“فايننشال تايمز”: القناع سقط عن سيف الإسلام القذافي والإنتخابات لن توحّد ليبيا
طرابلس ــ الرأي الجديد (صحف)
قال المعلق في صحيفة “فايننشال تايمز”، ديفيد غاردنر، إن عودة نجل الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، إلى المسرح السياسي، تثير أسئلة حول سيف الإسلام، وإن كان يحمل مفتاح الحلول لمشاكل البلد الكثيرة.
وأضاف المعلق، أن الكثيرين الذين نجوا من 42 عاما في ظل طغيان معمر القذافي، حصلوا على لقطة مزدوجة له في نهاية الأسبوع وهم يراقبون لقطات لرجل معمم بعمامة بنية يبدو بطريقة غريبة مثله، وهو يوقع أوراق تسجيله في الإنتخابات الليبية المقرر إجراؤها الشهر المقبل.
لكن الظهور كان لنجله سيف الإسلام “الأمير”، المتقدم في العمر (49 عاما) والذّي ظل بعيدا عن الأضواء منذ اعتقاله وهو يحاول الهروب من البلد بعد ملاحقة والده وقتله على يد المتمردين، الذين أطاحوا بحكمه بدعم من الناتو والولايات المتحدة عام 2011.
وتمزقت ليبيا منذ ذلك الوقت ودخلت في حرب أهلية ونزاعات قبلية.
ويتساءل الكثير من الليبيين في الوطن ومن توزعوا في المنافي: ما هو السؤال الذي يمكن تصوره في كون سيف الإسلام الجواب؟
ويجيب الكاتب: “مضى وقت عندما كان الأمريكيون والأوروبيون في التسعينات والعقد الأول من الألفية الثانية الذين يشكون بالديمقراطية العربية ويبحثون بحيرةٍ عن البديل، بتحضير أبناء الديكتاتوريين المحليين، وعادة ما يقدمون على أنهم حداثيون ومصلحون، وهم متعلمون ومجهزون أفضل من أسلافهم، مع أن مايكل كورليوني كان كذلك”، في إشارة إلى فيلم الأب الروحي، الذي لعب فيه آل باتشينو دور زعيم المافيا بعد وفاة والده.
ويتابع: “الأمثلة كثيرة، وتشير إلى أن هذه السياسة لم تكن ناجحة، مثل نجليْ الرئيسين السوري والمصري، بشار الأسد وجمال مبارك”.
وفي حالة سيف الإسلام، استثمر الكثيرون الوقت معه، معتقدين أنه سيفتح البلد الغني بالنفط ويخرجه من كابوس الدولة البوليسية التي خلقها والده ومزق أحشاء المؤسسات في ظل جماهيريته، وهو مصطلح جديد جمع ما بين الشعب والجمهورية.
ووجد جيران ليبيا القذافي عنيدا ومن الصعب التعامل معه، ووصل مرة إلى القاهرة لحضور القمة العربية، ونصب مخيمه وسط العاصمة، وظل يغير زيّه مثل الحرباء، فسيد الذخيرة المتجددة وجد وقتا كي يقف على درجات فندق ويبدو مثل نجم روك وفرعون (أوزيماندياس/ رمسيس في قصيدة شيلي).
ويقول الكاتب، إن سيف الإسلام جذب إليه الكثير من النظرات المتفائلة، وكُرّم كمصلح في العديد من العواصم الغربية والعربية.
ورحب به المجتمع الراقي في لندن. وفي عام 2008 حصل على شهادة الدكتوراة من مدرسة لندن للاقتصاد بأطروحة عن “دور المجتمع المدني في إضفاء الطابع المدني على مؤسسات الحكم” والتي زعم النقاد لاحقا أن أجزاء منها مسروقة أو كتبها شخص آخر. ويقول غاردنر إنه شاهد سيف الإسلام في ذلك الوقت في لندن، بمقهي رويال جالسا على منصة محاطا بالشخصيات المهمة والبيروقراطيين. ينظر للحضور عبر نظارته حيث قدم على أنه بشير خير للمستقبل.
لكن القناع هذا سقط في الثورة ضد والده عام 2011، والتي كانت فصلا في سلسلة من الاضطرابات بالمنطقة عرفت بالربيع العربي. فقد هدد أبناء وطنه بـ”أنهار الدم” ووعد بـ”القتال حتى آخر رجل وامرأة وآخر رصاصة”.
ومنذ ذلك الوقت، أدين بإرتكاب جرائم حرب وحكم عليه بالإعدام في طرابلس عام 2015، ولا تزال محكمة جرائم الحرب الدولية تلاحقه، واعتقله مقاتلو الزنتان في الجبال الغربية، ويبدو أنه اشترى حريته للعودة إلى اللعبة، ولكن أية لعبة؟ فبعدما غادر الغرب الساحة في مرحلة ما بعد القذافي تاركا فراغا ملأته الجماعات القبلية المسلحة والجهاديين بالإضافة للاعبين الخارجيين الأقوياء كفرنسا والخليج ومصر التي دعمت خليفة حفتر، القائد المنشق عن القذافي وأمير الحرب والذي فشلت محاولاته للسيطرة على كل البلاد.
ويبدو أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، كان ميّالا لدعم رجل قوي كحاجز للمهاجرين من سوريا وشمال أفريقيا، ويقوم القادة العرب بإعادة بناء العلاقات مع نظام بشار الأسد، الذي سفك الدماء التي وعد القذافيون بسفحها “فأي وقت أفضل لإعادة سيف الإسلام” إلى المسرح؟
ويعتقد الكاتب أن انتخابات ليبيا في ديسمبر، لن تؤدي -لو حدثت- لإعادة توحيد البلاد، و”لن يكون سيف الإسلام قادرا على إحياء نظام والده المسرحي المضاء بخلفية من الكلام الطنان والتهريج”.
وينقل الكاتب عن شخصية مخضرمة في المنطقة الذي لبلاده مصلحة في النار الليبية، قوله إن القذافي الصغير “دجال”، يلعب دور من “يعبد الطريق أمام حفتر”، ويعلق غاردنر أن خطة سيف الإسلام ليست هذه على ما يبدو.