خلفيات إقالة نجلاء بودن من رئاسة الحكومة..
تونس ــ الرأي الجديد / كتب صالح عطية
أقيلت مساء أمس، رئيسة الحكومة، نجلاء بودن من مهامها على رأس الحكومة، ضمن قرار كان متوقعا منذ عدّة أيام..
فقد تداولت صفحات فيسبوكية معروفة على مواقع التواصل الاجتماعي، أنباء عن رغبة بودن مغادرة رئاسة الحكومة، بسبب ما تعانيه من مرض منذ فترة..
وتردد في هذه الصفحات، أنّ رئاسة الحكومة، أنشأت صفحات على فيسبوك، تطالب بإقالة بودن، في محاولة للدفع باتجاه إنهاء مهامها، وذكرت صفحة “المارد التونسي”، في هذا السياق، أن مسؤولين بقصر قرطاج، كشفوا هوية هذه الصفحات، وتبيّن لهم أنها تابعة لرئاسة الحكومة، وهو ما تم إعلام رئيس الجمهورية به، الذي قرر في ضوء ذلك إقالة رئيسة الحكومة..
لم تكن بودن بمنأى من انتقادات أغلب الطيف السياسي التونسي، موالاة ومعارضة، الكل أجمع على أن هذه المرأة لا تاريخ سياسي لها، ولا تصور لإدارة الدولة، ولا مشاريع لحلحلة الوضع الاقتصادي والاجتماعي، ولا قدرة على التفاوض والحوار، فضلا عن التعقيدات الصحية التي تعاني منها منذ فترة، وتحدثت أوساط عديدة عنها قبل أكثر من عام.
الجميع على قناعة أيضا، بأنّ بودن جيء بها لكي تمثل الجزء الأضعف في السلطة التنفيذية، بعد أن منح ما يعرف بــ “دستور جويلية 2022″، الرئيس قيس سعيّد، جميع الصلاحيات.
بل إنّ سعيّد، رفع صوته عاليا قبل بضعة أسابيع، في وجه بعض الوزراء (أقال أحدهم)، بسبب ممارستهم لصلاحيتهم، في التعيين أو الإعلان عن بعض الخيارات، الأمر الذي رآه رئيس الجمهورية، تجاوزا لموقعه وصلاحياته وإدارته للدولة، بشقي سلطتها التنفيذية: الرئاسة، ورئاسة الحكومة.
بعد عامين من رئاستها للحكومة، تخرج بودن، دون أن تترك بصمة أو أثرا أو تغيّر معادلة في الحكم أو في الواقع، بل اكتفت بعقد الاجتماعات الوزارية والقطاعية وبعض الاجتماعات بمسؤولين نقابيين، دون أن يكون لها القدرة على التأثير في الشخوص والأطراف التي تقابلت معها، بل إنّ بعض هذه الأطراف، أشارت لــ “الرأي الجديد”، إلى أنها تستمع جيدا وتتعاطف، وربما تتقاطع مع بعض المطالب أو السياقات التي يقترحها هذا الطرف أو ذاك، غير أن الأمر لا يجد طريقه نحو التطبيق، لأنّ السلطة الحقيقية في قرطاج، وليس في القصبة.
سوف يذكر تاريخ الحكومات في تونس، أنّ الشخصية الوحيدة، ربما، التي لم تنجز شيئا ذا بال في أي من القطاعات، هي ــ للأسف الشديد ــ السيدة نجلاء بودن رمضان، لأنّ الأمر يتجاوز شخصها وصلاحياتها وقدرتها على التأثير في واقع معقد مثل الواقع التونسي، وضمن ميكانيزمات سلطة أنتجها دستور كتب في ظروف وملابسات وسياقات يعرفها الجميع، ولم تتوفر قوى سياسية أو حزبية أو نقابية أو من المجتمع المدني، لتغيير هذه الميكانيزمات..
فما عسى رئيس الحكومة الجديد، أحمد حشاني أن يفعل ضمن النظام السياسي التونسي الراهن؟
هل سيكون مجرد أداة بين أيدي الرئاسة، كما كانت سلفه، وفق تقدير المراقبين، أم تراه يمارس دوره في التصرف وإدارة الحكومة بالشكل الذي يتطلبه الوضع التونسي الراهن؟؟
أم يتخذ سياسة صنوه، فيكون مجرد حلقة وصل مع الرئاسة، والجناح التنفيذي لخيارات رئيس الجمهورية، إن كانت للرئاسة خيارات فعلا ؟؟
لننتظر إلى الأيام القادمة، لتبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود..