زيارات إيطالية مكثفة رفيعة المستوى إلى تونس: ما الغاية منها ؟؟ وما هي خلفيتها الحقيقية ؟؟
تونس ــ الرأي الجديد / بقلم صالح عطية
شهدت العاصمة التونسية خلال العامين الماضيين، زيارات مكثفة لمسؤولين إيطاليين، في مقدمتهم، رئيسة الوزراء، جورجيا ميلوني، التي أدّت منذ توليها منصب رئاسة الحكومة قبل أكثر من عامين، نحو 4 زيارات إلى تونس، التقت خلالها رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، وكانت آخر زيارة لميلوني، يوم 17 أفريل الجاري..
وقبل نحو 3 أيام، أدّى وزير الدفاع الإيطالي، غويدو كروزيتّو، زيارة إلى تونس، تحديدا يوم 23 أفريل الجاري، التقى خلالها كبار المسؤولين التونسيين.
وبالإضافة إلى تحركات السفير الإيطالي في تونس، ومقابلته لعدّة وزراء في الحكومة، يجري الإعداد لزيارة مرتقبة لرئيسة لجنة الخارجية والهجرة بمجلس الشيوخ الإيطالي، ستيفانيا كراكسي، إلى تونس، خلال الفترة المقبلة لمقابلة رئيس “برلمان سعيّد”، إبراهيم بودربالة.
وتثير الزيارات المتكرّرة لمسؤولين إيطاليين إلى تونس، تساؤلات عديدة بشأن خلفيتها، وسط التعتيم الرسمي على المعلومات بخصوص هذه الزيارات من قبل السلطات، إذا استثنينا بعض البيانات الشحيحة، التي لا تتعدى الجانب البروتوكولي الكلاسيكي في البيانات المشتركة، أو تلك المتعلقة بالزيارات الثنائية.
ولعلّ المثير حقا خلف هذه الزيارات، تركيز السلطات في تونس، على أنّها ترتبط بالهجرة غير النظامية، وهو ما يشير إلى تهافت هذا الطرح..
إذ ليس من المعقول أن تؤدي رئيسة الحكومة الإيطالية، 4 زيارات متتالية إلى تونس، ويزور وزير خارجيتها البلاد في مناسبتين على الأقل، بالإضافة إلى وفود برلمانية رفيعة المستوى، فيما الحديث يجري عن الهجرة النظامية فحسب.
يضاف إلى ذلك، أنّ مشكل الهجرة غير النظامية، يعني كذلك، وبنفس الدرجة تقريبا، فرنسا وألمانيا، وإلى حدّ ما إسبانيا، لكننا لم نشهد زيارات بهذه الكثافة لمسؤولي هذه البلدان، رغم تأكيد عديد الخبراء، على أنّ قضية الهجرة وموضوع الرقابة على السواحل، هي من أبرز القضايا المطروحة على حوض المتوسط، وليس على إيطاليا فقط..
فهل وراء هذه الزيارات أهداف سياسية ودبلوماسية أخرى، يجري التكتّم عليها ؟؟ سيما وأنّ خبراء كثيرين في تونس والخارج، يؤكدون أنّ تونس تتماهى مع المشروع الأوروبي، ذي الخلفية الإيطالية بالأساس، بقيادة رئيسة الحكومة الإيطالية، ذاتها، التي اقترحت إنشاء محتشدات أو خيام للمهاجرين غير الشرعيين، خارج الجغرافيا الأوروبية والإيطالية..
وكانت السلطات الإيطالية، اقترحت على تونس أن تكون حاضنة لهذه الخيام (المحتشدات)، زمن حكم الرئيس الراحل، الباجي قايد السبسي، غير أنّ الرجل، بالتعاون مع البرلمان التونسي أنذاك، رفض المقترح، لأنّ الأمر يتعلق بضرب السيادة التونسية، من ناحية، وتحول المهاجرين إلى قنبلة اجتماعية وسياسية ودبلومسية وحقوقية، من الصعب التخلص منها لاحقا.
هذا المشروع بالذات، تحرص عليه ميلوني منذ فترة، على خلفية وعودها لالناخب الإيطالي، بأنها ستقضي على الهجرة غير النظامية، وهي بالتالي مطالبة، بأن تفي بوعدها قبل نهاية العهدة الحالية.
وما تزال السلطات التونسية، إلى حدّ الآن، غير واضحة بشأن هذا المشروع الإيطالي الأوروبي الملغوم، رغم تأكيد رفضها، أن تلعب دور “حارس المتوسط” لصالح أوروبا، دون توضيحات حاسمة بهذا الشأن.
ولعل هذه الأسئلة، تجد لها مشروعية، مع الإعلان عن زيارة رئيسة لجنة الخارجية والهجرة بمجلس الشيوخ الإيطالي، ستيفانيا كراكسي، إلى تونس، وهي المعروفة بدعمها ومساندتها المطلقة لإسرائيل.. فهل تكون زيارتها مدخل لمحادثات تمس موضوع “الحرب الصهيونية على غزة ؟؟ وهل تحمل هذه المسؤولة البرلمانية، في جرابها مبادرة في علاقة بالكيان المحتلّ ؟؟ بعبارة أخرى: هل لهذه الزيارة دوافع سياسية يراد تمريرها بغطاء برلماني، سيما وأنّ هذه النائبة، ستيفانا، تتولى القيام بأدوار سياسية ودبلوماسية نشيطة مدافعة عن مصالح بلادها، مستخدمة “القفازات” البرلمانية ؟؟
نحتاج إلى إجابات رسمية شفافة وواضحة من قبل السلطة.. فهل إلى ذلك من سبيل ؟؟