طائرة تجسس روسية تعبر الأجواء التونسية باتجاه قيادة الإنقلاب في مالي.. في اصطفاف مع النظام المصري

تونس ــ الرأي الجديد (فيسبوكيات)

كشف عبد الوهاب الهاني، الناشط السياسي، عن طائرة عسكريَّة روسيَّة عبرت الأجواء التُّونسيَّة باتِّجاه مالي.

وقال الهاني في تدوينة على موقعه على فيسبوك، أنّ الطَّائرة المذكورة غادرت فعلا مطار بنغازي يوم 29 جانفي على السَّاعة 01:24 بالتَّوقيت الدُّولي (00:24 بتوقيت تونس)، ومرَّت فعلا عبر الأجواء التُّونسيَّة في مستوى خليج قابس (تحت رقابة أبراج المراقبة والطَّيران المدني والعسكري بمطارات جربة وقابس ورمادة)..

وأوضح الناشط السياسي، أنّ الطائرة غادرت باماكو مساء نفس اليوم على السَّاعة 18:07 بالتُّوقيت الدُّولي (17:07 بتوقيت تونس)، وبنفس خط السَّير عبر الأجواء الجزائريَّة والتُّونسيَّة باتِّجاه غير معلوم..

وأضاف بأنه بعد التَّثبُّت في خط السَّير لاحقا، تبيَّن أنَّها اتَّجهت صوب مطار طُبرق (ليبيا، قرب الحدود اللِّيبيَّة المصريَّة)، ثَّم من طُبرق باتِّجاه اللَّاذقيَّة (سوريا) ثُمَّ من القاعدة العسكريَّة بشكالوفسكي (ضواحي موسكو، روسيا)..

واستغرب عبد الوهاب الهاني، أن تمر الطائرة عبر الأجواء التونسية، لأنّ من شأن ذلك، “إطالة مُدَّة الرَّحلة، وليست له أسباب لوجيستيَّة منطقيَّة مفهومة ــ في تقديره ــ إلَّا لغاية في نفس بوتين قضاها، حسب قوله..

وقال الهاني في تدوينته المفصلة، أنّ طائرة ” توبوليف “توبوليف ت.ي.ـ154م” (Tupolev Tu-154M) الحاملة لرقم التَّسجيل الدُّولي “RA-85041″، مجهّزة بالكامل، بأرقى التَّجهيزات العسكريَّة والاستخباراتيَّة..

واعتبر أنّ السماح لهذه الطائرة بالتحليق والمرور عبر الأجواء التونسية، يعكس فوضى الدبلوماسية التونسية، التي تجاوزت الحياد الإيجابي الذي تعودت عليه الخارجية التونسية،

خلال عقود، فضلا عن تغير بوصلة الدبلوماسية التونسية، باتجاه المصالح والحسابات الروسية، في اصطفاف واضح مع الجانب المصري، وفق تعبيره.

وتساءل عبد الوهاب الهاني، عما إذا كان السماح لهذه الطائرة، بالمرور عبر الأجواء التونسية، باتجاه باماكو، من شأنه أن “يثير تساؤلات حول موقف تونس من انقلاب باماكو، ومخاوف من اختطاف صلاحيَّات الأمن القومي والدِّفاع الوطني من رئيس الجمهوريَّة بعد عزلته الدبلوماسية”، حسب تعبيره..

وفيما يلي نص التدوينة…

                                                                                                                                        Abdel Wahab Hani
خطير جدَّا.. طائرة عسكريَّة روسيَّة تعبر الأجواء التُّونسيَّة باتِّجاه مالي، وتساؤلات حول موقف تونس من انقلاب باماكو، ومخاوف من اختطاف صلاحيَّات الأمن القومي والدِّفاع الوطني من رئيس الجمهوريَّة

“نشر الجيش الرُّوسي خطَّ سَيْر الطَّائرة العسكريَّة “توبوليف ت.ي.ـ154م” (Tupolev Tu-154M) الحاملة لرقم التَّسجيل الدُّولي “RA-85041” التَّابعة لسلاح الجو الرُّوسي في رحلتها من القاعدة العسكريَّة “شكالوفسكي” (Чкаловский (Chkalovsky)) في ضواحي موسكو (روسيا) باتِّجاه اللَّاذقيَّة (سوريا)، ومنها إلى الخرطوم (السُّودان) عبر المجال الجوِّي المصري (مصر)، ثمَّ من الخرطوم باتِّجاه بنغازي (ليبيا)، ومناب باتِّجاه باماكو (مالي) عبر المجال الجوِّي التَّونسي (تونس) والجزائري (الجزائر)..

وبالتَّثبُّت في رصد حركة طائرة توبوليف العسكريَّة على مواقع رصد حركة الطَّيران، تبيَّن أنّ الطَّائرة المذكورة غادرت فعلا مطار بنغازي يوم 29 جانفي على السَّاعة 01:24 بالتَّوقيت الدُّولي (00:24 بتوقيت تونس)، مرَّت فعلا عبر الأجواء التُّونسيَّة في مستوى خليج قابس (تحت رقابة أبراج المراقبة والطَّيران المدني والعسكري بمطارات جربة وقابس ورمادة).. وغادرت باماكو مساء نفس اليوم على السَّاعة 18:07 بالتُّوقيت الدُّولي (17:07 بتوقيت تونس) وبنفس خط السَّير عبر الأجواء الجزائريَّة والتُّونسيَّة باتِّجاه غير معلوم.. ولكنَّ التَّثبُّت في خط السَّير لاحقا تبيَّن أنَّها اتَّجهت صوب مطار طُبرق (ليبيا، قرب الحدود اللِّيبيَّة المصريَّة)، وثَّم من طُبرق باتِّجاه اللَّذقيَّة (سوريا) ثُمَّ من القاعدة العسكريَّة بشكالوفسكي (ضواحي موسكو، روسيا)..

والغريب أنَّ خط السَّير العادي من قاعدة شكالوفسكي أو من اللَّاذقيَّة أو من الخرطوم أو من بنغازي باتِّجاد باماكو لا يمرُّ أبدا عبر الأجواء التُّونسيَّة إطلاقا.. ولا حتَّة باموكو طُبرق في العودة.. بل إنَّ المرور عبر الأجواء التُّونسيَّة يُطيل من مُدَّة الرَّحلة وليست له أسباب لوجيستيَّة منطقيَّة مفهومة إلَّا غاية في نفس بوتين قضاها..

وطائرة توبوليف “توبوليف ت.ي.ـ154م” (Tupolev Tu-154M) الحاملة لرقم التَّسجيل الدُّولي “RA-85041” من أبرز قطع سلاج الجو الرُّوسي، تمَّ تصنيعها سنة 1996 وتجهيزها طيلة ستَّة عشر عاما، لتجهيزها بالكامل بأرقى التَّجهيزات العسكريَّة والاستخباراتيَّة، قبل أن تدخل الخدمة رسميًّا سنة 2012، وقاعدة انطلاقها هي القاعدة العسكريَّة “شكالوفسكي” (Чкаловский (Chkalovsky)) في ضواحي موسكو أين تعتبر “ضيف الشَّرف” (VIP)..

وإذا كان السُّؤال لا يطرح بالنِّسبة لمصر للعلاقات الحميميَّة بين البلدين والجيشين، ولأن الطَّائرة اتَّجهت للخرطوم، ولا يطرح بالنِّسبة لسودان الانقلاب المدعوم روسيًّا، ولا لبنغازي ولا لطُبرق تحت سيطرة المُشير خليفة حفتر المدعوم روسيًّا عسكريًّا، وعن طريق مرتزقة شركة فاغنر العسكريَّة الخاصَّة، ولا حتَّى الجزائر الَّتي ترتبط بشراكة استراتيجيَّة مع روسيا ومع الجيش الرُّوسي ولها دور محوري في الأزمة الماليَّة،..

فإنَّ الأمر مثار استغراب شديد بالنِّسبة لتونس، نظرا لموقف الحياد الإيجابي لبلادنا منذ الاستقلال المجيد بين الغرب والشَّرق السُّوفياتي ووريثه الرُّوسي، ونظرا لمواقف بلادنا الثَّابتة في رفض الانقلابات، وفي الانضباط لقرارات اتِّحادنا الإفريقي، ولقرارات الشَّرعيَّة الدُّوليَّة..

ويأتي هذا الخرق بعد الفوضى الدبلوماسية الَّتي عرفتها آخر أيَّام عضويَّة تونس في مجلس الأمن، والتَّخبُّط وعبث التَّخندق والاصطفاف الرَّسمي التُّونسي مع موقف روسيا، عبر رفض المشاركة في التَّصويت على تمديد بعثة الأمم المُتَّحدة للاستفتاء حول الصَّحراء في أكتوبر الماضي، في خرق خطير لثوابت الدبلوماسية التُّونسيَّة، وفي انتهاك صارخ للإجماع العربي والإفريقي والأممي..

كما يأتي في وقت تتصاعد فيه أصوات “السُّوفياتات” الرُّوسيَّة في تونس لخرق العقيدة الدبلوماسية والعسكريَّة التُّونسيَّة، والاصطفاف مع الرُّوس وحلفائهم في المنطقة..

ولم تنشر لا وزارة الدِّفاع ولا وزارة الخارجيَّة في حكومة التَّدابير الاستثنائيَّة، ولا رئاسة الجمهوريَّة القيادة العليا للقوَّات المسلَّحة التُّونسيَّة، إلى الآن، أيَّة معلومات عن ملابسات السَّماح لطائرة توبوليف سلاح الجو الرُّوسي باستعمال المجال الجوِّي التُّونسي باتِّجاه بُؤرة توتُّر شهدت انقلابا أدانه اتِّحادنا الإفريقي ومنظَّمة الأمم المُتَّحدة.. ناهيك عن تواجد تونسيِّين من بين عناصر الجماعات الانفصاليَّة والإرهابيَّة وبالأخص “جماعة أنصار الدِّين”، ممَّا وثَّقه المبعوث الأممي الخاص الأسبق لمالي ووزير الخارجيَّة الأسبق، الصَّديق سي منجي حامدي..

الأسئلة الحارقة الَّتي على وزير الدِّفاع ووزير الخارجيَّة في حكومة التَّدابير الاستثنائيَّة الإجابة عنها حالًّا وبوضوح، لطمأنة الرَّاي العام عن ثبات تونس في مواقفها وفي عقيدتها الدبلوماسية والعسكريَّة:

هل كانت طائرة توبوليف العسكريَّة الرُّوسيَّة تحمل مرتزقة شركة “فاغنر” العسكريَّة الخاصَّة أم ضبَّاطا عسكريِّين روس لتقديم الدَّعم العسكري للانقلاب العسكري في باماكو؟؟؟

هل توقَّفت طائرة توبوليف العسكريَّة الرُّوسيَّة في مطار جربة أو قابس العسكري أو رمادة؟؟؟

وما هو مُبرِّر خط سيرها عبر أجوائنا التُّونسيَّة؟؟؟

ومن سمح لها بعبور أجوائنا التُّونسيَّة وخرق الموقف الثَّابت لتونس في إدانة الانقلابات وتغيير أنظمة الحكم بالقُوَّة وبالانقلابات العسكريَّة؟؟؟

ومن سمح بخرق موقف تونس الثَّابت الملتزم بقرار اتِّحادنا الإرفيقي والأمم المُتَّحدة بإدانة الانقلاب العسكري في مالي ومن يقف وراءه؟؟؟

وما هي الكُلفة الدِّبلوماسيَّة والإستراتيجية لهذا الموقف الغريب؟؟؟

واجب الحفاظ على المصالح العليا لتونس والحفاظ على عقيدتها الدبلوماسية يقتضي الابتعاد عن العبث وعدم الانسياق وراء “السُّوفييت” الرَّوسيَّة في تونس..

خاصَّة مع مخاطر تسلُّل المنظر لينين والوالي ستالين وغيرهم من “المنظِّرين السُّوفيات” والفوضويِّين والبوخونين، واختراقهم لأجهزة الدَّولة عبر نافذة ضعف إلمام رئيس الجمهوريَّة بمتطلِّبات تسيير الدَّولة، وعزوفه عن ممارسة صلاحيَّته السِّياديَّة في السِّياسة الخارجيَّة، والآن في الأمن القومي وفي الدِّفاع الوطني.. بعد أن “عزلته” الغرف الخفيَّة الخلفيَّة المظلمة، ورمت به في أتُّون الانغماس اليومي في إدارة صغار وصغائر الأمور التَّرتيبيَّة للتَّدبير والتَّسيير اليومي لعمل الإدارة، بما يُشوِّش ذهنه ويُكدِّر نفسيَّته، ليترك تدريجًّا وظائفه السِّياديَّة الَّتي انتخبه من أجلها الشَّعب لفائدة الغرف الخفيَّة الخلفيَّة المظلمة، لتتفرَّد وفي جُنح الظَّلام بالعبث بالسِّياسة الخارجيَّة للدَّولة وبأمننا القومي وبدفاعنا الوطني وبسيادتنا، في غفلة من الوطن..

واجب الشَّفافيَّة يقتضي ندوة صحفيَّة لوزراء الدِّفاع والخارجيَّة في حكومة التَّدابير الاستثنائيَّة.. وواجب الحفاظ على المصالح العليا لتونس والحفاظ على عقيدتها الدبلوماسية يقتضي الابتعاد عن العبث..