سفير واشنطن السابق بتونس يخرج عن صمته: 3 خطوات تساهم في حل أزمة تونس.. والجيش مستاء من فشل الرئيس سعيّد
لندن ــ الرأي الجديد
قال السفير الأمريكي السابق في تونس، البروفيسور غوردون غري، إنه ينبغي على الولايات المتحدة اتخاذ ثلاث خطوات حيال مستجدات الأزمة التونسية، على رأسها “الاستفادة من النفوذ في المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي بحيث تتطلب حزمة القروض قيد الدراسة، قيام سعيّد بإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية على حد السواء”..
وأضاف غري، في مقابلة خاصة، “ينبغي لواشنطن أن تُبقي المساعدات الممنوحة لتونس من قِبل مؤسسة (تحدّي الألفية) الأمريكية، والبالغة قيمتها 498.7 مليون دولار، قيد الدراسة والنظر الفعلي كحافز إيجابي للرئيس سعيّد، لإعادة تونس إلى المسار الديمقراطي”.
ومؤسسة تحدّي الألفية (MCC) هي وكالة مساعدات خارجية أمريكية تجديدية ومستقلة، تساعد على مقاومة الفقر على المستوى العالمي، أنشأها الكونغرس عام 2004 بدعم من كلا الحزبين (الديمقراطي والجمهوري)، وتقيم شراكات مع دول ملتزمة بالحوكمة الرشيدة والحرية الاقتصادية والاستثمار في التقدم بمواطنيها.
ودعا غري، وهو أستاذ في كلية الشؤون الدولية بولاية بنسلفانيا الأمريكية، بلاده إلى ضرورة “بذل قصارى جهدها لدعم المجتمع المدني التونسي، بما في ذلك من خلال دعوة قادة المجتمع المدني – وليس المسؤولين الحكوميين – إلى مؤتمر (قمة من أجل الديمقراطية) المقرر عقده في الفترة 29- 30 مارس”.
وأشار الدبلوماسي الأمريكي السابق إلى أن “هناك تكهنات حاليا بإمكانية إجراء حوار وطني ثان، على غرار الحوار الذي حازت بفضله اللجنة الرباعية الراعية للحوار الوطني بتونس، على جائزة نوبل للسلام في سنة 2015، وستكون هذه خطوة في الاتجاه الصحيح”.
وكان الأمين العام لحزب الاتحاد الشعبي الجمهوري في تونس، لطفي المرايحي، كشف، في وقت سابق، أن “الاتحاد العام التونسي للشغل سيدعو خلال شهر جانفي الجاري إلى حوار وطني، وأن الأحزاب السياسية ستلبي على الفور دعوة اتحاد الشغل في حال إطلاقها رسميا”.
وتشهد تونس أزمة اقتصادية حادة فاقمتها تداعيات تفشي جائحة كورونا، وارتفاع تكلفة استيراد الطاقة والمواد الأساسية جراء الحرب الروسية – الأوكرانية المستمرة منذ 24 فيفري الماضي، فضلا عن السياسات والإجراءات التي اتخذها قيس سعيّد عقب انقلابه على الحكومة والبرلمان، ما أدّى إلى مزيد تفاقم الأزمة، وأوصل البلاد إلى عنق الزجاجة، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، ومن حيث الاستثمارات الأجنبية، والعلاقات الخارجية لتونس، التي تدهورت بشكل غير مسبوق في تاريخ البلاد..
وفيما يلي نص المقابلة…
** كيف تنظرون إلى المشهد التونسي اليوم بعد الانتخابات البرلمانية؟
ـــ أرى أن الوضع في تونس لا يختلف عما كان عليه قبل الانتخابات؛ لقد توقع جميع المراقبين هذا الإقبال الضعيف للغاية للناخبين، الأمر الذي يوضح مدى النقص في شرعية المشروع الدستوري والسياسي للرئيس قيس سعيّد، ويعكس رغبة الشعب التونسي المفهومة في أن تقوم الحكومة بإصلاح الاقتصاد بدلا من إهدار الوقت والطاقة في مشاريع سعيّد السياسية الخفية.
**كيف تقيمون موقف إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن من الأزمة التونسية؟
ـــ الإدارة الأمريكية تشعر بالقلق، لكنها حذرة للغاية. لقد شجب وزير الخارجية أنتوني بلينكن في الحقيقة “التآكل المقلق للمعايير الديمقراطية” و”تعليق الحكم الدستوري، وترسيخ السلطة التنفيذية، وإضعاف المؤسسات المستقلة” عندما أصدر بيانا في 28 تموز/ يوليو 2022 حول الاستفتاء الدستوري الذي تم إجراؤه في تونس.
من ناحية أخرى؛ أصدر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية بيانا في 18 كانون الأول/ ديسمبر 2022 حول الانتخابات البرلمانية في اليوم السابق من خلال وصفها بشكل غير دقيق بأنها “خطوة أولية أساسية نحو استعادة المسار الديمقراطي للبلاد”.
** إلى متى ستتجاهل واشنطن الوضع المتدهور في تونس؟
ـــ ستكون المنافسة مع الصين، وتقديم الدعم لأوكرانيا، وإصلاح اقتصادنا، ومعالجة تغير المناخ على رأس أولويات الإدارة لسنة 2023. ومن غير المرجح أن تحظى تونس بالاهتمام الذي أعتقد أنها تستحقه.
** حسب رأيك، ما الذي يجب أن تفعله الولايات المتحدة حيال مستجدات الأزمة التونسية؟
ـــ ينبغي على الولايات المتحدة أن تتخذ ثلاث خطوات على الأقل: أولا، ينبغي أن تستفيد من نفوذها في المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي بحيث تتطلب حزمة القروض قيد الدراسة والبالغة قيمتها 1.9 مليار دولار قيام سعيّد بإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية على حد سواء.
ثانيا، ينبغي لها أن تُبقي المساعدات الممنوحة لتونس من قِبل مؤسسة (تحدّي الألفية) الأمريكية، والبالغة قيمتها 498.7 مليون دولار، قيد الدراسة والنظر الفعلي كحافز إيجابي للرئيس سعيّد لإعادة تونس إلى المسار الديمقراطي.
ثالثا، يجب أن تبذل الولايات المتحدة قصارى جهدها لدعم المجتمع المدني التونسي، بما في ذلك من خلال دعوة قادة المجتمع المدني -وليس المسؤولين الحكوميين- إلى مؤتمر (قمة من أجل الديمقراطية) المقرر عقده في الفترة ما بين 29-30 آذار/ مارس.
** الرئيس قيس سعيّد شدّد سابقا على رفضه الكامل لـ “التدخلات الخارجية” في بلاده، مؤكدا أن تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة.. ما تعقيبكم على هذه التصريحات؟
ـــ صرّح زين العابدين بن علي بنفس التصريحات عندما عملت سفيرا للولايات المتحدة في تونس، كنّا نسمع الشيء ذاته. ولكن لم يكن “التدخل الأجنبي” السبب وراء إحجام تسعة من كل عشرة تونسيين عن التصويت في 17 ديسمبر. أعتقد أنها إجابة استبدادية مُعتادة بإلقاء اللوم على قوى أجنبية.
** ما هو مستقبل العلاقات الأمريكية والتونسية في ظل المشهد الحالي؟
ـــ ستبحث الولايات المتحدة عن طرق لمواصلة دعم الشعب التونسي، ولكن -وفق المصطلحات الدبلوماسية- من المرجح أن تكون العلاقات بين الحكومات حذرة أكثر من كونها ودية.
** ماذا لو استمر الرئيس قيس سعيد في منصبه لفترة أطول؟
ـــ الأمر سيّان: ستكون العلاقات حذرة وليست ودية.
** ما هو تقييمك لموقف الجيش التونسي من الأزمة الحالية؟
ـــ باعتبارهم وطنيين تونسيين، فإن الجيش على الأرجح مستاء من فشل الرئيس سعيد في معالجة التحديات الاقتصادية التي يواجهها الشعب التونسي.
** ما الذي ستنتهي إليه الأزمة التونسية خلال الفترة المقبلة من وجهة نظرك؟
ـــ لقد توحد المجتمع المدني للإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي، وتعاون مرة أخرى لمعالجة الفجوة السياسية في سنة 2013.
هناك تكهنات حاليا بإمكانية إجراء حوار وطني جديد، مثل الحوار الذي حازت بفضله اللجنة الرباعية الراعية للحوار الوطني في تونس على جائزة نوبل للسلام في سنة 2015، وستكون هذه خطوة في الاتجاه الصحيح.
المصدر: عربي21 + موقع “الرأي الجديد”