“فضيحة دولة”: رئيسة الحكومة ترهن مستقبل المؤسسات العمومية للوصاية الأجنبية”.. مرصد “رقابة” يكشف
تونس ــ الرأي الجديد / قسم الشؤون الوطنية
كشف مرصد “رقابة” لمكافحة الفساد، والتأسيس للحوكمة الرشيدة في تونس، ملفا بالغ الخطورة، في مستوى رئاسة الحكومة، ينذر بتطورات لافتة تهم المالية العمومية، ومجال حوكمة المؤسسات والمنشآت العمومية خلال السنوات القليلة المقبلة.
وأفاد مرصد “رقابة”، من مصادر من عدة وزارات ــ كما يزعم ــ “أن رئيسة الحكومة نجلاء بودن، وجهت إلى أعضاء حكومتها مؤخرا، مشروع مرسوم يتعلق بتنقيح القانون عدد 9 لسنة 1989، الخاص بالمساهمات والمنشآت العمومية، مكتوب باللغة الفرنسية !!، وطلبت منهم إبداء الرأي في المشروع، وتقديم ملاحظاتهم بشأنه (بالفرنسية)، قبيل انعقاد مجلس وزاري تمت برمجته للغرض بعد ظهر يوم الأربعاء الماضي 9 نوفمبر، قبل أن يتم تأجيله إلى الأربعاء القادم (16 نوفمبر)”.
وأضاف تقرير المرصد، بأن “مسؤولين في وزارات عديدة، أبدوا استغرابهم من الشكل والمضمون، بالنظر للمخالفة الصريحة للإطار القانوني والترتيبي المنظم لقواعد إعداد مشاريع النصوص القانونية، وإجراءات عرضها واستكمال تهيئتها، وخاصة منشور رئيس الحكومة عدد 8 لسنة 2017 المؤرخ في 17 مارس 2017، الذي يوجب على المصالح المكلفة بصياغة مشاريع النصوص القانونية (اعتماد لغة عربية سليمة نحوا وصرفا وإعرابا عند صياغة الأحكام القانونية)، وينص على أن (الصيغة العربية للنص من الناحية القانونية هي الصيغة الرسمية والملزمة)”.
موظفة بوزارة الاقتصاد الفرنسية
وأكد المرصد، أنّه “بمزيد التقصي في الموضوع، تبين أن من تولت إعداد مشروع هذا المرسوم الهام جداً، والمصيري لتحديد نمط حوكمة الدولة التونسية للمؤسسات والمنشآت العمومية خلال السنوات القادمة، هي المسماة: Juliette Sylvie Marie De Conihout ، كاشفا بأنّ هذه المرأة، ليست سوى “موظفة سابقة بوزارة الاقتصاد والمالية الفرنسية (وكالة مساهمات الدولة)، وهي تدير حاليا مكتب استشارات لحسابها الخاص تحت اسم ( LEDCONSEIL )، كائن بباريس، كانت قد أسسته سنة 2015، برأسمال يبلغ “ألف أورو”، وتشتغل فيه المعنية بمفردها”، وفق ما جاء في نص التقرير الذي أعدّه المرصد.
وقال بيان للمرصد، تلقت “الرأي الجديد” نسخة منه، أنّ “المعنية بالأمر موضوعة على ذمة الحكومة التونسية من طرف الوكالة الفرنسية للتنمية ( AFD )، ومن خلال شهادات متواترة ــ كما ذكر المرصد ــ فإنّ المعنية كثيرة التردد مؤخرا على مقر رئاسة الحكومة بالقصبة، حيث يتم استقبالها من طرف رئيسة الحكومة نجلاء بودن، والكاتبة العامة للحكومة المعفاة من مهامها، سارة رجب”.
سابقة في رئاسة الحكومة
وأعلن مرصد “رقابة” في هذا السياق، أنّه تلقى “شهادات ميدانية من مقر الكتابة العامة للحكومة بالقصبة، تبيّن أن الفرنسية المذكورة، قد اجتمعت يومي 10 و11 نوفمبر الجاري بتعليمات من رئيسة الحكومة، مع رؤساء الهياكل التابعة لها، والمعنية بملف المؤسسات والمنشآت العمومية، ومع المستشار القانوني للحكومة، لشرح “التصور الجديد” لحوكمة المنشآت العمومية”.
ولفت المرصد، إلى أنّ ذلك “الاجتماع كان شكليا، وجاء في سياق قرار مستعجل بالتسريع في تمرير المشروع الذي أعدته المعنية باللغة الفرنسية، لتنقيح القانون عدد 9 لسنة 1989. والدليل على الاستعجال الشديد، كما يذهب إلى ذلك بيان المرصد، “إقدام القصبة على تقديم المقترح قبل ترجمته إلى العربية، في سابقة لم تحدث في القصبة منذ عقود عديدة”، موضحا أن “من دواعي الاستعجال، عملية استباق لتغييرات حكومية قد تحصل قريبا. وهو ما يزيد في الريبة من سبب الحرص الشديد على هذه التغييرات”.
طلب نفاذ إلى المعلومة
وتبعا لهذه المعطيات، وجه مرصد رقابة بتاريخ 11 نوفمبر 2022 إلى رئيسة الحكومة، طلب نفاذ إلى المعلومة، قصد الحصول على:
** “نسخة من الاتفاقية التي تربط المعنية برئاسة الحكومة“،
** “جميع الوثائق المتعلقة بالجهة الممولة لتدخل المعنية، وإجراءات اختيارها“،
** “نسخة من اتفاقية التمويل“،
** “كشف دقيق في جميع المبالغ المالية التي تسلمتها، مقابل تعاملها مع الحكومة التونسية“،
إلى جانب توضيحات حول أسباب التعامل مع المعنية بخصوص مشروع إعداد نص قانوني يخص المؤسسات والمنشآت العمومية، “وهو موضوع وطني سيادي”، لاسيما وأن الإدارة التونسية تزخر بالكفاءات المختصة في المجال، وفق تقدير المنظمة.
يذكر أنّ مرصد “رقابة”، كان قد كلف فريقه القانوني، بدراسة “المشروع الفرنسي”، كما وصفه، لتنقيح القانون عدد 9 لسنة 1989 الموجه لأعضاء الحكومة، حيث انتهى إلى “الملاحظات الأولية السلبية” التالية:
ـــ الضعف الواضح في الصياغة القانونية.
ـــ وجود عدة إخلالات وتناقضات تضمنها هذا المشروع.
ـــ اعتماده عملية استنساخ للتجربة الفرنسية، دون أي مراعاة لخصوصية واقع المؤسسات والمنشآت العمومية ببلادنا.
ومن المنتظر أن يقدم المرصد للرأي العام التونسي خلال الأيام القادمة، “دراسة مفصلة لمشروع المرسوم” المذكور، مع توضيحات بخصوص “المخاطر الحقيقية التي تضمنها مقترح المستشارة الفرنسية”.
رسالة إلى قيس سعيّد
وعبر مرصد “رقابة” عن نيّته، “توجيه مراسلة مفصلة إلى رئيس الجمهورية، لتوضيح خفايا المشروع، ودعوته لتحمل مسؤوليته، والتدخل الفوري لإيقاف ما وصفها بــ “المهزلة”، التي تتم على يد رئيسة حكومته نجلاء بودن.
واعتبر المرصد، أنّ رئيسة الحكومة، “بتصرفها هذا، تؤكد الانطباع الحاصل بشأنها، بكونها لا تؤمن إلا بالأجنبي، والحال أن الإصلاح لا يكون إلا بأيدي أبناء الوطن الشرفاء والأكفاء وهم كثر، وليس بالوصفات الجاهزة والمستوردة التي لا تنبع من خصوصية واقعنا، والتي تعيدنا من جديد إلى وضع الوصاية الأجنبية”، على حدّ تعبير بيان المرصد.
“الرأي الجديد” تفتح موقعها لردّ رئاسة الحكومة، ونشر وجهة نظرها بهذا الملف الحساس.