تقرير / فتح الجبهات الأخرى: ماذا قصد وزير الخارجية الإيراني؟ وما هي المخاوف الأمريكية؟
طهران ــ الرأي الجديد
توجه اهتمام العالم إلى إيران، إثر الرد الإسرائيلي القاسي على هجمات حماس التي دعت إلى النفير والنصرة، من دون استجابة من حلفائها التقليديين.
لكن تلويح وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان بفتح “الجبهات الأخرى”، أثار التساؤل عما إذا كان المقصود تدخلا مباشرا إلى جانب حماس عن طريق حزب الله، أم عرقلة إمدادات النفط في مضيق هرمز الحيوي؟
لا وجود لتورط إيراني
ويمكن أن تترك أيّ حرب في الشرق الأوسط آثارا أعمق على أسواق النفط العالمية.
وانتشرت تقارير، بعد فترة قصيرة من هجوم حماس السبت 7 أكتوبر 2023 على إسرائيل، تتحدث عن تورط إيران في التخطيط لهذا التحرك العسكري، لكنها نفت ذلك، بينما قالت إسرائيل وحليفتها الكبرى الولايات المتحدة، إنه “لا يوجد دليل على أيّ تورط إيراني”.
وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان هذا الأسبوع، إن “جبهات أخرى” قد تفتح في الحرب، مما يشير إلى أن التصعيد يبقى خيارا مؤكدا.
لكن التحذير لم يمنع السيناتور الأميركي ليندساي غراهام من دعوة بلاده لقصف المصافي الإيرانية.
وتثير هذه الدعوة مخاوف ليس فقط من ارتفاع سعر برميل النفط إلى ما فوق 100 دولار، وإنما أيضا مخاوف أخرى من بينها هاجس تهديد حركة النفط في مضيق هرمز.
وقال كلاي سيغل، مدير خدمات النفط العالمية في مجموعة رابيدان إنرجي لمنصة بلومبرغ هذا الأسبوع إن “النقطة الرئيسية التي يجب مراقبتها هي ما إذا كانت إيران ستشارك بنشاط في الصراع. والسبب هو قرب إيران من مضيق هرمز الحيوي”.
مضيق هرمز.. والخشية الأمريكية
ويعد مضيق هرمز الواقع في المياه الإيرانية، من أكبر الممرات النفطية في العالم. وتبلغ كمية النفط التي تمر عبر المضيق يوميا نحو 17 مليون برميل من النفط، أي ما يعادل 17 في المائة من الطلب العالمي على النفط، حسب توقعات هذا العام. كما يمر عبره ما يقرب من 90 في المائة من نفط الشرق الأوسط، الذي يغادر المنطقة عبر الخليج العربي.
وتتصدر أهمية مضيق هرمز عناوين الأخبار أحيانا، عندما تهدد إيران بإغلاقه، وهو ما تفعله عندما تشتعل التوترات بين طهران والغرب. وتتصاعد التوترات حاليا بسبب غزة، وهو ما يجعل الوضع محفوفا بالمخاطر.
وسيرتفع الخطر على أمن حركة النفط وأسعاره، إذا عملت إيران على إغلاق مضيق هرمز وأصرت الولايات المتحدة على إبقائه مفتوحا، ما قد يرقى إلى مستوى مواجهة مباشرة بين الطرفين.
ويعزو مراقبون تردد إيران في التصعيد، إلى رغبتها في عدم إثارة التوتر مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، ما قد يمنعها من استعادة أموالها المجمدة.
وأوقفت الولايات المتحدة تحويل 6 مليارات دولار إلى إيران، كجزء من صفقة تبادل الأسرى، ومن المرجح أن يثير ذلك غضب طهران.
مخاوف من التصعيد
ورغم حرص إيران على إظهار المرونة الكافية لطمأنة واشنطن، أكد مستشار الأمن القومي الأميركي، جايك ساليفان الأحد، أن بلاده تخشى أن يشهد النزاع بين إسرائيل وحركة حماس، “تصعيدا إضافيا”، مبديا أيضا خشية من “تدخل إيراني” محتمل.
وقال ساليفان في مقابلة مع شبكة “سي بي أس”، “هناك خطر قائم، وهو أن يشهد النزاع تصعيدا بفتح جبهة ثانية في الشمال، وبالطبع بتدخل إيران”، مشددا على أن بلاده “لا يمكنها استبعاد فرضية أن تقرّر إيران التدخل مباشرة بشكل أو بآخر”.
وقال الباحث في مجموعة الأزمات الدولية هايكو ويمن “إن الطرفين حتى الآن يبدوان ملتزمين بقواعد اللعبة”، في إشارة إلى “تفاهمات غير معلنة حول الخطوط الحمر التي يجب عدم تجاوزها تجنباً للتصعيد”.
ورغم ذلك، حذر ويمن من تصعيد “دام قد يحصل في أيّ لحظة”.
ويجد هذا التحذير مبرره في التصعيد الكلامي لوزير الخارجية الإيراني، سواء في بيروت حيث التقى أمين حزب الله حسن نصر الله، أو في الدوحة بعد لقائه إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.
واعتبر عبد اللهيان من بيروت، أنّ على الولايات المتحدة الأميركية “لجم” إسرائيل إذا أرادت تجنّب حرب إقليمية، مؤكدا أنه من “الممكن تصور أيّ احتمال بشأن فتح جبهات جديدة”.
ومنذ السبت قبل الماضي، حذّرت دول غربية عدّة إيران من توسيع نطاق النزاع مع إسرائيل، في وقت تخشى فيه واشنطن أن تُفتح جبهة جديدة في شمال إسرائيل عند الحدود مع لبنان، في حال قرّر حزب الله التدخّل بشكل واسع في النزاع.
ولا يزال تدخّل الحزب محدوداً حتى الساعة، لكنّ محلّلين يتوقّعون أن يبادر إلى فتح جبهة جديدة، في ما لو بدأت إسرائيل هجوماً برياً ضد قطاع غزة.