزايد في جميع سيناريوهات الصراع في العالم المعاصر).
ويعتبر أن الحوار (على قدم المساواة) بين عربي وغربي ليس صعبا عندما نحرر أنفسنا من عبودية الصور النمطية التي كدسها التاريخ في أذهاننا.
نقد سياسات إسرائيل.. ومعاداة السامية
ومع ذلك، طرحت الحركات الطلابية بقوة موضوعا تم التعامل معه بحذر حتى الآن في أوروبا وحتى في الولايات المتحدة الأميركية: انتقاد سياسات الحكومات الإسرائيلية لا يعني أن تكون معاديا للسامية. هذه ليست نتيجة ضئيلة إذا كنت تفكر في حجم الاحتجاجات التي وقعت في الجامعات.
وعلى سبيل المثال، أي شخص دخل المبنى المركزي لجامعة بادوفا التاريخية (احتفلت بالذكرى السنوية الـ800 لتأسيسها العام الماضي) ونظر بدهشة إلى الخيام التي أقامها الطلاب باسم انتفاضة الجامعة لصالح فلسطين، لم تظهر أي علامات على سوء الفهم أو الإدانة. أي أن الحركات أعربت عن شعور واسع النطاق بالتضامن تجاه الشعب الفلسطيني وانتقاد الحكومة الإسرائيلية، مع كل الخلافات التي لا تزال القضية المعقدة للصراع في فلسطين تثيرها.
الأمم المتحدة.. ومستقبلها
فقد دخلنا مرحلة تاريخية من الاضطراب العالمي، وهي مرحلة وصلت فيها جميع قضايا الإصلاحات المرغوبة والفاشلة لسلطة فوق وطنية مثل الأمم المتحدة إلى طريق مسدود.
وقد أثبتت قدرة هذه المؤسسة على التدخل في النزاعات ضعفا متزايدا منذ أزمة البلقان (1990-1995). وحقيقة أن بعض الدول قد اعترفت بالدولة الفلسطينية تؤكد أنه بما أن مثل هذا العمل غير ممكن في مبنى الأمم المتحدة، فإن كل دولة تشعر بالحرية في اختيار هذه الطريقة. والنتيجة هي تجزئة عملية صنع القرار في إدارة العلاقات الدولية. كل هذا بالتأكيد لا يساعد على زيادة مصداقية الأمم المتحدة في الرأي العام.
الإسلاموفوبيا.. والحرب على غزة
وحول الإسلاموفوبيا، في علاقة بالحرب على غزة، قال المفكر الإيطالي، أنّ الإسلاموفوبيا، نتيجة للعبة المرايا المنحرفة. إن بناء الصورة الاجتماعية للإسلام كعدو للغرب، له أصول بعيدة، لكنه وجد بالتأكيد أرضا خصبة في ظهور حركات حرب العصابات والحرب الثورية (الكفاح المسلح) في المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة. كما حدث في أميركا اللاتينية، تحول لاهوت التحرر من الاضطهاد والظلم باسم الإسلام بسرعة إلى لاهوت حرب.
وأصبحت مجموعات المعارضة السياسية لأنظمة ما بعد الاستعمار التي خيبت آمال الاستقلال والتحرر السياسي والعدالة الاجتماعية التي وعدت بها النخب التي قادت الحركات المناهضة للاستعمار، راديكالية واختارت طريق الكفاح المسلح (الذي يعتبر الإرهاب طريقة لممارسة النضال المسلح، ذلك عندما يتم توزيع القوى المنخرطة بشكل غير متماثل). في البلدان الأوروبية، نمت الإسلاموفوبيا لسببين مصاحبين:
أ) بعد الهجوم على البرجين والحرب في أفغانستان التي أرادتها الولايات المتحدة، ضربت الجماعات المسلحة الإسلامية عدة مرات في أوروبا (من إسبانيا إلى المملكة المتحدة، ومن فرنسا إلى ألمانيا).
ب) عندما قامت وسائل الإعلام الأوروبية الرئيسية، بفضل مساهمة المثقفين والكتاب المعروفين، بإحياء الصور النمطية السلبية القديمة عن الإسلام (كدين)، وتعزيزها، ودعم عدم التوافق الثقافي للإسلام مع قيم الديمقراطية والثقافة الحديثة لحقوق الإنسان.
حقيقة أن الرأي العام فيما يسمى بالدول الغربية يعبر عن معارضة صريحة للسياسة الإسرائيلية يعني أن “الملك عاري”، أي أن الحكومة الحالية في إسرائيل، وكذلك العديد من الحكومات الأخرى التي خلفت بعضها البعض في الماضي، لا تسعى إلى حل عادل للحرب (مع الفلسطينيين) التي استمرت الآن لأكثر من 70 عاما.