الأفارقة في تونس: قنبلة موقوتة وجاذبية ابتزاز سياسي وحقوقي ونقابي
تونس ــ كتب صالح عطية
كشفت بعض الأرقام، عن وجود نحو 10 آلاف مهاجر من إفريقيا جنوب الصحراء، دخلوا تونس خلال الفترة القليلة الماضية، ولا تعرف إلى حدّ كتابة هذه الأسطر، حجم اذين جاؤوا بطريقة الهجرة غير النظامية، وأولئك الذين قدموا بطريقة مشروعة.
وتتحدث بعض الأوساط الخبيرة بهذا الشأن، أن حوالي مليون مهاجر من إفريقيا، دخلوا تونس منذ 2019، كمهاجري عبور باتجاه أوروبا، لكن بعض التقارير الاجتماعية / السوسيولوجية، تتحدث عن شروع جزء منهم في الاستقرار بتونس، وهو ما يترجمه توزعهم على أكثر من ولاية، سيما ولايات تونس الكبرى، وصفاقس وسيدي بوزيد، والقصرين، إلى جانب ولايات الساحل..
اللافت للنظر في وجود هؤلاء الأفارقة، أربع ملاحظات أساسية:
ــــــ انخراط جزء منهم في بعض الأنشطة السياسية (احتجاجات، مظاهرات، وقفات تضامنية، أنشطة بعض الفعاليات الحزبية…)، ما يطرح التساؤل حول ما إذا كانت أنشطة هؤلاء ذات الصبغة السياسية، مراقبة من قبل الدوائر الأمنية، وجهات القرار السياسي، نظرا لخطورته على مستقبل الأنشطة السياسية في البلاد.
ــــــ تمركز جزء كبير من هؤلاء في أحياء سكنية شعبية (سيما تونس البرى وصفاقس)، حيث تحولوا إلى جزء من الأعباء الاجتماعية على استقرار وطمأنينة المواطنين، نظرا لانخراط بعضهم في أعمال إجرامية، على غرار السرقة والنشل والبراكاج، بالإضافة إلى العنف واستعمال الأسلحة البيضاء والعصي، والدخول في خصومات عنفية، طورا فيما بينهم، وطورا آخر مع أهالي الأحياء الشعبية وشبابها بصفة خاصة، والروايات في هذا السياق، المدعمة بفيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي، كثيرة ومتعددة، وتتطلب وقفة ضرورية من الجهات المسؤولة.
ــــــ مشاركة أو انخراط بعض هؤلاء في أعمال الترويج للمخدرات والعملة الصعبة، وفق بعض الروايات التي يتناقلها مواطنون، من أحياء شعبية كثيرة، بامتعاض وتوجس، خصوصا مع تفاقم انتشار أنواع المخدرات في هذه الأحياء، خصوصا في فئة الشباب.
ــــــ تمكن أعداد لا يستهان بها من هؤلاء، من تسويغ محلات سكنى، وإيجاد مواطن شغل في قطاعات “العمل اليومي” (النظافة، البناء، الحراسة، نوادل مقاهي، مطاعم، فلاحة هامشية.. إلخ ….)، بما يمكن أن يخلق مشكلات على مستوى النسيج الشغلي، وما يمكن أن ينجرّ عنه من مطلبية قد تتخذ صبغة نقابية لاحقا..
ــــــ ولا شك أنّ من أهم المخاطر المحدقة بهذا الموضوع، هو تحول هؤلاء إلى موضوع حقوقي، من خلال الدفع باتجاه اعتبارهم، “أقليات”، وهو الوتر الذي قد تلعب به، وتراهن عليه قوى سياسية، داخلية وخارجية، قد تضع السلطة، تحت فكي كماشة ملف شديد التعقيد، بما قد يحول تونس إلى بؤرة للأقليات الطبقية والدينية، بما أنّ جزء مهما من هؤلاء، ينتمون للدين المسيحي، وتدرك السلطة، والنخب كذلك، أنّ موضوع الأقليات، من أبرز الموضوعات التي قد تتحول إلى مدخل لليّ ذراع الدولة، بما يزيد في ضعفها ووهنها، ويجعلها تحت طائلة الابتزاز السياسي، في الداخل، كما على الصعيدين، الإقليمي والدولي..
نحن بإزاء موضوع شديد الحساسية، ديمغرافيا، واجتماعيا، واقتصاديا (خصوصا أمام ندرة بعض المواد الأساسية)، وحقوقيا، ونقابيا، إلى جانب الداخل السياسي، وفي المستوى العلاقات ببعض الدول الإقليمية المعنية بهكذا ملفات، والدولية، التي تتربص بمثل هذه الموضوعات والملفات، إن لم نقل أنها تزرع هذه “المشاتل”، لكي تحصد تداعياتها، مساومة وابتزازا يدركه الجميع نخبا معارضة وسلطة حاكمة ومراقبين.
فهل تتحرك السلطة لطرح هذا الموضوع على الطاولة خلال الفترة المقبلة ؟؟