“معهد تونس للسياسة” يطرح موضوع الأزمة السياسية في تونس وإشكال التعايش والبناء الديمقراطي
إدريس والهمامي والحجي والخلفاوي يحاضرون
تونس ــ الرأي الجديد / سندس عطية
قال أحمد إدريس، مدير معهد تونس للسياسة، أننا لم نفصل إلي اليوم في مسألة “التعايش” لا في الدستور، ولا عند طرح مسألة “التوافق”، الذي وصفه بـ “الكاذب” أو “التسويفي”. وأكد إدريس، “أننا اليوم نعاني من عدم قدرتنا على التعايش”، مشيرا إلى أننا “لو تمّكنا في المستقبل من التعايش، واستبطان الديمقراطية، عندها سنتمكن من النجاح في المضي إلى الأمام، وبناء الدولة الديمقراطية، وتونس المختلفة والمتنوعة في مناخ اجتماعي سليم”، وفق تعبيره..
ويأتي حديث إدريس، خلال ندوة نظمها “مركز تونس للسياسة”، حول أفق الأزمة السياسية في تونس حاليا، في ضوء الظرف الاستثنائي الذي تمر به البلاد، مبرزا أنّ الأزمة السياسية الراهنة، غير مسبوقة، وازدادت تعقيدا منذ “انقلاب” 25 يوليو 2021.
وشارك في هذه الندوة، التي حملت عنوان: “الأزمة السياسية وضرورة التلاقي”، الصحفي لطفي حجي، مدير مكتب قناة “الجزيرة” بتونس، والمحامي اليساري، العياشي الهمامي، والجامعي، الصحبي الخلفاوي، بحضور عدد من مكونات المجتمع المدني والسياسي.
مناقشات لبلورة “الدولة الديمقراطية”
وقال المحامي، عياشي الهمامي، بوصفه عضوا ضمن هيئة 18 أكتوبر2005، أنّه كان حينها على رأس فرع تونس للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، واستعرض الهمامي، تجربة الحوار التي أدارتها هيئة 18 أكتوبر، التي وصفها
بـ “الناجحة”، على الرغم من الاختلافات الأيديولوجية والفكرية لأعضاء الحركة.
وأشار الهمامي إلى الظروف التي ساهمت في إنجاح عملية التلاقي بين مختلف الأطراف والشخصيات السياسية والحقوقية المعارضة لنظام بن علي داخل حركة 18 أكتوبر، معتبرا أنّ من أبرزها، إضراب الجوع الذي نفذه 8 معارضين من تيارات سياسية مختلفة، قبيل القمة العالمية حول مجتمع المعلومات (تونس 2005)..
وأوضح أنّ هيئة 18 أكتوبر، نجحت في لفت الأنظار لحالة القمع والديكتاتورية التي تعيشها البلاد في تلك الفترة.
وأشار الهمامي، إلى أنّ تلك الهيئة، “مثّلت تجربة نوعية وهامة للعمل السياسي، حيث كانت مخبرا للحوار رغم اختلاف القوى السياسية المكوّنة للجبهة”.
وأضاف بأنّه بعد انتهاء إضراب الجوع، عكفت مكونات الجبهة السياسية والفكرية، ضمن ما عرف “بمنتدى 18 أكتوبر للحقوق والحريات”، على مناقشة موضوعات مهمة، وأصدرت لاحقا كتابا بعنوان “طريقنا إلى الديمقراطية”، الذي كان “مادّة أولية لتأسيس الدولة الديمقراطية”.
“الزعاماتية”.. والأطماع.. والتعايش المستحيل
من جانبه، أكد لطفي حجي، الصحفي والرئيس السابق لنقابة الصحفيين التونسيين، التي تأسست عام 2004، كأول نقابة للصحفيين في تاريخ تونس، أن تجربة 18 أكتوبر تعدّ من بين الأحداث الكبرى، التي “ساهمت في تعرية الديكتاتورية، قبل أن تعقبها أحداث الحوض المنجمي سنة 2008، التي شملت مدن الرديف والمتلوي وأم العرائس والمظيلة في ولاية قفصة، وواجهها نظام بن علي بالقمع الشديد..
وتطرق حجي، إلى الأسباب التي كانت وراء نجاح حركة 18 أكتوبر. ولخص مدير مكتب الجزيرة بتونس هذه الأسباب، في “ضبط أعضاء الهيئة لأولوية الأحداث، الأهم قبل المهم”، مضيفا أنّ من الأسباب الأساسية لفشل هيئة 18 أكتوبر 2005، “الأطماع الشخصية، وهاجس الزعاماتية”..
وأشار لطفي الحجي، إلى فترة ما بعد الثورة، معتبرا أنّ فشل الأطراف السياسية في تحقيق التعايش بين 2011 و2013، ساهم في مزيد تأزم الأوضاع، إذ لم ينجح السياسيون، في استغلال مناخ الحريات، وفشلوا في اقتناص لحظة الثورة، فلم تتم معالجة قضايا البناء الديمقراطي، وتغيير المنوال التنموي، وهيمنت مقابل ذلك، الانقسامات والصراعات، ما أفشل أي مسعى للتعايش والتأسيس لبناء جديد.
لكنّ المتحدث، عرج على جهود التجميع بعد “انقلاب” 25 يوليو، غير أنّه أشار إلى ضرورة ألا تستنسخ الأطراف السياسية تجربة 18 أكتوبر، معتبرا أنّ الطبقة السياسية، عجزت عن تشكيل ما أسماها بــ “الكتلة التاريخية”، بالنظر إلى التناقضات التي تشق المحيط السياسي، وغياب ما أسماه بــ “عقلنة الخلافات”، من أجل التوصل إلى تعايش تحتاجه البلاد بين المحافظين والحداثيين.
وأعرب المشاركون في الحوار، عن يقينهم بأنّ المشكل اليوم هو في البحث عن نقطة الالتقاء خاصة وأن مشكلة الأحزاب اليوم هو “الزعاماتية ” والوصول الى الحكم ،مؤكدين على أن الالتقاء يجب أن يحدث على أساس المصلحة العامة.
وشددوا على أنّ السبب الرئيسي في استفحال الأزمة السياسية اليوم، هو العودة إلى الحكم الفردي، وعدم “استبطان الديمقراطية”، التي تم استخدامها كخدعة للوصول إلى الحكم، والهيمنة على السلطة، والقيام بتحالفات غير قوية.