عياض بن عاشور بصوت مرتفع: ما حصل يوم 25 جويلية عملية مدبرة.. وانقلاب.. وتجلّ للديكتاتورية
تونس ــ الرأي الجديد
وصف الخبير في القانون العام، عياض بن عاشور، القرارات التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد في 25 جويلية الجاري، “بأنها انقلاب على الدستور التونسي”.
وأوضح بن عاشور في حوار أجرته معه صحيفة “لابراس” (lapresse) التونسية، أن الرئيس سعيد لم يتجاوز صلاحياته فحسب من خلال تلك القرارات، بل انتهك بشكل خطير ومتعسف أهم أحكام الدستور التونسي.
وقال إن قرارات الرئيس لم تستوف الشروط الموضوعية والشكلية التي ينص عليها الفصل 80 من الدستور، الذي استندت عليه، حيث ينص بوضوح على أن “مجلس نواب الشعب يبقى في حالة انعقاد دائم”، وهو ما يعني استبعاد العطلة البرلمانية، واستمرار أنشطة المجلس بشكل طبيعي، خاصة إدارة حالة الطوارئ بموجب القانون ذاته، مشيرا إلى أن تجميد نشاط مجلس النواب يعني حله، وهو ما يحظره الفصل 80 بشدة.
25 جويلية.. عملية مدبرة
وأوضح الخبير في القانون الدستوري، أن ما حدث في 25 جويلية الجاري – تزامنا مع ذكرى قيام الجمهورية – لم يكن مفاجئا، بل كان عملية مدبرة مسبقا، وأن “الوثيقة المسربة بتاريخ 13 ماي 2021، لم تكن مزحة، بل كانت مشروعا حقيقيا ومخططا للإطاحة بالدستور من خلال اللجوء إلى الفصل 80”.
وقال بن عاشور إن وصف القرارات الأخيرة بالانقلاب الدستوري “تعبير متناقض، إذ لا يمكن أن يكون هناك انقلاب شرعي دستوريا”.
وأضاف إن “اللجوء إلى الفصل 80 ليس سوى ذريعة ساذجة، لا يمكن أن تخدع إلا من هم على استعداد لقبول أي بديل يضع حدا للوضع المؤسف الذي تعيشه البلاد، ويوقف التناحر الحزبي، والمهازل السياسية التي يشهدها البرلمان”، على حد تعبيره.
عياض بن عاشور صاحب كتاب: ثورة في بلاد الإسلام
المحتفلون… وخيبة الأمل
ورأى بن عاشور، أن الذين خرجوا للاحتفال في الشوارع ابتهاجا بالقرارات الأخيرة، سيخرجون غدا للتعبير عن استيائهم وخيبة أملهم.
ويضيف “تاريخيا، دعنا نتذكر ما حدث في عملية الزحف على روما، والتي أدت إلى تعاظم قوة بينيتو موسوليني وحزبه القومي الفاشي بعد أن حظي بدعم شعبي هائل في إيطاليا، وقد رأينا ما حدث بعد ذلك، حدث الأمر ذاته خلال انقلاب 7 نوفمبر 1987 في تونس، والذي حظي بالقبول والإشادة من أغلبية الشعب، وقد رأينا ما حدث بعد ذلك، وهناك أمثلة لا تعد ولا تحصى بهذا الشأن”.
وفي معرض حديثه عن موقفه مما كان يجري قبل 25 جويلية، أقرّ عياض بن عاشور، بأنه أيضا من بين أولئك الذين يكاد ينفد صبرهم جراء ما يجري في البلاد، ويؤكد أنه عاش خيبة أمل كبيرة بسبب طريقة إدارة الأحزاب المشاركة في السلطة والحكومات المتعاقبة والائتلافات البرلمانية لشؤون الدولة.
ما حصل تجلّ للديكتاتورية
كما يرى بن عاشور أنه من غير المعقول علاج شرور بشرور أكثر تدميرا، خاصة من خلال الانقلاب الذي ستتبعه حتما فوضى أو دكتاتورية أو كلتاهما، حيث إن ذلك النمط من الحكم، لن يحل مشاكل البلاد الاقتصادية أو الاجتماعية، بل ينذر بفشل بيِّن.
وفي معرض رده على سؤال عما إذا كان جمع الرئيس لكافة السلطات في يده يمثل انجرافا نحو الاستبداد، قال الخبير القانوني التونسي “إن ما حصل هو تجلّ للدكتاتورية بعينها، حيث يصبح الرئيس هو ممثل السلطة التنفيذية الحصرية والعليا والسلطة التشريعية، والسلطة القضائية كذلك”.
وأعرب عن خشيته من أن التراجع عن هذا الوضع، قد يكون صعبا للغاية في المستقبل، مما قد يعني تفرد الرئيس الدائم بالسلطة.
وأوضح بن عاشور، أن من ضمن الآثار السيئة للانقلاب، تدخل الجيش في الشؤون السياسية للبلاد، وكونه حاليا في خدمة مشروع خارج عن القانون، وأعرب عن أمله في أن تدرك قيادة الجيش ذلك.