ينتظرها الموريتانيون بفارغ الصبر: محاكمة “غير مسبوقة” للرئيس الموريتاني السابق
نواكشوط ــ الرأي الجديد (صحافة عالمية)
يتّجه ملف الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، وفقا لما تؤكده تطوراته، نحو محاكمة ينتظرها الموريتانيون بفارغ الصبر لكونها محاكمة “غير مسبوقة”.
وقدمت النيابة العامة في بيان أصدرته أمس، بعد صمت طويل، توضيحات عن مسار ملف الفساد رقم 001-2021، ردت فيه على شكاوى وانتقادات هيئة الدفاع عن الرئيس السابق وبخاصة قضية حجب ملف الرئيس عن محاميه.
وأوضحت النيابة “أن الملف يشمل وثائق ومستندات تخص متهمين آخرين، وتدخل في خصوصياتهم، وحقوق دفاعهم، وليس من حق هيئة دفاع عن متهم آخر الحصول عليها”.
وشددت النيابة التأكيد على “أن الحفر تنقيبا عن اختلالات إجرائية في الملف لن يستخرج شيئا، ولن يغطي على أدلة الإثبات المستفيضة في الملف، وسيستمر الفشل مرافقا لمحاولة سحب الملف من ساحته القضائية إلى الساحة السياسية والإعلامية، والأجدر بهيئة دفاع مسؤولة أن تركز على العمل القضائي الفني المحض”.
وأردفت النيابة العامة في بيانها تقول “منذ بداية مسار التحقيق القضائي في ملف الفساد رقم 001-2021، تنشر هيئة دفاع أحد المتهمين في الملف أخبارا عبر تصريحات وبيانات تدعي فيها منعها من الحصول على ملف القضية؛ وبحكم طرفية النيابة العامة المتميزة في جميع القضايا الجزائية، ومواكبتها لها، وحرصا منها على سلامة الإجراءات، ومراعاة حقوق الدفاع، ومعايير المحاكمة العادلة، سعت إلى التحري حول مزاعم هيئة الدفاع المشار إليها، فتأكدت أن الأمر غير صحيح”.
وأضافت “ووفاء للحقيقة، ومن أجل وضع الرأي العام في صورة الواقع كما هو بخصوص هذا الموضوع، تؤكد النيابة أن الفقرة الثالثة من المادة 105 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على ما يلي: “يجب أن يوضع ملف الإجراءات تحت تصرف محامي المتهم عشية اليوم المقرر للاستجواب…”، وقد حدد هذا النص بدقة الوقت الذي يُسلم فيه الملف لمحامي المتهم، وهو عشية الاستجواب”.
وزادت “وبتاريخ 23-03-2021 تقدمت هيئة الدفاع المذكورة بطلب إلى منسق قطب التحقيق من أجل الحصول على نسخة من الملف، ونظرا لأنه لم يكن وقتها قد تحدد موعد معين لاستجواب موكلهم، قرر قطب التحقيق عدم إعطاء نسخة من الملف بشكل مؤقت، وذلك في انتظار حلول الوقت المحدد قانونا لإعطاء الدفاع نسخة من الملف؛ وقرار قطب التحقيق بهذا الخصوص مؤسس قانونا، ومبني على قواعد الإجراءات الجنائية الصريحة، بخلاف طلب هيئة الدفاع لنسخة الملف قبل الوقت القانوني المحدد، وقد مارست الهيئة حقها القانوني في الطعن ضد القرار، وقالت فيه هيئات القضاء الأعلى كلمتها”.
وتابعت النيابة توضيحاتها تقول “بتاريخ 19-04-2021، وعندما تحدد موعد استجواب المتهم استدعى قطب التحقيق هيئة الدفاع وسلمهم نسخة من وثائق الملف التي تخص موكلهم، وتم ذلك قبل جلسة استجواب المتهم الأولى التي تمت بتاريخ 26 أفريل 2021، وبمحضر تسليم موقع يوجد في الملف، وفي تواريخ لاحقة، وبالتحديد في: 10-05-2021، و12-05-2021، و05-07-2021، سلمت كتابة ضبط قطب التحقيق لمنسق هيئة الدفاع وثائق جديدة طلبتها، وكل ذلك مثبت في محاضر تسليم موقعة من طرف هيئة الدفاع توجد طي الملف، وتأكيدا لهذا المسار، واستكمالا له، أصدر منسق قطب التحقيق أمرا قضائيا يأمر بتمكين هيئة الدفاع مما ترى أنها لم تتسلمه من وثائق”.
وأضافت النيابة، “حضرت هيئة الدفاع إلى الآن ثلاث جلسات استجواب لموكلهم، ويتعلق الأمر بجلسات الاستجواب بتاريخ: 26-04-2021، و10-05-2021، و22-06-2021، ولم تنسحب عن هذه الجلسات تحججا بعدم الحصول على الملف، ووقع أعضاؤها محاضرها إلى جانب موكلهم؛ وفي هذا السياق: تشير النيابة العامة إلى أن الملف يشمل وثائق ومستندات تخص متهمين آخرين، وتدخل في خصوصياتهم، وحقوق دفاعهم، وليس من حق هيئة دفاع عن متهم آخر الحصول عليها”.
وكان الرئيس السابق، قد مثل أمام النيابة العامة الأسبوع الماضي، حيث جرت مواجهته مع أحد الشهود وهو رجل الأعمال سلمان ولد إبراهيم الذي اعترف أمام قاضي التحقيق بخصوص علاقته بالرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، أنه تسلم من الرئيس السابق مبالغ مالية كبيرة على دفعات، من بينها مليون دولار سلمها له في إقامته بالرئاسة، وطلب منه صرفها للعملة المحلية والاحتفاظ بها، إلى أن يصدر له تعليمات أخرى بخصوصها.
واعترف ولد إبراهيم، أيضا، خلال التحقيق “أن ولد عبد العزيز منحه صفقات بأوامر منه مباشرة و دون إجراء مناقصة، من بينها صفقة شراء سيارات لصالح جهاز أمن الطرق عندما تم إنشاؤه”.
وقد رفض ولد عبد العزيز التعليق على اعترافات ولد إبراهيم، وهو أحد أقربائه مؤكداً تشبثه بالمادة 93 التي يعتقد بأنها تحصنه ضد المساءلة القضائية عن تصرفاته خلال توليه مهام الرئاسة.
ونقلت صحيفة “تقدمي” الاستقصائية عن مصدر قانوني، قوله، “إن شهادة سلمان ولد إبراهيم تثبت حصول ولد عبد العزيز على مبالغ مجهولة المصدر من العملة الصعبة، وكذلك استثماره لها، وهو ما يحظره الدستور على رئيس الجمهورية”.
وكان رجل الأعمال ولد إبراهيم قد اعترف من قبل لشرطة الجرائم الاقتصادية والمالية بودائع نقدية تربو على مليار أوقية موريتانية وكذا بحيازته لمعدات استوردها ولد عبد العزيز من الصين من بينها شاحنات ورافعات وآليات بناء.
ويوجد ولد عبد العزيز منذ يونيو الماضي محبوسا في سجن خاص بالعاصمة نواكشوط، وذلك بعد أن اتهمه قاضي التحقيق بعدم الالتزام بمقتضيات الرقابة القضائية المشددة.
ويواجه ولد عبد العزيز اتهامات بالفساد وغسيل الأموال والإثراء غير المشروع، ضمن شخصيات أخرى كانت تعمل معه خلال حكمه لموريتانيا ما بين 2008 و2019.
وفي 23 جانفي / يونيو الماضي، أحال قاضي التحقيق المكلف بالجرائم الاقتصادية ولد عبد العزيز على الحبس لمواصلة التحقيقات معه.
ووجهت النيابة العامة، في 11 مارس الماضي، إلى ولد عبد العزيز و12 من أركان حكمه تهما، بينها غسل أموال ومنح امتيازات غير مبررة في صفقات حكومية، وهو ما ينفي المتهمون صحته.
وفي الرابع من أفريل الماضي، قرر القضاء تجميد ممتلكات المتهمين، وفرض إقامة جبرية على ولد عبد العزيز في منزله بالعاصمة نواكشوط، مع إلزامه بالتوقيع لدى الشرطة 3 مرات أسبوعيا، قبل أن تتم إحالته على الحبس.
وغادر ولد عبد العزيز السلطة منتصف عام 2019، قبل أن تعاجله لجنة تحقيق برلمانية بتحقيق أثار شبهات حول تورطه في عمليات فساد، حيث أحيل التقرير للنيابة العامة في مارس/آذار الماضي ووجهت للرئيس السابق بموجبه وبعد بحث ابتدائي، تهما بالفساد وغسيل الأموال والإثراء غير المشروع.