بعد مراسلة “الصحة” التي ضلّت وجهتها… التسريبات التي أنهكت الدولة.. و”هرّت” الطبقة السياسية
تونس ــ الرأي الجديد / رئاسة التحرير
هيمنت في الآونة الأخيرة، التسريبات والتسريبات المضادّة، والاتهامات المتبادلة بين مؤسسات الدولة، وخاصة التجاذب الموجود منذ أشهر بين رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية.
فبعد الاتهام المبطّن ــ كالعادة ــ لرئيس الحكومة، من قبل رئيس الجمهورية، بخصوص أسباب إقالة وزير الصحة، وتسريب وثيقة من رئيس ديوان وزير الصحة، تفيد بأنّ مطلب تأمين مراكز التلقيح خلال الأيام المفتوحة للتلقيح أيام العيد، قد تم إعلام وزارة الداخلية به، كشفت وثيقة رسمية أيضا، أنّ هذه المراسلة الصادرة بتاريخ 19 جويلية 2021، قد تم توجيهها خطأ إلى وزارة الخارجية، بدلا من وزارة الداخلية، الجهة المعنية بتأمين مراكز التلقيح.
وأثارت هذه المراسلة أمس، جدلا واسعا، إذ نشرتها منظمة “أنا يقظ”، في إشارة إلى مسؤولية وزير الداخلية بالنيابة، ورئيس الحكومة، هشام المشيشي، وتقديمه في صورة السياسي العابث بمصلحة التونسيين وحياتهم، في لقاء موضوعي مع تصريحات رئيس الجمهورية، الذي أشار بوضوح، لدى استقباله وزير الصحة المقال، بأنّه في الوقت الذي يعمل فيه هو (رئيس الجمهورية)، “لتوفير الأكسيجين للتونسيين، يخطط آخرون للتحوير الوزاري”، واصفا ما حصل في مراكز التلاقيح أمس، بــ “العملية المدبّرة من قبل النافذين في المنظومة السياسية، هدفها ليس التلقيح، بل نشر العدوى”. في اتهام واضح بالعبث بحياة التونسيين.
وهذا بالضبط ما أوحت به أنا يقظ، ضمنيا من خلال نشرها مراسلة وزارة الصحة…
وكان رئيس الحكومة هشام مشيشي، قال خلال لقائه بعدد من إطارات وزارة الصحّة الأربعاء الماضي، أنّ قرار فتح مراكز التلقيح خلال أيام العيد مسقط ولم تتم استشارته كرئيس حكومة والولاة والقيادات الأمنية، أو الرجوع للجنة العلمية أو الهيئة الوطنية لمجابهة كورونا قبل اتخاذه”.
وسارعت رئاسة الجمهورية، إلى ذلك الإخراج السيء ــ كالعادة ــ الذي يقدّم الحكومة والمنظومة السياسية الحاكمة، على أنّها العبث والفشل ومركز “المؤامرات” و”الغرف المغلقة”، وبلغ الأمر حدّ استعمال رئيس الجمهورية، تعبيرات ومعلومات فيسبوكية، على شاكلة “أنّ وزير الصحة محسوب على الرئيس”، في استخدام لا يليق برئاسة الجمهورية، التي يفترض أن تتعالى على هكذا خطاب ومسوغات.
يذكر أنّ رئيس الحكومة، كلف وزيرة العدل، بفتح بحث تحقيقي بشأن فتح مراكز التلقيح يومي عيد الأضحى، ومن المتسبب في تلك الفوضى، التي قد تتسبب في العدوى بفيروس كوفيد19، وفق بعض التقديرات الطبية.
فمتى يفهم المسؤولون في الحكم، أنّ التسريبات ليست “لغة” الدولة، ولا هي من نواميسها وتقاليدها، فيتعاملون بمنطق الدولة، التي لها قنواتها ومعاييرها وأساليب إدارتها ؟؟
الأمر الذي يمكن أن يتفق حوله الجميع الآن، أنّ العقول التي تدير الدولة، في جزء كبير منها ليست عقولا سياسية، بعضها إداري (تكنوقراط)، والبعض الآخر من “إنتاج” وسائل التواصل الاجتماعي، والبقية من “مصانع” الفوضى التي أنتجها حكام ومسياسيو ما بعد الثورة..