كتاب “المسلمون في أمريكا” يتوقع مكانة متميزة للإسلام في المستقبل على عكس بعض التوقعات
واشنطن ــ الرأي الجديد
قال الدكتور عاطف عبد الجواد عن الأسباب والدوافع التي دفعته إلى كتابة هذا الكتاب، حيث قال إنه “لم ييتوفر إلى حدّ الآن، أي كتاب يتحدث عن وجود المسلمين في الولايات المتحدة، لا تاريخيًا ولا حقائقيًا، خاصةً في هذا الوقت الذي تسلط فيه الدوائر الثقافية والإعلامية والسياسية والأمنية في الولايات المتحدة وأوروبا والشرق الأوسط، الأضواء على المسلمين وعلاقتهم بالإرهاب والعنف”.
وأضاف الدكتور عبد الجواد في برنامج إذاعي أميركي، على راديو “صوت العرب من أمريكا”: “أحسست وأدركت أن هناك نقصًا كبيرًا في تناول الحقائق حول وجود المسلمين في الولايات المتحدة، فكانت محاولة مني لإلقاء الضوء على المسلمين في أمريكا، وأتمنى في المستقبل القرب أن أكتب نسخة من الكتاب باللغة الإنجليزية حتى يتمكن القارئ الأمريكي والغربي من الاطلاع على بعض هذه الحقائق”.
وأوضح الكاتب الصحفي والإعلامي الأمريكي، المصري الأصل، أن الكتاب لا يشكل وجهة نظره، وإنما تعامل فيه مع الحقائق، مشيرًا إلى أن وجهة النظر الوحيدة في الكتاب تأتي في فصله الأخير عندما تحدث عن مستقبل المسلمين في الولايات المتحدة، حيث توصل إلى خلاصة تعتمد أيضا على مقومات تاريخية من خلال ما حدث لأقليات عرقية ودينية أخرى عبر التاريخ الأمريكي، حيث تمكنت هذه الأقليات في النهاية أن تأخذ مكانتها في المجتمع بالرغم مما تعرضت له من ظلم واضطهاد وتمييز.
مكانة متميّزة
وأشار إلى أنه بناءً على هذه الخلاصة، فإنه يتوقع أن يصل المسلمون إلى مكانة متميزة في المجتمع الأمريكي لا تختلف عما حققته الأقليات الأخرى.
ولفت إلى أن الكتاب يتكون من 12 فصلًا، حيث يأتي الفصل الأول تحت عنوان “متى جاء المسلمون إلى أمريكا؟”، والذي يمثل دراسة تاريخية حول تدفق المسلمين إلى القارة الأمريكية أولًا، ثم الولايات المتحدة بعد ذلك.
وأشار إلى أن هناك نظريتين حول قدومهم، الأولى أنهم جاؤوا مع كريستوفر كولومبوس، مكتشف أمريكا، والثانية أن المسلمين وصلوا إلى القارة الأمريكية قبل كولومبوس، وهناك قصص ونوادر كثيرة تبيّن تواجد المسلمين في أمريكا قبل كولومبوس، وتناول الكتاب بالشرح الأسباب التي دفعت المسلمين إلى القدوم إلى أمريكا من بلدانهم الأصلية.
وحول عدد المسلمين المتواجدين حاليًا في أمريكا، قال عبد الجواد إنه “ليس هناك عدد دقيق لإحصائهم، وذلك لعدم وجود تعداد رسمي حولهم، كما أن التعداد الأمريكي الرسمي لا يشمل تعريف السكان استنادًا إلى دينهم، وذلك لأن الدستور الأمريكي علماني، وأمريكا بشكل رسمي هي بلد لا ديانة لها، وإنما هي ـ بحسب الدستور ـ بلد مفتوح لكل الديانات والأعراق”.
وأشار إلى أنه تم التوصل إلى بعض الأرقام التقريبية استنادًا إلى استطلاعات صحفية، أو من خلال عدد من يرتادون المساجد، وتشير هذه الأرقام إلى أن عدد المسلمين في الولايات المتحدة الآن بشكل تقريبي حوالي 6 ملايين نسمة، وهم منقسمون إلى 3 طوائف؛ المسلمون السود، وهم مولدون في الولايات المتحدة، والمسلمون المهاجرون الذين قدموا من الدول الإسلامية ومن الشرق الأوسط، والجيل الجديد من المسلمين وهم أبناء المهاجرين.
ولفت عبد الجواد إلى مشروع قامت به بعض القيادات الإسلامية في أمريكا بعد أخذ موافقة السلطات، حيث زار الوعاظ المسلمون بعض السجون الأمريكية، وتمكنوا من استمالة أعداد كبيرة من المساجين الذين اعتنقوا الدين الإسلامي، وأغلبهم من العرق الأسود، هذا إلى جانب مشروع آخر لتعيين وعاظ مسلمين في الجيش الأمريكي، وبخلاف هذين المشروعين فإن التأثير محدود، ربما بسبب عرقلة جهود المسلمين هنا في طرح صورة طيبة للإسلام بسبب ما تفعله بعض الجماعات الإرهابية التي تزعم انتمائها للإسلام.
وأشار إلى تشرذم المسلمين في الولايات المتحدة وفقًا لعرقياتهم، إضافةً إلى تشتتهم في أكثر من لوبي وليس لوبي واحد، وهذا كله من أسباب بطء خطواتهم في تحسين صورتهم وتوحيد صفهم داخل الولايات المتحدة.
وأوضح أن هناك ملحق في نهاية الكتاب به بعض أسماء المسلمين البارزين في المجتمع الأمريكي، في مجالات مختلفة كالعلوم والإعلام والفن والصحافة والطرب والسينما، مشيرًا إلى أنه اندهش من بعض الأسماء المشهورة عندما اكتشف أنهم من المسلمين.
أجيال مسلمة جديدة
08وأوضح أن الأجيال الجديدة من أبناء المسلمين لديهم هوية جديدة تمزج بين القيم والمبادئ الأمريكية وبين الهوية الإسلامية، أما بالنسبة للغة العربية فإن العرب يمثلون النسبة الأقل بين المسلمين هنا، خاصةً وأن أغلبية المهاجرين العرب إلى أمريكا هم من المسيحيين، مشيرًا إلى أن مسلمي جنوب شرق آسيا يشكلون حوالي 35%، فيما يمثل العرب حوالي 25% تقريبًا.
وتنبأ عبد الجواد بظهور أفكار إصلاحية إسلامية في أمريكا تحاول أن تزاوج بين المبادئ الإسلامية الأساسية وقيم المجتمع الأمريكي، موضحًا أن ذلك يحمل دفعة طيبة للمسلمين في أمريكا، وسيساعد على نجاحهم وتقدمهم.
ولفت إلى أنه رصد تجمعات ملحوظة للمسلمين في بعض المدن والولايات عن غيرها، وأبرزها هي ولاية ميشيغان، وخاصةً مدينة ديترويت وديربورن، وأيضا ولاية نيويورك وولاية كاليفورنيا، وفي ولايات أخرى هناك تجمعات أخرى للمسلمين ولكن بصورة أقل.
كما أشار إلى أهمية دور الفن والآثار والأدب في نشر صورة صحيحة للدين الإسلامي، وقال إن المجتمع الأمريكي كان من الممكن أن يتجاوز ما حدث في أحداث 11 سبتمبر لولا أن هناك البعض في منطقة الشرق الأوسط استمروا في ارتكاب أفعال شنيعة، مثل ما يقوم به تنظيم داعش على سبيل المثال، ولكن في النهاية فإن أعداد المنتمين إلى مثل هذه التنظيمات قليلة جدًا مقارنة بعدد المسلمين ككل في العالم.
أجرى الحوار: ممدوح زكي ــ أعده للنشر: أحمد الغـر