البنك الفلاحي: “كرة ثلج الفساد” تتدحرج باتجاه عديد المسؤولين.. وأسماء أخرى مرشحة للتحقيق..
تونس ــ الرأي الجديد / صالح عطية
اعتقد مسؤولو البنك الوطني الفلاحي، القدامى والحاليون، أنّ آثار زيارة رئيس الدولة إلى البنك، وعرضه لملفات الفساد الكبيرة، التي تنخر هذه المؤسسة المصرفية العمومية الهامة في النسيج البنكي لتونس، قد أغلقت، بعد انقضاء نحو 6 أشهر على تلك الزيارة، التي هزت أركان هذه المؤسسة من داخلها..
غير أنّ “إيقاف إطار سام بالبنك الوطني الفلاحي”، أمس بسبب تورطه في أحد أبرز ملفات الفساد في هذا البنك، على الأقل خلال ما يقرب من 10 سنوات كاملة، يشير إلى أنّ عملية المحاسبة والتتبع القضائي، انطلقت الآن، وبكيفية حثيثة..
إيقافات.. وفساد متضخم
مصادر من البنك الوطني الفلاحي، فضلت عدم ذكر هويتها، ذكرت لــ “الرأي الجديد”، أنّ عملية المحاسبة، انطلقت منذ زيارة رئيس الجمهورية، حيث تم فتح بحث تحقيقي من قبل النيابة العمومية، التي تحركت ــ بطبيعة الحال، وكما يقتضيه عملها ــ في اتجاه جمع المعلومات والشهادات والوثائق والحيثيات، قبل الشروع في الإيقافات، التي ستطول بالتأكيد عددا واسعا من “قيادات” هذا البنك، وفق بعض التقديرات، الذين تورطوا بشكل واضح خلال العشرية الماضية، كما تشير إلى ذلك عديد المؤشرات، خصوصا تلك التي أفصح عنها رئيس الدولة خلال زيارته للمقر الاجتماعي للبنك، في سبتمبر الماضي..
وتتوقع مصادرنا، أن تشمل الإيقافات، عديد الأطراف التي كان لها ضلع في ملفات الفساد، سواء في مستوى الإدارة العامة، أو إدارة القروض، أو إدارة الماركوتينغ والاتصال، أو إدارة النزاعات، أو غيرها من الإدارات، بالنظر إلى علاقة هذه “الإدارات” بـ “القيادة العليا” للبنك مباشرة، ووجود “شبهات” لتورطها “الفاضح” في كمّ الفساد الذي ينخر المؤسسة، والذي استفادت منه عديد الأطراف السياسية والنقابية والإدارية، فضلا عن مسؤولين من دوائر عديدة بالبنك، كان يجري إسكاتها، بالترغيب، والضغط عليها لكي تمضي باتجاه “الريح” السائدة خلال الفترة الماضية..
وبالطبع، يتداول بعض المسؤولين، كون هذه الضغوط، آتت أكلها في شأن البعض، ورفض البعض الآخر الانخراط فيها بصورة قاطعة، فتم ــ تبعا لذلك ــ إقصاؤهم أو استبعادهم من دائرة المسؤوليات التي يستحقون الإشراف عليها، وتحتاجهم مؤسستهم فيها، وهم الأجدر لتولي هذه المسؤوليات، بالنظر إلى كفاءتهم، وما عرف عنهم من نظافة اليد والمسار المهني الشفاف، وهم يحظون بثقة واحترام زملائهم في المؤسسة..
إيقاف 3 مسؤولين سامين
وكانت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس، أذنت أمس لمصالح الوحدة الوطنية للبحث في الجرائم المالية المتشعبة بالقرجاني، بالاحتفاظ بـ 3 إطارات عليا، في البنك الوطني الفلاحي، لمدّة 5 أيام قابلة للتمديد.
وهؤلاء “الإطارات”، هم: “مدير عام سابق ومديرة عامة سابقة (موقوفة منذ فترة عن العمل في انتظار إحالتها على التقاعد)، وموظف متقاعد سبق له أن شغل خطة كاتب عام النقابة”.
والموقوفون الثلاثة، تعلّقت بهم شبهات فساد مالي وإداري، عبر منح قروض بنكية بالمحاباة لزميلهم النقابي، دون احترام التراتيب القانونية، ودون أن تتوفر الضمانات القانونية، وبقيمة تتجاوز مقدار مداخيله الشهرية، بإيعاز من المدير العام والمديرة العامة المساعدة، مع مواصلة الأبحاث المجراة التي شملت عدة إطارات أخرى.
ويوجد من بين الموقوفين، “إطار سام بالبنك الوطني الفلاحي”، كان قد تورط في “التوسّط لحصول إحدى الحريفات على قرض بقيمة تتجاوز النصف مليون دينار دون ضمانات مالية”..
وحتى عندما حلّت آجال الخلاص، ولم تقم المستفيدة بسداد الدين، “تعمّد” وفق نص الإحالة، “عدم تمرير ملفها على أنظار لجنة النزاعات، لاتخاذ الإجراءات القانونية، إلاّ بعد زيارة رئيس الجمهورية، قيس سعيّد إلى البنك، خلال شهر سبتمبر الماضي”، عندما “طالب بمحاسبة كل من تورط في نهب المال العام”، بعدها قدّم هذا المسؤول الملف للإدارة المعنية..
ومن المؤكد، أن “تتدحرج” في ملف الفساد هذا، عديد الأسماء، في مستوى إدارات المؤسسة، وبعض الأسماء النقابية ذات العلاقة بالبنك، بالإضافة إلى بعض القروض أو التدخلات التي تمت لمصلحة بعض من لهم علاقة بالمشهد السياسي، وفق ما يشير مسؤولون بالبنك، رفضوا الإفصاح عن هويتهم..
يذكر أنّ النيابة العمومية، تحركت تلقائيا للموضوع، حيث أذنت بفتح أبحاث تحقيقية في شبهات الفساد المالي، على معنى الفصل 96 من المجلة الجزائية، وخاصة ما تعلق منها بتبييض الأموال.