محمد الزواري: المعادلة المقلوبة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
تونس ــ الرأي الجديد / أبو سليمة
رغم أنّ إسرائيل شرعت في استعمال الطائرات المُسيَّرة، منذ غزو لبنان عام 1982، وكانت بدأت في بيع هذه الطائرات إلى الولايات المتحدة، وصولا إلى استخدام ستة جيوش من جيوش الدول الأعضاء في “الناتو” للمُسيَّرات الإسرائيلية، التي عرفها الجميع منذ اندلاع الانتفاضة الثانية، وتزايد عمليات الاغتيالات، رغم كل ذلك استطاعت المقاومة الفلسطينية، أن تقوم بخطوات مهمة في اتجاه، بناء ترسانة وأجيال جديدة من هذه الطائرات، لخلط أوراق المعادلة التكتيكية والإستراتيجية مع الاحتلال الإسرائيلي.
ومع إدراك المقاومة الفلسطينية للفجوات الهائلة في موازين القوة العسكرية مع عدوّها، بذلت جهودا مبكِّرة نسبيا لتدشين برنامج محلي لصناعة الطائرات بدون طيار. وتعود المحاولة الأولى لتصنيع هذا النوع من الطائرات إلى عام 2003، من قِبَل المهندس نضال فرحات، وهو ذاته الذي عمل بشكل رئيسي على صناعة الصاروخ الأول للقسام، لكن هذه المحاولة لم يُكتب لها النجاح إثر عملية اغتيال مدبَّرة، طالته ومجموعة من القادة العسكريين، عبر تفخيخ الطائرة المُسيَّرة التي هرَّبها نضال ومَن معه، سعيا لمحاكاتها وتطويرها.
في العام 2006، جاء رجل حنطيَّ البشرة، من شمال أفريقيا (تونس)، عائدا من رحلةِ سجن وإبعاد عاشها في ظل نظام الرئيس التونسي المخلوع، زين العابدين بن علي، حمل معه بداية التطوير الحقيقي لمشروع الطائرات المُسيَّرة. إنه محمد الزواري، الأستاذ الجامعيّ بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس.
التحق الزواري في هذا العام، بكتائب القسّام، حينما انتقل للعيش في سوريا، ليقود حينها فريقا من مهندسي القسام في زيارة استكشافية لإيران، حيث التقى بفريق خبراء مختص بالطائرات بدون طيار، وفي حينها، وبحسب كتائب القسام، أظهر الزواري قدرات متقدِّمة وصلت حد القدرة على التصنيع والإطلاق. وحينما اندلعت حرب “الفرقان” عام 2008، كان الزواري قد أشرف على تصنيع 30 طائرة بدون طيار، لتكون هذه المجموعة هي الثمرة المبكِّرة لمساعي القسام لتطوير المُسيَّرات.
وبعد نجاح المشروع الذي تم العمل عليه في سوريا، وبينما كان هناك فريق آخر في غزة، يعمل على مشروع مشابه باسم “براق”، جُلِب الزواري إلى غزة بين عامَيْ 2012-2013، حيث زار المهندس القطاع، أكثر من 3 مرات، ومكث هناك قرابة 9 أشهر، حيث استكمل بناء وتطوير مشروع الطائرات.
جاء عام 2014، وحمل معه الظهور الأول لطائرة أبابيل السابق الإشارة إليها، وهي الطائرة التي مَثَّلت إعلانا رسميا عن تحوُّل إحدى أبشع مخاوف الاحتلال الإسرائيلي إلى واقع. بعد هذه الحادثة بعامين فقط، اغتيل الزواري يوم 15 ديسمبر عام 2016، حين كان يستعد لتشغيل سيارته، إذ اعترضت شاحنة صغيرة طريقه وأطلق شخصان 20 رصاصة عليه داخل سيارته أمام منزله بمنطقة العين في محافظة صفاقس بتونس.
الزواري التحق بصفوفها وعمل فيها منذ عام 2006، وكان أحد القادة الذين أشرفوا على مشروع طائرات “الأبابيل” التي كان لها دور في حرب “العصف المأكول” عام 2014. وبعد سبعة أعوام من إطلاق الأبابيل، تكشف كتائب القسام النقاب عن جيلَيْن جديدين من الطائرات المُسيَّرة، وهما “شهاب”، ومن بعده “الزواري”، تيمُّنًا بالرجل الذي قاد أحلام الفلسطينيين والعرب للتحليق فوق مبنى وزارة الدفاع الإسرائيلية.