رسالة مهدي بن غربية من داخل السجن
تونس ــ الرأي الجديد
كتبت ليلى بن غربية السماوي شقيقة مهدي بن غربية ، اليوم الاحد 8 ماي 2022، رسالة لشقيقها الذي يقبع حاليا بالسجن.
وقد نشر ت السماوي الرسالة، على حسابها الرسمي بموقع التواصل الإجتماعي “الفيسبوك” وقد كتبها شقيقها بن غربية في أواخر شهر أفريل الفارط.
وفيما يلي نصّ الرسالة:
“”لا تنتزع كرامتنا إلا متى منحناها ” ـ غاندي.
أكتب هذه الاسطر ولا ادري إن كانت ستغادر سجني فتقرأ ام أنها ستضلّ حبيسته مثلي.
أكتب بعد دخولي في إضراب جوع وحشي قبل أن افقد القدرة على التفكير والكتابة.
أكتب عن ألم الظلم الذي أواجهه بأمعاء خاوية لم يبقى لي من صوت سواها.
حكايتي بدأت منذ أكثر من ستة أشهر ، لم أكن لأصدق ما أعيشه لولا أنني أراه كل صباح ، إذ كيف تتحول دعوى تجارية رفعتها إحدى الشركات التي أساهم فيها ـ دون أي مسؤولية لي فيها ـ لاستخلاص دين موثق بفواتير إلى قضية تبييض أموال ؟
أعلم أن ما تعرضت له من شيطنة متواصلة منذ سنوات على الفضاء الافتراض في حملات منظمة مدفوعة الأجر أو بغرض الابتزاز واعلم أيضا أن الظّرف الخاص للبلاد المتّسم بالغضب والنقمة من كل سياسي العشرية المنقضية ورغبة الكثيرين لتقديم قرابين جعل ذلك ممكنا ، لقد كنت فريسة سهلة ، نائب ورجل أعمال ، بلا حزب ولا حليف ودون مصالح تذود عني….
ورغم إدراكي لكل ذلك ، لم أغادر البلاد وكان ذلك متاحا بالرّغم من نصح الكثير من الأصدقاء.
لم اهرب لثقتي في القضاء أولا ولأنني لم ارتكب جرما أخشى بسببه من المحاسبة ، ولأنني أرفض العيش فارّا من بلادي ، ولإيماني قبل ذلك وبعده بأنه مهما تكالبت إرادات الشرّ وأفعال الشيطنة فلا يمكن لها إيجاد جرم لم يكن.
واجهت قدري مؤمنا ببراءتي، وتم فعلا تبرئتي من التهم الجنائية المتعلقة بغسيل الأموال والتدليس وتقرر الافراج عني عند ختم التحقيق في منتصف شهر ديسمبر ،وذلك بعد حوالي الشهرين من إيقافي وبعد كل الإستنطاقات والسّماعات والاختبارات والتّساخير وبالرغم من التجني من بعض المصالح الإدارية بالإنتقائية في تقديم المعطيات وأنصاف الأجوبة والتأويلات وتعمد السهو وإخفاء الكثير من الحقائق . ولم يبقى في الملف إلا شبهة افتعال فواتير لي ثقة في دحضها علاوة على انعدام مسؤوليتي فيها .إلا أن النيابة العمومية استأنفت قرار الإفراج وكان منتظرا من دائرة الاتهام التي أحيل اليها الملف ان تفصل في نازلتي بإقرار ما توصّل إليه قاضي التحقيق أو نقضه إلاّ أنها تؤجل ذلك منذ أكثر من أربعة أشهر وتطلب في كل مرة تحقيقات اضافية انتهت دائما الى نفس النتائج إذ لا يمكن ايجاد جرم لم يكن.
أحسب احيانا [ وآمل ان أكون مخطآ ]أني مودع بالسجن إلى أن يجدو دليلا أو سببا يوجب ذلك.
لم تكن هذه العدالة التي اعتقدت!!!
أدرك ان السادة القضاة الذين تعهدوا بملفي والسادة المحامين الذين تولّو الدفاع عني تعرضوا لشتى حملات التشويه وهتك الأعراض هم وعائلاتهم كما تم ترهيبهم وتهديدهم حتى لا ينصفني قاض ولا يدافع عنّي محام وقد تم ذلك من نفس عصابات الفايسبوك التي شوّهتني طيلة سنوات ثم ابتزتني ورفضت ابتزازها والتي قدّمت وقدم غيري عشرات الشّكاوى للقضاء في شأنها وتمتعت على الدوام ولا زالت بالإفلات من المحاسبة والعقاب.
ولكن هل يبرر الخوف من التشويه الخضوع له وعدم إنصافي.
لا شيء يبرر ما اعيشه من حيف.
وهل يبرر كل ذلك الظلم الذي يتعرض له وكيل الشركة الموقوف معي ؟
هل يبرر كل ذلك ما تعيشه عائلاتنا من معاناة وقهر ؟
بأي منطق وأي قانون وأي مبرّر يتواصل إيقافي رغم تمتعي بقرينة البراءة ورغم انعدام أي سبب لذلك خاصة وقد مضى على صدور قرار قاضي التحقيق بالإفراج عني 140 يوما.
أعلم أن الأفراد كالشعوب لا تتعلم إلا من ذات تجاربها وتدفع في كل مرة ثمن التجربة .كما أوقن أن على من خاضو في الشأن العام قبول دفع ضريبة تكون أحيانا باهضة وقد قبلت دفعها تشويها وشيطنة وإستهدافا وهرسلة ثم أبحاثا وتتبّعات قضائية بل إنني قبلت حتى بإيقافي ليقيني بان الأبحاث ستنتهي إلى براءتي وهو ما انتهى إليه التحقيق فعلا . إلا اني لا أرى عدلا ولا اقبل بقائي مسجونا دون سبب إلا مواصلة البحث عن حجة تدينني !!؟؟
لمن يريد مزيد البحث فله ذلك ولكن لا يحق له سجني إذ أعطى القانون أكثر من وسيلة وإجراء يضمن مواصلة الأبحاث خاصة وقد استنفدت أجال الاحتفاظ منذ الخامس عشر من شهر أفريل بل إنها قامت على الإخلال بإجراءاتها.
ليس لي رغبة وأنا أتضور جوعا وراء القضبان وبالكاد أغالب جسدي المنهك بفعل الإضراب إلا العودة لابني الذي ليس له غيري.
اكتب لأسمع صوتي لكل من يريد سماعه
اكتب لكل من يأبى الظلم على نفسه
اكتب لكل من لا يرضى الظلم لأحد.
اكتب بعد أن قررت وبلا رجعة الإضراب الوحشي عن الطعام ولأعلم الجميع أنني لا أرضى الظلم لنفسي ولو كان ثمن ذلك هلاكي.
وأختم بما جاء في الحديث القدسي:
” ياعبادي إنّي حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظا لمو”
مهدي بن غربية
السجن المدني المسعدين أواخر افريل 2022
“لا تنتزع كرامتنا إلا متى منحناها ” ـ غاندي.
أكتب هذه الاسطر ولا ادري إن كانت ستغادر سجني فتقرأ ام أنها ستضلّ حبيسته مثلي.
أكتب بعد دخولي في إضراب جوع وحشي قبل أن افقد القدرة على التفكير والكتابة.
أكتب عن ألم الظلم الذي أواجهه بأمعاء خاوية لم يبقى لي من صوت سواها.
حكايتي بدأت منذ أكثر من ستة أشهر ، لم أكن لأصدق ما أعيشه لولا أنني أراه كل صباح ، إذ كيف تتحول دعوى تجارية رفعتها إحدى الشركات التي أساهم فيها ـ دون أي مسؤولية لي فيها ـ لاستخلاص دين موثق بفواتير إلى قضية تبييض أموال ؟
أعلم أن ما تعرضت له من شيطنة متواصلة منذ سنوات على الفضاء الافتراض في حملات منظمة مدفوعة الأجر أو بغرض الابتزاز واعلم أيضا أن الظّرف الخاص للبلاد المتّسم بالغضب والنقمة من كل سياسي العشرية المنقضية ورغبة الكثيرين لتقديم قرابين جعل ذلك ممكنا ، لقد كنت فريسة سهلة ، نائب ورجل أعمال ، بلا حزب ولا حليف ودون مصالح تذود عني….
ورغم إدراكي لكل ذلك ، لم أغادر البلاد وكان ذلك متاحا بالرّغم من نصح الكثير من الأصدقاء.
لم اهرب لثقتي في القضاء أولا ولأنني لم ارتكب جرما أخشى بسببه من المحاسبة ، ولأنني أرفض العيش فارّا من بلادي ، ولإيماني قبل ذلك وبعده بأنه مهما تكالبت إرادات الشرّ وأفعال الشيطنة فلا يمكن لها إيجاد جرم لم يكن.
واجهت قدري مؤمنا ببراءتي، وتم فعلا تبرئتي من التهم الجنائية المتعلقة بغسيل الأموال والتدليس وتقرر الافراج عني عند ختم التحقيق في منتصف شهر ديسمبر ،وذلك بعد حوالي الشهرين من إيقافي وبعد كل الإستنطاقات والسّماعات والاختبارات والتّساخير وبالرغم من التجني من بعض المصالح الإدارية بالإنتقائية في تقديم المعطيات وأنصاف الأجوبة والتأويلات وتعمد السهو وإخفاء الكثير من الحقائق . ولم يبقى في الملف إلا شبهة افتعال فواتير لي ثقة في دحضها علاوة على انعدام مسؤوليتي فيها .إلا أن النيابة العمومية استأنفت قرار الإفراج وكان منتظرا من دائرة الاتهام التي أحيل اليها الملف ان تفصل في نازلتي بإقرار ما توصّل إليه قاضي التحقيق أو نقضه إلاّ أنها تؤجل ذلك منذ أكثر من أربعة أشهر وتطلب في كل مرة تحقيقات اضافية انتهت دائما الى نفس النتائج إذ لا يمكن ايجاد جرم لم يكن.
أحسب احيانا [ وآمل ان أكون مخطآ ]أني مودع بالسجن إلى أن يجدو دليلا أو سببا يوجب ذلك.
لم تكن هذه العدالة التي اعتقدت!!!
أدرك ان السادة القضاة الذين تعهدوا بملفي والسادة المحامين الذين تولّو الدفاع عني تعرضوا لشتى حملات التشويه وهتك الأعراض هم وعائلاتهم كما تم ترهيبهم وتهديدهم حتى لا ينصفني قاض ولا يدافع عنّي محام وقد تم ذلك من نفس عصابات الفايسبوك التي شوّهتني طيلة سنوات ثم ابتزتني ورفضت ابتزازها والتي قدّمت وقدم غيري عشرات الشّكاوى للقضاء في شأنها وتمتعت على الدوام ولا زالت بالإفلات من المحاسبة والعقاب.
ولكن هل يبرر الخوف من التشويه الخضوع له وعدم إنصافي.
لا شيء يبرر ما اعيشه من حيف.
وهل يبرر كل ذلك الظلم الذي يتعرض له وكيل الشركة الموقوف معي ؟
هل يبرر كل ذلك ما تعيشه عائلاتنا من معاناة وقهر ؟
بأي منطق وأي قانون وأي مبرّر يتواصل إيقافي رغم تمتعي بقرينة البراءة ورغم انعدام أي سبب لذلك خاصة وقد مضى على صدور قرار قاضي التحقيق بالإفراج عني 140 يوما.
أعلم أن الأفراد كالشعوب لا تتعلم إلا من ذات تجاربها وتدفع في كل مرة ثمن التجربة .كما أوقن أن على من خاضو في الشأن العام قبول دفع ضريبة تكون أحيانا باهضة وقد قبلت دفعها تشويها وشيطنة وإستهدافا وهرسلة ثم أبحاثا وتتبّعات قضائية بل إنني قبلت حتى بإيقافي ليقيني بان الأبحاث ستنتهي إلى براءتي وهو ما انتهى إليه التحقيق فعلا . إلا اني لا أرى عدلا ولا اقبل بقائي مسجونا دون سبب إلا مواصلة البحث عن حجة تدينني !!؟؟
لمن يريد مزيد البحث فله ذلك ولكن لا يحق له سجني إذ أعطى القانون أكثر من وسيلة وإجراء يضمن مواصلة الأبحاث خاصة وقد استنفدت أجال الاحتفاظ منذ الخامس عشر من شهر أفريل بل إنها قامت على الإخلال بإجراءاتها.
ليس لي رغبة وأنا أتضور جوعا وراء القضبان وبالكاد أغالب جسدي المنهك بفعل الإضراب إلا العودة لابني الذي ليس له غيري.
اكتب لأسمع صوتي لكل من يريد سماعه
اكتب لكل من يأبى الظلم على نفسه
اكتب لكل من لا يرضى الظلم لأحد.
اكتب بعد أن قررت وبلا رجعة الإضراب الوحشي عن الطعام ولأعلم الجميع أنني لا أرضى الظلم لنفسي ولو كان ثمن ذلك هلاكي.
وأختم بما جاء في الحديث القدسي:
” ياعبادي إنّي حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالمو”
مهدي بن غربية
السجن المدني المسعدين أواخر افريل 2022.”