القضاة يرفضون المساس بالمجلس الأعلى للقضاء.. وينبهون إلى “الخطر المحدق الذي يتهدد السلطة القضائية”
تونس ــ الرأي الجديد / سندس عطية
أصدرت مجموعة من القضاة بيانا ينتقد بشدّة إعلان رئيس الجمهورية، تكليف وزيرة العدل بإعداد مشروع مرسوم يتعلق بتنظيم المجلس الأعلى للقضاء باتجاه تعديل تركيبته..
وعبر القضاة الــ 24 الموقعون على البيان، عن رفضهم لما أسموه بــ “حملات التشويه الممنهجة التي تطال القضاة”، منتقدين ما ورد في تصريحات متتالية لرئيس الجمهورية، من عزم على ما سماه “تطهير القضاء”..
وأعلن القضاة بوضوح، “رفضهم المبدئي لأي مساس بالمجلس الأعلى للقضاء كمؤسسة دستورية شرعية في وجوده وتركيبته”، سيما إذا كان تنقيح القانون المنظم له، سيتم “بصفة فوقية وانفرادية وفي فترة استثنائية خارج الإطار الدستوري والصيغ التشاركية”، وفق تعبير البيان.
وشدد القضاة، على رفضهم أي مساس بتركيبة المجلس وصلاحياته، “إلا بتعديل الدستور، وفق الأحكام الواردة ببابه التاسع”، واعتبروا أنّ “أيّ محاولة لذلك من قبل السلطة السياسية – فضلا عن كونها لاغية دستوريا وقانونيا – فإنها تفسح المجال للسيطرة التامة على السلطة القضائية”، وفق تقديرهم..
ودعا البيان كافة القضاة إلى “التمسك باستقلالهم وإصدار أحكامهم وقراراتهم طبق القانون على الجميع، وعلى قدم المساواة، دون خضوع للضغوط أو لسياقات التشنج والتحريض”.
ونبه القضاة الموقعون على البيان، جميع القضاة وكامل الأسرة القضائية، وكافة القوى الحية في البلاد، “إلى الخطر المحدق الذي يتهدد السلطة القضائية في وجودها، بعد التوجه نحو رفع الغطاء الدستوري عليها، وضرب ضمانات استقلالها، والتحريض على قضاتها”، داعين إلى “توحيد الصّفّ، والتجند لحمايتها حماية للحريات والدولة والنظام الديمقراطي”..
وفيما يلي نص البيان…
……………………………………………………
بيان مجموعة من القضاة
تبعا لما أعلنه رئيس الجمهورية من تكليف لوزيرة العدل بإعداد مشروع مرسوم يتعلق بتنظيم المجلس الأعلى للقضاء نحو تعديل تركيبته،
وتبعا لما أورده في تصريحات متتالية من عزمه على ما سماه “تطهير القضاء”،
وتبعا لتجدد حملات التشويه الممنهجة التي تطال القضاة بصفحات التواصل الاجتماعي تزامنا مع صدور مواقف قضائية أو اتخاذ السلطة السياسية قرارات تهم الشأن القضائي:
أولا: يُعلنون رفضهم المبدئي لأي مساس بالمجلس الأعلى للقضاء كمؤسسة دستورية شرعية في وجوده وتركيبته عبر تنقيح القانون المنظم له بصفة فوقية وانفرادية وفي فترة استثنائية خارج الإطار الدستوري والصيغ التشاركية
ثانيا: يؤكدون أن تركيبة المجلس وصلاحياته محددة بالدستور وهي لا تقبل التغيير إلا بتعديل الدستور نفسه وفق الأحكام الواردة ببابه التاسع، ويعتبرون أيّ محاولة لذلك من قبل السلطة السياسية – فضلا عن كونها لاغية دستوريا وقانونيا – فإنها تفسح المجال للسيطرة التامة على السلطة القضائية التي شُرّعت للحد من نفوذ السلطة التنفيذية ونوازعها أيا كان لونها ونواياها
ثالثا: يُنددون بكل استغلال وتوظيف لبعض مكامن ضعف الوضع القضائي والقابلة للإصلاح والتدارك لمزيد تشويه المؤسسة القضائية وابتزازها بتجاوزات بعض أعضائها وتسخيرها لفائدة السلطة التنفيذية
رابعا: يستغربون التزامن المتكرر لحملات التشويه المُمنهجة التي يتعرض لها القضاة من أصحاب الرأي المُعلن والمواقف القضائية المدافعة عن علوية الدستور واستقلال السلطة القضائية وحقوق القضاة وخصوصا مجموعة “القضاة الموقعين” من قبل صفحات ومجموعات التواصل الاجتماعي مع خطابات الرئيس المُزدرية للقضاء والقضاة والمُحرضة عليهم، بما يُعَدّ استباحة لهم وتشريعا لاستهدافهم وتهديدا لسلامتهم الجسدية وتحضيرا لإخضاع بقيّتهم وظيفيا وترهيبهم وإضعافا لمقاومتهم بما ينال من استقلال قراراتهم وعدالة أحكامهم…ويُطالبون في هذا الصدد رئيس الجمهورية ببيان موقفه من هذه الصفحات المشبوهة المُتلبّسة بدعمه والتي تسيئ للدولة ولمؤسسة الرئاسة وتُعفّن الوضع العام وتزرع بذور الفتنة في البلاد…ويُعلنون بالمناسبة تقديم مجموعة القضاة الموقعين بتاريخ 4 نوفمبر 2021 شكاية جزائية لوكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بتونس ضد الصفحات المسيئة قصد تتبع أصحابها وكشف شبكاتهم وارتباطاتهم
خامسا: يدعون رئيس الجمهورية للتوقف عن ازدراء القضاء والقضاة في محاكمات إعلامية وبخطاب يستجلب التعدّي اللفظي والمادي عليهم والإضرار بسمعتهم، كما يدعونه إلى توفير مناخ التعامل الندّي مع سامي القضاة وخصوصا مع رئيس المجلس الأعلى للقضاء ممثل السلطة القضائية
سادسا: يُنوّهون بتحمّل المجلس الأعلى للقضاء لمسؤولياته الدستورية وبموقفه الرافض للمساس بالبناء الدستوري للسلطة القضائية وبضمانات الاستقلالية المكفولة للقضاة، ويدعونه إلى التمسك بكامل موجبات استقلاله وممارسة سلطته الترتيبية الخاصة في المجال القضائي تطبيقا لأحكام الفصل الأول من القانون عدد 34 لسنة 2016 كالعمل على فرض التوازن الضروري مع السلطة التنفيذية، ويربؤون به وبأعضائه الخضوع للترهيب وللابتزاز السياسي أو تسخير النفس لتنفيذ الإملاءات تحت أيّ ذريعة
سابعا: يدعون القضاة الى التمسك باستقلالهم وإصدار أحكامهم وقراراتهم طبق القانون على الجميع وعلى قدم المساواة دون خضوع للضغوط أو لسياقات التشنج والتحريض
ثامنا: ينبهون القضاة وكامل الأسرة القضائية وكافة القوى الحية في البلاد إلى الخطر المحدق الذي يتهدد السلطة القضائية في وجودها بعد التوجه نحو رفع الغطاء الدستوري عليها وضرب ضمانات استقلالها والتحريض على قضاتها ويدعونها إلى توحيد الصّفّ والتجند لحمايتها حماية للحريات والدولة والنظام الديمقراطي..
تونس في 9 نوفمبر 2021
قائمة القضاة المُوقّعين:
1 – محمد العفيف الجعيدي، مستشار بمحكمة التعقيب
2 – حمادي الرحماني، مستشار بمحكمة التعقيب
3 – محمد الرمضاني، مدعي العام لدى محكمة التعقيب
4 – إيمان العبيدي، مستشار بمحكمة الاستئناف بتونس
5 – رشيد المبروك، الوكيل الأول لرئيس المحكمة الابتدائية بالقيروان
6- فاكر المجدوب، قاضي من الرتبة الثالثة بمحكمة الاستئناف بنابل
7- هندة بن الحاج محمد، مدعي عام لدى محكمة التعقيب
8 – حبيب صياحي قاضي من الرتبة الثالثة بمحكمة الإستئناف بتونس
9 – آمال العباسي، قاضي تحقيق أول بالمحكمة الابتدائية بمنوبة
10 – حاتم بن داود، مساعد الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بتونس
11 – صوفية بن عاقلة، رئيس دائرة بمحكمة التعقيب
12 – شكري حميدي، وكيل الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالقصرين
13 – يسر الجعيدي، مستشار بمحكمة الاستئناف بتونس
14 – نجيب بن حمودة، قاضي رتبة ثالثة بمحكمة الاستئناف بباجة
15 – كوثر زعيتر، مستشار بمحكمة التعقيب
16 – كلثوم العكرمي، قاضي من الرتبة الثالثة بالمحكمة العقارية
17 – رجاء البجاوي، مستشار بمحكمة التعقيب
18 – محمد بن مفتاح، مستشار بمحكمة التعقيب
19 – رضا المجدوب، مستشار دائرة جنائية بمحكمة الاستئناف بسوسة
20 – عبد الستار بن عمار، قاضي الضمان الاجتماعي بالمحكمة الابتدائية بالقيروان
21- عبد الناصر الهلايلي، قاضي مقرر بالمحكمة العقارية فرع القيروان
22 – جمال بن أحمد الهمامي، قاضي مقرر بالمحكمة العقارية بتونس
23- رياض بوجاه، رئيس دائرة استئنافية ملحق بوكالة التعاون الفني
24 – عبد القادر غزال، مستشار بمحكمة التعقيب..