جمعية “تقاطع”: نرفض المحاكمات العسكرية للصحفيين … ويجب تجنّب العبارات الواسعة والفضفاضة في نسب التهم
تونس ــ الرأي الجديد
نشرت جمعية “تقاطع من أجل الحقوق والحريات”، تقريرا حول المحاكمات العسكرية للمدنيين في تونس، بعد 25 جويلية.
وتناول التقرير، الذي يحمل عنوان “المحاكمات العسكرية للمدنيين: سيف السلطة على رقاب المُعارضين”، الإنتهاكات المرصودة للصحفيين المدنيين.
وجدّدت جمعية “تقاطع”، رفضها للمحاكمات العسكرية، داعية إلى تجنّب العبارات الواسعة والفضفاضة، في نسب التهم، مثل “تحقير الجيش والمسّ من كرامته أو سمعته أو معنويته أو يقوم بما من شأنه أن يضعف في الجيش روح النظام العسكري والطاعة للرؤساء أو الاحترام الواجب لهم أو انتقاد أعمال القيادة العامة أو المسؤولين عن أعمال الجيش بصورة تمس كرامتهم”، وفق ما جاء في التقرير.
وفيما يلي التقرير مفصّلا:
“تونس، 12 أوت 2022
أصدرت اليوم جمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات تقرير عن المحاكمات العسكرية للمدنيين في تونس بعد 25 جويلية 2021 بعنوان ” المحاكمات العسكرية للمدنيين: سيف السلطة على رقاب المُعارضين” يتناول التقرير واقع المحاكمات العسكرية للمدنيين في تونس بعد 25 جويلية 2021، ورصد انتهاكات حقوق الإنسان في هذه المحاكمات. وذلك لأهمية الموضوع على المستويين الحقوقي والقانوني، فبينما يناقش التونسيون والتونسيات مستقبل بلادهم الغامض وهم الآن أمام دستورٍ جديد ينظم الحياة السياسية والمجتمعية التونسية، تلتجئ السلطات السياسية إلى القضاء العسكري الذي أصبح بما لا يدعو مجالاً للشك، أداةً لمعاقبة المعارضين السياسيين، كل ذلك في تعدٍ صارخ للقانون وبالتحديد لالتزامات تونس بما يتعلق باتفاقات حقوق الإنسان الدولية.
يناقش التقرير 7 محاكمات أمام القضاء العسكري بدأت 5 منهم بعد 25 جويلية 2021 وشملت 9 أشخاص من سياسيين ومحامين وصحفيين وبرلمانيين سابقين لترتفع وتيرة الملاحقات القضائية العسكرية ضد المدنيين أكثر من أي وقت مضى منذ ثورة جانفي 2011 ويذكر أن القانون التونسي يسمح بمحاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية في ظروف محددة. إلا أن القضاء العسكري في تونس لا يستجيب إلى معايير الإستقلالية والحياد حيث لرئيس الجمهورية القول الفصل في تعيين القضاة وممثلي النيابة العمومية بناءً على ترشيحات وزيري الدفاع والعدل هو ما يعتبر خرقاً صارخاً لحق الإنسان في محاكمة عادلة تؤخذ فيها صفة المدني كشرطٍ أساسي للإختصاص الحكمي ويكون حياد القاضي فيها أكبر ضمانةً للمتقاضي، كما يتبين من الوقائع المدروسة بالتقرير أن كل محاكمةٍ عسكريةٍ إلا وانتهك معها حق جوهري من حقوق الإنسان على غرار الحق في حرية الرأي والتعبير وضمانات المحاكمة العادلة.
تأكيدًا لموقف جمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات الرافض قطعًا لمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري ينتهي التقرير بعدد من التوصيات لصانعي القرار بتونس وهي: -التعجيل بإرساء قانون ينظم شروط وإجراءات التقاضي لدى المحاكم العسكرية بطريقة تتناسق وروح الدستور وسمو منظومة الحقوق والحريات ووفق متطلبات الاختصاص بحيث لا يمتثل شخص مدني أمام محكمةٍ تختص في النظر بالجرائم والشؤون العسكرية وكذلك وفق متطلبات الاستقلالية بما يجعل القضاة مستقلين في سلطة قرارهم واحتكامهم للقانون فقط وعدم تعيينهم من السلطة التنفيذية وعدم اعتبراهم جزءًا من الجيش.
-تنقيح الفصل 91 من مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية والفصل 22 من القانون عدد 70 لسنة 1982 المؤرخ في 6 أوت 1982 المتعلق بضبط القانون الأساسي العام لقوات الأمن الداخلي اللذان يقران إمكانية محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية.
- تكريس واحترام مبدأً شرعية الجرائم والعقوبات الدستوري إذ على المشرع والقاضي على حد السواء الحرص على تحرير وتطبيق النصوص القانونية التجريمية متجنبين استعمال العبارات الواسعة والفضفاضة مثل “تحقير الجيش والمس من كرامته أو سمعته أو معنويته أو يقوم بما من شأنه أن يضعف في الجيش روح النظام العسكري والطاعة للرؤساء أو الاحترام الواجب لهم أو انتقاد أعمال القيادة العامة أو المسؤولين عن أعمال الجيش بصورة تمس كرامتهم” واستعمال الصياغة الحصرية و عدم اعتماد طريقة التجريم بالإحالة والالتزام بتأويل النص الجزائي تأويلاً ضيقاً تقيداً بمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات حتى لا يقع التعسف بحقوق المتهم لأن القاضي العسكري كلما توسع في نطاق تفسير النصوص الجزائية كلما أدى ذلك إلى امتداد نطاق التجريم والعقاب على الأفعال التي لم يجرمها القانون ولم يقرر من أجلها عقاباً.
-دعوة الدولة التونسية إلى ضمان حق التونسيين والتونسيات في مناخٍ سياسي يمارسون فيه بكل حرية حقهم/ن في التعبير والفكر والنقد والرأي والتمثيل القانوني بدون ملاحقات قضائية عسكرية في محاولة لتكميم أفواههم/ن والتشفي منهم/ن”.