عبد الوهاب الهاني: مرسوم قيس سعيّد سطو على السلطة التشريعية.. ومساس باستقلالية السلطة القضائية
جينيف ــ الرأي الجديد (فيسبوكيات)
قال الناشط السياسي، عبد الوهاب الهاني، أنّ قرار رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، وقف العمل بالمنح والامتيازات للمجلس الأعلى للقضاء، التي كان نص عليها أمر ترتيبي بالتنسيق والاتفاق بين المجلس ورئاسة الحكومة ومجلس نواب الشعب، ليست سوى “محاولة خطيرة للمساس باستقلاليَّة السُّلطة القضائيَّة، وتركيعها”، بما يُهدِّد الفصل بين السُّلطات ودولة القانون والمُؤسَّسات، على حدّ تعبيره..
وأعرب الهاني، في تدوينة على “فيسبوك”، عن قلقه من “إطلاق يد رئيس الجمهوريَّة للمساس بالقوانين الأساسيَّة وبالقوانين”، واصفا ذلك بــ “السطو غير المقبول على السُّلطة التَّشريعيَّة”، حسب قوله..
وأكد الناشط السياسي والحقوقي المقيم في سويسرا، أنّ “البلاد تدخل في منعطف خطير من مركزة السُّلطات، وترذيل المُؤسَّسات، وتجفيف مقوِّمات دولة القانون والفصل بين السُّلطات”..
واعتبر عبد الوهاب الهاني، أنّ تغيير القوانين بالشكل الذي يقوم به رئيس الجمهورية حاليا، ليس إلا “تنفيذا لهواجس وإرادة فرديَّة، وبنفحة من هلوسات الغرف الخفيَّة المظلمة المُتخفِّية وراء / وفي محيط رئيس الجمهوريَّة”، مشيرا إلى أنّ هذه الممارسات، “سيكون لها عواقب وخيمة على تونس”، وفق تعبيره..
وفيما يلي نص التدوينة..
Abdel Wahab Hani
بعد 24 ساعة من اجتماع “لجنة تشخيص مصلحة النِّظام” اللَّاقانونيَّة، صدور “مرسوم” رئاسي لتعديل القانون الأساسي للمجلس الأعلى للقضاء بقرار رئاسي لإلغاء المنح والامتيازات الواردة بالفصل 4 من القانون الأساسي (تحديد قيمتها بالقرار رقم 1 لسنة 2018 وبالقرار عدد 2 لسنة 2017 للمجلس المنشورين في الرَّائد الرَّسمي للجمهوريَّة التُّونسيَّة: منحة شهريَّة قدرها 2.364د بعد الخصم من المورد وخاضعة للضَّريبة على الدَّخل، ووصولات 400 لتر بنزين أو الفارق مع الخطَّة الأصليَّة)، بالإضافة للمساس بالفصل 2 في التَّعريف بالمصطلحات الوارد بالقانون الأساسي (المجلس: المجلس الأعلى للقضاء.، رئيس المجلس: رئيس المجلس الأعلى للقضاء.، أعضاء المجلس : أعضاء المجلس الأعلى للقضاء.، الجلسة العامة : الهيكل الجامع للمجالس القضائية الثلاثة.، المجلس القضائي : مجلس القضاء العدلي أو مجلس القضاء الإداري أو مجلس القضاء المالي.،إلخ…) والفصل 42 في اختصاصات المجلس (في انتظار تفاصيل النَّشر بالرَّائد)، في محاولة خطيرة للمساس باستقلاليَّة السُّلطة القضائيَّة وتركيعها عبر حجب المنح كما تمَّ مع البرلمان، بما يُهدِّد الفصل بين السُّلطات ودولة القانون والمُؤسَّسات..
سيقول البعض، بسيطة ولماذا لا يتفرَّغون مجَّانا، ولكنَّ حبل الشَّعبويَّة قصير، ـ لأنَّ المنح الماليَّة والامتيازات تحفظ المجلس وغيره من مؤسَّسات الدَّولة من الخضوع للوبيَّات الفساد والرَّشوة ـ ولأنَّ المستشارين والمكلَّفين بمهام، والمتعاونين مع رئاسة الجمهوريَّة والَّذين تعينهم الرِّئاسة لدى رئاسة الحكومة وفي الدَّواوين الوزاريَّة يحصلون على أضعافها، ـ ولأنَّه يحصل رئيس الجمهوريَّة شخصيًّا على إجمالي المنح والامتيازات الَّتي يحصل عليها أعضاء المجلس مجتمعين، ويزيد عليها أضعاف الأضعاف من امتيازات الإعاشة والتَّأمين والصِّحَّة والأمن له ولكافَّة أفراد عائلته أثناء أداءه لمهامِّه وبعدها، ـ ولأنَّ إطلاق يد رئيس الجمهوريَّة للمساس بالقوانين الأساسيَّة وبالقوانين، هو سطو غير مقبول على السُّلطة التَّشريعيَّة..
فلا يمكن في دولة القانون أن يتحوَّل رئيس الجمهوريَّة إلى سلطة تشريعيَّة، ولا يمكن أن علو “مرسوم” على قانون أساسي من قوانين الدَّولة أقرَّه المجلس التَّشريعي ومرَّ بمراقبة دستوريَّة القوانين وختمه ونشره رئيس الجمهوريَّة.. لا يمكن لرئيس الجمهوريَّة، بمنطوق الفصل 80 من الدُّستور، المساس بالقوانين الأساسيَّة ولا بالمنظومة التَّشريعيَّة خارج الهدف السَّامي من التَّدابير وهو مجابهة الخطر الدَّاهم وتأمين السَّير العادي لدواليب الدَّولة.. البلاد تدخل في منعطف خطير من مركزة السُّلطات وترذيل المُؤسَّسات وتجفيف مقوِّمات دولة القانون والفصل ين السُّلطات..
هذا التَّحوُّل الجديد سيزيد في مخاوف الرَّأي العام الوطني والدُّولي من المركزة المفرطة للسُّلطة وتعطيل الدُّستور والقوانين وتغييرها على غير الصِّيغ القانونيَّة وتنفيذا لهواجس وإرادة فرديَّة وبنفحة من هلوسات الغرف الخفيَّة المذلمة المُتخفِّية وراء وفي محيط رئيس الجمهوريَّة وبجرَّة قلم رئاسيَّة على ورق البُردي، وستكون له عواقب وخيمة على تونس..
(صورة لبلاغ رئاسة الجمهوريَّة، قبل أن يتمَّ التَّلاعب به لاحقا و”تعديله” هو الآخر لإضافة ما شرحناه قبل “تعديله” أعلاه بإضافة التَّنصيص عل مقدار المنحة الشَّهريَّة وامتياز البنزين ودون تنسيب ولا مقارنة مع الامتيازات الخُرافيَّة لرئيس الجمهورَّة وللمستشارين في الدَّوواين الرِّئاسيَّة والحكوميَّة والوزاريَّة، في محاولة غير لائقة لتأليب الرَّأي العام على المجلس)..