تعليقا على تصريح قيس سعيّد: محام ينتقد التوجه الإستبدادي للمجلة الجزائية
تونس ــ الرأي الجديد
قال الناشط الحقوقي والمحامي، أنور القوصري أنّ مجلّة الإجراءات الجزائيّة، تعدّ “سلاحا موروثا من الاستعمار.. يتم صقله كلما اقتضت الحاجة من قبل الاستبداد الجاثم.. ولمصلحته”، وفق تعبيره.
وكان القوصري، يعلق على تلويح رئيس الجمهوريّة قيس سعيّد، بالفصل 60 من مجلّة الإجراءات الجزائيّة، المتعلق بالحقوق والحريات..
وفي تدوينة مطوّلة على حسابه بفيسبوك، ذكر القوصري، أن المجلة الجزائية التونسية، وضعتها فرنسا سنة 1913، من أجل “إحكام السيطرة والتحكم في المجتمع التونسي وفي التونسيّين”، وذلك ب”انتهاج سياسة الردع بالانتقام والعقاب وحتى التنكيل بالتصفيات الجسدية (القانونيّة)”، وفق تعبيره.
وأشار إلى ما وصفه بــ “التعريف المطاطي لتلك الجرائم”، لإضفاء صبغة قانونية على انتهاك الحقوق والحريات كيفما تقتضيه مصلحة الاحتلال.. ومن بينها طبعا “التآمر” ضد الاحتلال الفرنسي، وهو يعني طبعا مكافحة الاستعمار، حسب قوله.
ولفت إلى بعض التنقيحات الجزئية التي أدخلت على العديد من فصولها بعد الاستقلال.. بل وشُددت عدة فصول وأضيفت أخرى لمصلحة الاستبداد، وفق تقديره.
الردع بالانتقام والتشفي
وشدد الناشط الحقوقي، على أنّ “التوجه العام للمجلة، هو الردع بالانتقام والعقاب، وحتى التنكيل بالتصفية والاعتداء على الحقوق والحريات”..
وقال “كان من المفروض تغييرها بعد الاستقلال.. لكن إرساء نظام الحكم الفردي حال دون ذلك.. فمصلحته ضد معارضيه والتحكم في المجتمع بالخوف من العقاب.. جعلاه يتمسك بإرث المستعمر”.
وتابع القوصري بأنّه بعد الثورة، شهدت تعامل القضاء بصفة عامة بعقلية أقل ردعا، وأقل انتقاما وأقل تصفية.
وأضاف: “شهدنا مجلسا أعلى للقضاء شرعيا ومستقلّا، لأنه منتخب من المهن القضائية وغير معين من السلطة التنفيذية وتحت أوامرها المباشرة، وغير موظف لخدمة سياستها عند الطلب.. رغم وجود {كولوارات} (أروقة) هنا وهناك”، وفق توصيفه..
واعتبر الناشط أنه بعد الانقلاب وإرساء سلطة الحكم الفردي من جديد.. رجعت المجلة سلاحا في يد السلطة السياسية للتنكيل بالمعارضين والتحكّم في المجتمع بالخوف من “الحاكم”.
وبيّن أن ذلك تدعّم بالمراسيم، وقال: “كأن ما وضعه الاستعمار من نصوص ردعية وانتقامية ونظام الاستبداد من بعده لم يعد يكفي على غرار المرسوم 54”.
رقم قياسي في “التآمر”
وتابع: “وتحطم الرقم القياسي التاريخي في عدد قضايا التآمر… في هذا الوقت القصير الشعبوي، ولا تغركم خرافة تطبيق القانون على الجميع وعلى قدم المساواة بينهم.. فهي كلمة حق يراد بها باطل”.
وتساءل القصوري: “هل طبق القانون على جماعة العلو الشاهق الذين خرجوا عن الشرعية الدستورية والمؤسساتية؟”.
وختم بالقول: “الوضع الحقيقي الحالي ليس دولة القانون والمؤسسات… بل هو قانون القوّة ولا قوة القانون