السعودية في عيدها الواحد والتسعين: رؤية للمستقبل… دبلوماسية فاعلة… وعلاقات تزداد قوة مع تونس
تونس ــ الرأي الجديد
تحتفل المملكة العربية السعودية اليوم، بالعيد الوطني الــ 91 لتأسيس المملكة، بقيادة حكيمة من سمو خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله -وخلال هذه العقود، حققت المملكة عديد المنجزات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والدبلوماسية، بما جعلها تتبوأ مكانة مرموقة بين الأمم، بفضل حكمة قيادتها، وسعة أفقها، وقدرتها على البناء والتقدم، بمواطنيها وأجيالها، رغم تقلبات الأوضاع الدولية، وتعقّد المشكلات الدولية..
وكانت المملكة العربية السعودية، أطلقت قبل 5 سنوات، “رؤية المملكة 2030″، بدعم ورعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود..
ويجري تنفيذ هذه “الرؤية”، التي وضع أسسها ومرتكزاتها، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، بغاية بناء مستقبل جديد للمملكة، يليق بتاريخها، وإمكاناتها، والآفاق المستقبلية التي طرحتها القيادة السعودية على نفسها، ضمن أبرز التحديات التي تواجهها، لرفعة المملكة، وسؤددها، وجعلها بين الأمم المتقدمة، في غضون السنوات العشر القادمة..
هذا الوطن العظيم، الذي تسعى قيادة البلاد، لاستثمار مكامن قوّتنا التي حبانا الله بها، من موقع استراتيجي متميز، وقوة استثمارية رائدة، وعمق عربيّ وإسلاميّ، حيث تولي القيادة لذلك كل الاهتمام، وتسخّر كل الإمكانات لتحقيق هذه الطموحات.
جهود جبارة في إطار رؤية 2030
خلال السنوات الخمس الماضية، تم تحقيق العديد من الإنجازات، وتبلورت عدد من ممكّنات التحول، التي أسهمت في تحقيق نتائج ملموسة، على صعيد منظومة العمل الحكومي والاقتصاد والمجتمع، وأرست أسس النجاح للمستقبل.
واجهت المملكة في إطار تنفيذ هذه الرؤية، العديد من التحديات، واكتسبت الكثير من الخبرات التي عززت ثقة القيادة الدولة في تحقيق أهداف الرؤية، كما عملت على الاستثمار في التحول الرقمي الحكومي، وخلقت فرصاً للنمو والاستثمار، واستحدثت عدداً من القطاعات الاقتصادية الجديدة، وفتحت أبواب للعالم عل مصراعيها، فيما تم رفع مستوى جودة حياة المواطنين، وهي منجزات تمت بأيدي أبناء المملكة وبناتها..
وتدشن المملكة اليوم، في هذه الذكرى الخامسة للرؤية، مرحلة جديدة لدفع عجلة الإنجاز، من خلال تأكيد التزاماتها واستمرارها في البناء، لتحقيق أهدافها بحلول عام 2030.
وتتجه المملكة خلال الفترة المقبلة إلى تعزيز عملية إنجاح هذه الرؤية، من خلال تمكين المواطن والقطاع الخاص، من إطلاق جميع قدراتهم، والعمل على تنويع الاقتصاد، ودعم المحتوى المحلي، وتطوير فرص مبتكرة للمستقبل، عبر خلق بيئة جاذبة للاستثمارات المحلية والأجنبية، إضافة إلى استثمارات صندوق الاستثمارات العامة في القطاعات الواعدة والجديدة.
اللافت أنّ هذه المنجزات، تمت بفضل مساهمات المواطنين والمواطنات في السعودية، وثمرة الشراكة المستمرة بين القطاع الخاص والقطاع العمومي، اللذين عملا في إطار انسجام كامل من أجل أن ترتقي المملكة العربية السعودية، إلى مصاف الدول المتقدمة.
مركز محوري عربيا وإسلاميا
وفي الحقيقة، تستفيد المملكة العربية السعودية، في هذه الجهود الجبارة التي تبذلها في إطار الرؤية الاستراتيجية، من كونها مركزاً محورياً في قلب العالمين الإسلامي والعربي، على أرض تعبق بالتاريخ الغني والشامخ، والإرث الثقافي والدبلوماسي، وفي مستوى العلاقات الدولية، الممتدّة في جميع الاتجاهات والجغرافيات.
إذ تتبوأ المملكة العربية السعودية، مكانة مهمة في قلب العالمين الإسلامي والعربي، من خلال تموقعها في قلب ثلاث قارات، كما مثلت طريقاً تجارياً تاريخياً وحيوياً، يربط بين الشرق والغرب، زادته المعالم الطبيعية التراثية الفريدة، ثقلا وأهمية، على مر القرون، سيما منها المواقع الخمسة التراثية والعالمية لدى منظمة اليونسكو.
وتمتاز المملكة، بثقافة غنية تنبع من تنوع شعبها، ما ساهم في تشكيل الهوية الثقافية للمملكة، التي يتجاوز عدد سكانها، الــ 34 مليون نسمة، وتحتوي على 13 منطقة، تتميز كل منها، بلهجة وتقاليد وتراث ومطبخ فريد خاص بها، جعل منها قبلة لملايين الزائرين سنويا..
اقتصاد متنوع… وفضاء أعمال نشيط
وكانت المملكة العربية السعودية، قامت بإصلاحات اقتصادية ومالية وهيكلية منذ إطلاق رؤية السعودية 2030، والتي أسست نظاماً اقتصادياً جديداً يهدف للوصول إلى اقتصاد متنوع وقوي، يحقق نمواً مستداماً للمملكة.
كما ركزت الدولة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين، على تعزيز دور القطاع الخاص في المملكة عن طريق تحسين بيئة الأعمال، وتذييل المعوقات لجعلها بيئة أكثر جاذبية، بالإضافة إلى الاستثمار في القطاعات المستهدفة، وخاصة منها قطاع الطاقة، والقطاعات المستدامة..
إذ تعدّ المملكة، أكبر منتج ومصدر للنفط في العالم، وتحتوي أحد أكبر احتياطيات الغاز الطبيعي في الخليج العربي. ويظل قطاع النفط والطاقة في البلاد، عاملاً رئيسًا في الانتقال السلس لاقتصاد نابض بالحياة ومتنوع، وسيستمر في لعب دور حيوي ومحوري في مستقبل المملكة.
الدبلوماسية الفاعلة
على أنّ من بين علامات الامتياز للمملكة العربية السعودية، دبلوماسيتها الناجعة، والفاعلة على الصعيد الإقليمي والدولي، وفي المجال العربي الإسلامي، حيث تلعب دورا مميّزا في توحيد صفوف الأمة، وتفكيك الخلافات التي تدبّ أحيانا في الجسم العربي، بالإضافة إلى دورها في عملية السلام الفلسطينية ــ الإسرائيلية، وفي بؤر التوتر شرقا غربا، حيث تهرع دائما لنجدة الملهوفين من الشعوب الفقيرة، وتسابق الزمن من أجل القيام بمصالحات هنا وهناك، دعما للسلم العالمي، وحماية للمنطقة العربية والإسلامية من حالات الإحتقان، التي تحوّلها إلى مجال للتعاون، بفضل السمعة الجيدة التي تتمتع بها بين الأمم والشعوب، والثقة التي تتميّز بها بين الدول والمجتمعات، بما يجعلها الأقرب في السلم، والأكثر حرصا على مقاومة مختلف أشكال التفرقة والخلافات والصراعات المذهبية والطائفية والسياسية وغيرها..
العلاقات السعودية التونسية
وفي سياق الحديث عن علاقات المملكة الخارجية، يقفز إلى ذهن المرء، علاقات السعودية بتونس، التي تمتدّ لعشرات السنين، لم تشهد سوى التعاون، والدعم السعودي لتونس في جميع القطاعات والمناسبات، والأزمات السياسية منها والاقتصادية.
كان الشيخ عبد العزيز الثعالبي، أول من أدّى زيارة إلى السعودية عام 1926، ومن فرط إعجابه بالمملكة، أورد في كتابه حول الرحلة اليمنية، بعض حيثيات زيارته، والتقى الثعالبي أنذاك بالملك، عبد العزيز آل سعود، رحمه الله في موسم الحج من ذلك العام، ولعب دورا في مسألة الخلاف الحدودي بين الدولة السعودية واليمن، التي كانت آنذاك تحت حكم الإمام يحيى حميد الدين، بتفويض من العاهل السعودي الراحل.
وشهدت العلاقات بين البلدين، تطورا لافتا على عهد الرؤساء الذين تعاقبوا على تونس، وبالأخص، الرئيسين الراحلين، الزعيم، الحبيب بورقيبة، وزين العابدين بن علي، بالإضافة إلى المرحوم، الباجي قايد السبسي..
وتبعا لذلك، عرفت العلاقات الاقتصادية بين الطرفين تطورا بشكل مستمر، كان آخرها، ولعله أهمها، الاتفاق على تنظيم الدورة العاشرة للجنة المشتركة بالعاصمة الرياض، والبرنامج التنفيذي لمذكرة التفاهم بين مركز النهوض بالصادرات بتونس، وهيئة تنمية الصادرات لعامي 2018-2019، إلى جانب التعاون في المجال الصناعي، وخاصة في قطاعات الطاقة والتعدين، والمجال المصرفي والمالي والجمارك، والتعاون الإنمائي، وقدم الصندوق السعودي للتنمية في هذا السياق، مبلغ 85 مليون دولار، وذلك لتجهيز مستشفى جامعي بمدينة القيروان، كما منح الصندوق 15 مليون دولار أمريكي، لتجديد وترميم جامع عقبة ابن نافع بنفس المدينة.
ووقعت المملكة، اتفاقية قرض بمبلغ 85 مليون دولار لبناء مساكن اجتماعية، حيث تعد امتداداً للمرحلة الأولى التي مولها الصندوق في 2013، كما جرى التوقيع على اتفاقية قرض بقيمة 40 مليون دولار لبناء وتجهزي مستشفيين، ووافق الصندوق السعودي للتنمية على تقديم قرض لتونس بقيمة 129 مليون دولار.
وتستثمر المملكة في تونس بمبلغ 561 مليون دينار، كما وصل قيمة المشروعات التنموية التي يمولها الصندوق السعودي للتنمية إلى 500 مليون دينار.
وبلغ حجم الصادرات بين المملكة وتونس إلى حدّ الآن، نحو 900 مليون ريال سعودي، صادرات المملكة لتونس بينما وصلت الواردات إلى 164مليون ريال سعودي.
وانعقدت في العاصمة تونس أعمال المنتدى الاقتصادي السعودي التونسي على هامش أعمال الدورة التاسعة للجنة السعودية التونسية المشتركة في 4 ذي القعدة 1438هـ، وشارك فيه حوالي 60 رجل أعمال من المملكة وتونس وممثلين عن قطاعات اقتصادية مختلفة.
وخلال المنتدى وقع البلدان على برنامج عمل مشترك يهدف إلى تقوية وتعزيز علاقة الشراكة بين الطرفين في مجال التجارة والاستثمار، والتعاون التجاري والاقتصادي، كذلك تبادل الخبرات والمعلومات، بالإضافة إلى التعاون في مجال التسويق للاستثمار والتعريف بمناخ وفرص الاستثمار في كلا البلدين.
الاتفاقيات واللجان المشتركة
يذكر أنّ البلدان، وقعا اتفاقيتين ومذكرة تفاهم في 13 ديسمبر 2018، بحضور الملك سلمان ودولة رئيس الحكومة بالجمهورية.
كما وقع كلا منهما اتفاقية الازدواج الضريبي بين المملكة وتونس في 8 يوليو 2010، واتفاقية تنظيم نقل الأشخاص والبضائع على الطرق البرية بين وعبر أراضي الدولتين في 28 نوفمبر 2016.
وتشترك السعودية وتونس في مجلس الأعمال السعودي التونسي، واللجنة السعودية التونسية التي يرأسها من الجانب السعودي وزارة التجارة والاستثمار.
دور مركزي في جائحة كوفيد
ولعبت المملكة دورا شديد الأهمية، في الجائحة الصحية التي عرفتها تونس، في إطار تعاون مثمر بين صاحب السمو الملكي، خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان ابن عبد العزيز، وأخيه، الرئيس، قيس سعيّد، رئيس الجمهورية التونسية، حيث زودت الدولة التونسية، بمعدات لوجستية عديدة ومختلفة، وأسرة إنعاش، ومولدات أوكسيجين، وتلاقيح، كان التونسيون في أمس الحاجة إليها، في ظل النقص الحاصل في هذه الوسائل، وتفاقم الإصابات بفيروس كورونا، بحيث كانت الطائرات السعودية التي تحط بمطار تونس قرطاج الدولي، عربون محبة لشعب تونس، ومساهمة متواضعة في الخروج من هذه الجائحة..
ـــ إعلان ـــ