باحث فرنسي: التحول الديمقراطي في تونس يتجه نحو الاستبداد
باريس ــ الرأي الجديد
نشر موقع “تي في 5 موند الفرنسي”، حوارا مع الباحث في المركز الوطني للبحث العلمي، فنسون جيسر، تطرق فيه إلى التهديد الذي يترصد المسار الديمقراطي في تونس، بعد التحركات الأخيرة لرئيس الجمهورية قيس سعيّد.
وقال الموقع، في تقريره، إن تونس تشهد حاليا اضطرابا بعد تعليق رئيس الجمهورية عمل البرلمان، وإقالة رئيس الحكومة وإعلان إجراءات انتقالية..
وأعقب هذه القرارات إغلاق مؤسسات إعلامية (المكتب الإعلامي لقناة “الجزيرة” في تونس)، وتصاعد الاعتقالات في صفوف نواب البرلمان، والإقامة الجبرية ضدّ سياسيين ورجال أعمال، إضافة إلى محامين..
وبعد عشر سنوات من ثورة الربيع العربي، هل أصبحت الديمقراطية التونسية في خطر؟ هذا ما تطرق له فنسون جيسير، الباحث في معهد البحوث والدراسات حول العالمين العربي والإسلامي في إيكس أون بروفانس.
في حديثه عن الصلاحيات الكاملة التي منحها الرئيس قيس سعيّد لنفسه يوم 25 يوليو، والتي يصفها منتقدوه بالانقلاب، أكد فنسون جيسر، أن ما فعله رئيس الجمهورية التونسي يعد انقلابا من الناحية الدستورية.
وأوضح: “فقد استخدم سعيّد الفصل 80 من الدستور للتمتع بالصلاحيات الكاملة لفترة محددة في حالة وجود خطر وشيك، وهو فصل مستوحى من المادة 16 من الدستور الفرنسي لسنة 1958”.
3 شروط لم يوفرها سعيّد
وأشار الباحث إلى أن “تفعيل هذا الفصل من الدستور، يتطلب في المقابل توفر ثلاثة شروط: أولا، موافقة رئيس الحكومة، ثم موافقة رئيس مجلس النواب، وأخيرا تحقق المحكمة الدستورية بعد ثلاثين يوما من إمكانية تمديد هذه الصلاحيات الاستثنائية أم لا.
وقال: “لكن، لم يتم في الواقع استيفاء أي من هذه الشروط”. ومن وجهة نظره، فإن أساس هذا الانقلاب، هو استخدام الدستور بطريقة غير دستورية على الإطلاق..
وأضاف الباحث أن هذا الاستخدام للدستور فيه تناقض، فخطاب قيس سعيد مناهض للأحزاب والبرلمان والدستور في حد ذاته، لكنه من ناحية أخرى يريد أن يجعل قراره دستوريا، ويدعي أن هدفه الرئيس هو الاستجابة للأزمة و”تلبية احتياجات الناس”.
فيما يتعلق بتأثير المجتمع الدولي، وبشكل خاص الولايات المتحدة التي طلبت من تونس العودة إلى “المسار الديمقراطي”، أوضح جيسر أن العالم بأسره يعرف أن القوى الغربية تنتقد الشخصية الاستبدادية، لكنها تتسامح معها، خاصة في العالم العربي.
هكذا يتعامل الغرب مع الانقلاب
وقال: “عندما يحدث انقلاب، يتم توجيه انتقادات في الأسابيع أو الأشهر الأولى، كما هو الحال في مصر مثلا، ثم بعد ذلك تأتي ما تسمى “عملية التسوية”.
وأضاف: “لكن ما حدث مع تونس مختلف قليلا، لأنها تمثل الاستثناء الديمقراطي الذي أرادت الدول الغربية، بقيادة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، الحفاظ عليه في المنطقة”.
وأضاف جيسر أنه يوجد في تونس مصطلح شائع للغاية، وهو “التطهير” لمحاربة الفساد، وقيس سعيّد بصدد تجريم عدد من السياسيين في ملف هو حاليا لدى القضاء، ليطلق بذلك عملية “تطهير” النخب السياسية الفاسدة.
ومن الواضح أنه سيستخدم وسائل العدالة التي يسيطر عليها لمكافحة الفساد، وذلك من خلال محاكمة البرلمانيين ورجال الأعمال.
وأكد جيسر أن هذه “المعركة ضد الفساد” تعتمد فيها طرق شعبوية وأمنية تعسفية. ويدرك قيس سعيّد أنه يحظى بتأييد شعبي، خاصة من قبل الشباب والأشخاص الذين ناضلوا أثناء الثورة، والذين كانوا يخشون العودة إلى الوراء.
وفي الوقت الحالي، يعد الإسلاميون والجماعات النسوية ورجال القانون الدستوريون الليبراليون، المعارضة الحقيقية الوحيدة الموجودة في تونس اليوم، لكنها قابلة للتوسع إذا ما استمر في قراراته متجاوزا الدستور التونسي، أو مقبلا على تعليقه، عندها ستتسع معارضته، وقد تعصف به هذه الخيارات..
المصدر: موقع “تي في 5 موند الفرنسي”