مع الضعف المتوقع للمشاركة في “التشريعية”.. “انتخابات سعيّد” بين العلو الشاهق.. والقاع السحيق
تونس ــ الرأي الجديد / سندس عطية
تجري الانتخابات التشريعية التونسية يوم 29 جانفي 2023، في سياق أزمة سياسية ومجتمعية لافتة. فمن المعروف أن تونس دخلت، منذ صدور القوانين الرئاسية الاستثنائية في 25 جويلية 2021، في تجاذب حاد بين مؤسسة الرئاسة ومعظم القوى والأحزاب السياسية.
واتسعت فجوة التباعد بين الرئيس وباقي القوى والأحزاب الوطنية ومكونات النسيج المجتمعي، فأغلقت أبواب النقاش والحوار، فكان الحل مقاطعة مشروع الرئيس برمته، أي عدم التصويت على الوثيقة الدستورية وتعديلاتها، وعدم المشاركة في الدور الأول من الانتخابات التشريعية، الذي أجري في 17 ديسمبر 2022، ومن المنتظر أن يجري الدور الثاني اليوم، 29 جانفي 2023.
ويتوجه التونسيون إلى صناديق الاقتراع اليوم، للمشاركة في الدور الثاني من الانتخابات التشريعية المبكرة، وسط مخاوف من العزوف، بعد أن وصلت نسبة المشاركة في الدور الأول 11.22 بالمائة.
إجراءات استثنائية
وكان مقررا أن تجرى الانتخابات التشريعية في وقتها العادي سنة 2024، غير أن الإجراءات الاستثنائية التي تمّ اللجوء إليها من قبل رئيس الدولة، استنادا إلى الفصل 80 من الدستور، فتحت الباب أمام مجموعة من الخطوات الاستباقية، ومنها صياغة الوثيقة الدستورية، وإجراء الانتخابات التشريعية، وقبلها إصدار قوانين انتخابية جديدة.
لم تتجاوز المشاركة في انتخابات الدور الأول، الذي جرى في 17 ديسمبر 2022، نسبة 11.22 في المائة، وهو رقم أكثر من ضعيف، في بلد يحتاج إلى مؤسسات دستورية تصوغ إرادته العامة، وتعبر بصدق عن رهاناته وتطلعاته. ويبدو أن الدور الثاني، لن يكون مغايرا عن سابقه، أو يشكل حدثا استثنائيا، لأن الأسباب الداعية والمحرضة على ضعف المشاركة، ما زالت باقية على حالها ومستمرة ودائمة.
ويشارك في الدور الثاني 7 ملايين و850 ألف ناخب تونسي داخل البلاد، لاختيار 131 نائبًا من أصل 161 لعضوية مجلس نواب الشعب (البرلمان)، بين الثامنة صباحًا، إلى غاية السادسة مساءً..
ويتنافس في هذا الدور 262 مترشحًا، من ضمنهم 34 امرأة، من أجل الالتحاق بـ23 عضوا (3 نساء و20 رجلًا) ضمنوا مقاعدهم في البرلمان المقبل من خلال الدور الأول، من ضمنهم 10 خاضوا الانتخابات دون منافسة، مقابل 3 أعضاء فقط حصلوا على أغلبية الأصوات (50 بالمائة زائد واحد).
في المقابل، غابت الترشيحات في 7 دوائر انتخابية بالخارج، فيما يُتوقّع إجراء انتخابات جزئية فيها في وقتٍ لاحق لاستكمالها بعد تشكيل البرلمان الجديد.
آخر العنقود في خارطة الطريق
والانتخابات النيابية هي آخر نقطة في خارطة الطريق التي أعلن عنها سعيّد نهاية العام الماضي، والتي تضمنت إجراء استشارة وطنية واستفتاء شعبي على دستور جديد وعقد انتخابات تشريعية في 17 ديسمبر 2022، الذي يتزامن مع الذكرى الثانية عشر لانطلاق الثورة.
وبلغت نسبة الإقبال على المشاركة في الدور الأول 11.22 بالمائة، وهي النسبة الأضعف في البلاد منذ ثورة 2011 التي أطاحت بنظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، وأدت إلى أول ديمقراطية في العالم العربي.
وبلغت نسبة المشاركة في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي عقب الثورة 52 بالمائة، و69 بالمائة في انتخابات مجلس نواب 2014، و41.3 بالمائة في انتخابات البرلمان السابق الذي حلّه سعيّد.
يذكر أن هذه الانتخابات هي الخامسة عشرة في تونس، والخامسة بعد الثورة، ويُنتظر أن ينتخب خلالها مجلس نواب الشعب في مدته النيابية الثالثة بعد الثورة.
بين الشاهق.. والسحيق
ومن المنتظر أن يتم الإعلان عن النتائج الأولية للدور الثاني سيكون في أجلٍ أقصاه الأول من فيفري المقبل، على أن يتم التصريح بالنتائج النهائية عقب غلق ملفات الطعون في أجلٍ لا يتجاوز يوم 4 مارس 2023.
فهل تحقق هذه الانتخابات في دورها الثاني العلو الشاهق الذي يجري الحديث عنه، أم تهوي بتونس في قاع سحيق؟؟
كل المؤشرات تشير إلى دور ثان ضعيف، بل أضعف من سابقه، فلماذا تصر السلطة على نهج خاطئ وفاشل، مع ما في ذلك من خسائر مالية ضخمة في وقت تئن فيه موازنة البلاد، أنينا غير مسبوق في تاريخ البلاد ؟؟