رئيس هيئة مكافحة الفساد يكشف تفاصيل ما حصل يوم إغلاق مقر الهيئة
تونس ــ الرأي الجديد (فيسبوكيات)
في تدوينة نشرها على صفحته بفيسبوك مساء أمس، تطرق المكلف بتسيير الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، أنور بن حسن، تفاصيل عن فترة توليه عملية تسيير الهيئة، والإضافات التي حصلت في علاقة بالملفات وقضايا الفساد وطريقة إدارة الهيئة، والممتلكات والأرشيف، إلى جانب الحرص على المكانة الإعتبارية لهيئة مكافحة الفساد في الداخل والخارج.
وجاءت تدوينته أنور بن حسن، بعنوان: “توضيحات حول ما جد بالهيئة الوطنية لمكافحة الفساد”، سرد فيها تفاصيل عملية اقتحام مقرات الهيئة، وعملية إخلاء المحلات التابعة لها، وكيفية تفتيش الأعوان وموظفي الهيئة..
وفيما يلي نص التدوينة..
“تم تعييني بالهيئة الوطنية لمكافحة الفساد حين كان يرأسها السيد شوقي طبيب في خطة كاتب عام في ديسمبر 2019، وذلك بعد مصادقة مجلس الهيئة الذي يتركب من 30عضوا.
وواصلت في نفس الخطة بعد تعيين السيد عماد بوخريص في 20اوت 2020 إلى غاية 7جوان 2021.. وتم تكليفي من رئاسة الحكومة السابق، إثر الشغور الحاصل في رئاسة الهيئة في 9 جوان 2021، وذلك بصفة وقتية، لمباشرة جميع أعمال التصرف في الهيئة بما يضمن سيرها العادي..
كما شرعت منذ تكليفي بمباشرة جميع أعمال التصرف بالهيئة، في إنجاز عملية شاملة لجرد الوثائق والملفات المنشأة بالهيئة أو الواردة عليها، وقد شملت كافة مسارات الهيئة من تقصّ وحماية وتصريح بالمكاسب والمصالح، ونفاذ إلى المعلومة، وطعون ووثائق مالية وإدارية مختلفة، وما إلى ذلك. وهي الخطوة الأولى في سلسلة الإجراءات المعيارية لمعالجة الوثائق والأرشيف. وركزت خاصة على جرد ملفات المحققين داخل مكاتبهم باعتبارها على درجة كبيرة من الأهمية، لأنها تسمح بتسجيل كافة الوثائق والملفات التي بحوزتهم. وقد ساعدت عملية جرد الوثائق المفردة والملفات، في إعداد جدول لحصر أنواع الوثائق والملفات جارية الاستعمال والأرشيف الوسيط، وتحديد حجم الوثائق المجمعة بالمكاتب وخارجها.
ورافق ذلك إصدار القرارات الإدارية المساعدة على إنجاح عملية جرد الوثائق وتوفير كل المتطلبات لإرساء نظام للتصرف في الوثائق والأرشيف.
وحرصا على اتباع الإجراءات المعيارية لتداول وثائق مسار التحقيق والتصرف فيها، ولضمان حفظها من الضياع والتلف، تمت دعوة كافة المحققين، إلى ضرورة إيداع كافة الملفات التي تم النظر فيها في مصلحة الأرشيف، والحرص على استيفاء الإجراءات الإدارية الخاصة بالاستلام والتسليم.
وسعيا لتوفير مقوّمات الحماية للملفات التي تم تحويلها إلى مخازن الأرشيف الوسيط والنهائي، تم تقنين عملية الاطلاع على الوثائق واستعارتها، والمتمثلة في وجوب التوجه الإلزامي إلى مصلحة الأرشيف، وملء الاستمارة الخاصة بذلك، حتى نتمكن من تعقب مسار تداول الوثائق واستخدامها.
كما رسمت خطة طيلة فترة مباشرتي شملت خاصة :
ــــ العمل على مواصلة إصلاح منظومة التقصي وتطوير أساليبها، قصد التقليص في زمن التقصي في الملفات التي ترد على الهيئة، والشروع في تحديد الملفات ذات الخطورة العالية والمركبة والمتشعبة، وتكوين فرق من المحققين للتقصي في شأنها.
ــــ إحالة عديد الملفات الهامة إلى القضاء.
ــــ مواصلة تطوير أساليب العمل المتعلقة بحماية المبلغين، وفي حل الإشكاليات العالقة باللجنة المشتركة مع رئاسة الحكومة، واستئناف أعمال لجان الحماية الداخلية.
ــــ مواصلة تركيز المنصة الإلكترونية المتطورة لتلقي التصاريح بالمكاسب والمصالح..
ــــ الشروع في التقصي في تضارب المصالح والإثراء غير المشروع، طبقا لمقتضيات الفصول 5و15و38 من القانون 46 لسنة 2018 المؤرخ في 01 أوت 2018، والمتعلق بالتصريح بالمكاسب والمصالح، وبمكافحة الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح وذلك بالتنسيق مع وزارة المالية..
ــــ تواصل العمل مع كافة شركاء الهيئة في الداخل والخارج بشكل طبيعي، والبدء في عديد مشاريع الحوكمة..
كما أعلم العموم، إلى أن محكمة المحاسبات بدأت منذ حوالي 6 أشهر في مهمة رقابية على التصرف الإداري والمالي للهيئة في الفترة الممتدة من 2016 إلى 2020. مع الإشارة أنها لم تصدر أي تقرير إلى حد هذا اليوم، وأن كل الوثائق المحاسبية والإدارية وضعت على ذمتها، ومن المنتظر صدور تقريرها خلال أشهر. كما أن الهيئة بجميع مكوناتها تعاملت مع محكمة المحاسبات بكل شفافية.
كنت أعمل في صمت وهدوء بعيدا عن ضوضاء شبكات التواصل الاجتماعي. كما تفاعلت الهيئة مع وساءل الإعلام بشكل منظم، من خلال نشرياتها الأسبوعية، بعيدا عن كل ما يمس من واجب التحفظ.
رغم صعوبة وحساسية المناخ الخارجي السياسي، وحتى الداخلي للهيئة (نظرا لتنوع مكونات الهيئة من متعاقدين باختلاف طرق وأزمنة التحاقهم بالهيئة، وملحقين من عديد المؤسسات العمومية باختلاف أزمنة التحاقهم، ومسدي خدمات من قضاة ومحامين وأساتذة جامعيين متقاعدين وغير متقاعدين… بالإضافة إلى ضبابية الهياكل التنظيمية)، عملت طيلة فترة إشرافي على الهيئة كرجل دولة بكل وطنية وتفان وصدق ونزاهة وجدية وصرامة، وفي مناخ داخلي يتميز بالثقة والاحترام مع جميع مكونات الهيئة، التي انخرطت بإيجابية كبيرة مع مواصلة الإصلاحات التي شرعت فيها.
كنت أمينا على قواعد بيانات الهيئة وملفاتها وأرشيفها وممتلكاتها وسمعتها ومكانتها الاعتبارية على المستويين الوطني والدولي..
وهذا نقل لما وقع بأمانة يوم الجمعة 20 أوت 2021 :
ــــ على الساعة 10.13 د، آنذاك كنت في مكتبي.. تم اقتحام مقر البلفيدير من قبل الأمن والشروع في إخلائه من الموظفين..
ــــ بعد ذلك بدقائق مباشرة، تم نفس الشيء في مقر البحيرة..
ــــ وبدا الشروع في إنجاز المهمة دون إعلام المكلف بتسيير الهيئة، ودون الاستظهار بقرار كتابي، والاقتصار على إعلامي شفويا بالقرار..
ــــ تم استجلاب القرار من قبل والي تونس على الساعة 15.54 د، وأمضيت على استلام القرار الصادر بتاريخ 20 أوت عن المكلف بتسيير وزارة الداخلية، دون تسلم نسخة منه..
ــــ ينص القرار على غلق مقرات الهيئة بالبحيرة والبلفيدير، إلى حين انتهاء فترة الطوارئ.
ــــ تم تسليم مفاتيح كل مكاتب الهيئة، واسترجاع كل وسائل النقل إلى المأوى بما فيها كل سيارات المسؤولين الذين غادروا الهيئة بعد إرجاعها، وتم تسليم جميع مفاتيحها إلى الأمن.
ــــ تم تفتيش كل المغادرين للهيئة، وإن كانت لهم سيارات خاصة تم أيضا تفتيشها..
ــــ تمت كل هذه المجريات على مدار حوالي 4 ساعات في هدوء وبكل سلاسة..
ــــ حوالي الساعة الخامسة تنقلت إلى منطقة الأمن بالبحيرة1، وتم تحرير محضر في الغرض، ينص على تسليم المقرات ومحتوياتها وإخلائها من الموظفين”.