غيروا لي حذائي… مراسلة “نيويوك تايمز” في تونس: “سعيّد” رئيس شعبوي ودخيل على الحياة السياسية
تونس ــ الرأي الجديد (صحافة عالمية)
كتبت مراسلة “نيويورك تايمز” في تونس، فيفيان يي، مقالا تحدثت فيه عن لقائها بالرئيس التونسي قيس سعيّد في القصر الرئاسي، قائلة: “مرحبا بكم في تونس، حيث حرية التعبير محمية دون أي تدخل في الحريات الشخصية على الإطلاق”، هذا ما ردده الرجل الذي حذر المنتقدون من أنه قد يصبح ديكتاتور تونس القادم”.
وتابعت المراسلة: “كنا في غرفة الاستقبال في القصر الرئاسي في تونس العاصمة، حوالي منتصف نهار يوم الجمعة، حيث الشمعدانات الكريستالية والكراسي ذات الحواف المذهبة”.
وقد جرى استدعاؤها من قبل الرئيس قيس سعيّد، الذي أقال رئيس الحكومة قبل خمسة أيام وعلق عمل البرلمان وسيطر على البلاد، التي اندلعت فيها الثورات ضد الحكم الاستبدادي الذي عُرف بـ “الربيع العربي” قبل 10 سنوات.
من جهته، قال الرئيس نقلا عن الزعيم الفرنسي الذي أعاد تأسيس الديمقراطية بعد الاحتلال النازي لفرنسا شارل ديغول: “لماذا تعتقدون أنه في سن الـ67 عاما سأبدأ مسيرتي المهنية كديكتاتور؟”، متعهدا بأنه لن يسلب الحريات التي تحصلت عليها تونس بشق الأنفس، والديمقراطية الوحيدة التي خرجت من الثورات العربية.
كان من المفترض أن تكون تونس آخر أمل للربيع العربي، إلهاما للناس في جميع البلاد المحيطة والعديد من دول الغرب، لكن عقدا من البطالة والفقر المدقع والفساد المنتشر والمأزق السياسي، إلى جانب أزمة وبائية قضى على الثقة في الحكومة، ما جعل التونسيين يخرجون إلى الشوارع مجددا للمطالبة بالتغيير، مما أعطى سعيّد فرصة للاستيلاء على السلطة، حسب المراسلة.
رئيس شعبوي.. دخيل على المشهد
“قضيت عدة أيام في العاصمة تونس عندما تلقيت مكالمة مفاجأة من اثنين من الصحفيين الآخرين العاملين في صحيفة “نيويورك تايمز” لمقابلة الرئيس قيس سعيد، اعتقدت أنها فرصتي في هذه المقابلة، لكن يبدو أنه جرت دعوتنا لتلقي محاضرة”.
كان صندوق الاقتراع ما أوصل سعيّد إلى السلطة عام 2019، وبدا أنه شعبوي غير محتمل خاصة بين الناخبين الذين روجوا لحملته على فيسبوك بــ “روبوكوب”، بسبب لغته العربية الفصحى والصارمة.
لقد كان دخيلا على النخبة السياسية وكان يعيش في أحياء بسيطة ويتناول قهوته في المقاهي ذاتها التي يرتادها جيرانه.
تقول فيفيان إنها حاولت تحليل تحركات الرئيس سعيّد طيلة أسبوع كامل، بحثا عن شيء ينذر بمستقبل تونس، إذ جرى يوم الجمعة القبض على عضو مؤيد للثورة في البرلمان ومنتقد متكرر للجيش، ثم جاء مرسوم رئاسي ينص على إمكانية تمديد إجراءات الطوارئ إلى ما بعد الثلاثين يوما التي أعلن عنها في البداية.
تتابع صحفية “نيويورك تايمز”: 09″يوم الأربعاء أصبحت أنا وزملائي جزءًا من القصة عن طريق الخطأ، عندما أُلقي القبض علينا من قبل قوات الشرطة، احتجزونا وفحصوا جوازات سفرنا واستجوبوا أحد زملائي، بعد ساعتين سمحوا لنا بالذهاب مع تحذير بالتوقيف عن العمل في المنطقة”.
لم يكن لدينا اعتماد رسمي ولم يعد هناك مكتب لرئيس الوزراء لإصدار الأوراق مع ذلك صُدم الصحفيون المحليون بما حدث لنا”.
ساقيّ… وحذائي
وأضافت فيفيان: “رغم أننا طلبنا إجراء مقابلة مع الرئيس في وقت سابق من الأسبوع، لكن بعد أن انتشر خبر اعتقالنا على تويتر والمحطات المحلية الإخبارية، تلقيت اتصالا من رئيس ديوان الرئاسة صباح يوم الجمعة، بإمكانية تواجدنا في القصر الرئاسي خلال ساعة واحدة مرتدين ملابس مناسبة؟”.
وتقول أيضا : “لذلك وجدنا أنفسنا في غرفة انتظار مزخرفة بعد ظهر يوم الجمعة، تلقينا تعليمات بشأن مكان الوقوف، وأين نجلس ومتى نجلس في حضور الرئيس، قبل أن ندخل رأيت مسؤول البروتوكول وهو ينظر إلى حذائي المفتوح، فإذا به يرسل لي حذاء ذو كعب عال”.
“لم أجرؤ على الجلوس بوضعية أقل مثالية، نهض رئيس المراسم ولوح بيديه من الزاوية خلف الرئيس، أدركت أنه يطلب مني فك ساقي”، يبدو أن الرئيس سعيّد كان غافلا عن موضوع “الساق”، وقال إن الصعوبات التي واجهناها نحن وسائل الإعلام كانت غير مقصودة، وقال إنها حدثت لأن البعض أراد أن يُظهر الرئاسة بصورة سيئة “.
لم نطرح أي سؤال
قال الرئيس سعيّد إنه سيحترم الإجراءات القضائية، لكنه حذر قائلا إنه “لن يدع أي شخص ينهب الشعب التونسي، وأنه سيحاسب السياسيين الفاسدين”..
وقال سعيّد: “ربما رأيتم كيف أريقت الدماء في واشنطن”، مقارنا بشكل غير مباشر أحداث الشغب في الكابيتول في الـ6 من جانفي باللصوص في البرلمان التونسي، الذين عبثوا بالمؤسسات والحقوق التونسية.
وقد نشر مساء الجمعة فيديو الاجتماع على صفحة رئيس الجمهورية قيس سعيّد، لكنه لم يذكر اعتقالهم ولم يظهر خلاله أنها طرحت أي سؤال وكانت مجرد مستمعة وكأنها موافقة على ما يقول.
وقد قالت : “كما ترجم لي أحد الزملاء بعض التعليقات، إذ قال أحدهم “علمهم ماذا تعني الحرية”.