رغم القصف الإعلامي والسياسي: المشيشي يتجه إلى “النقد الدولي” للحصول على 4 مليار دولار في جوان المقبل
تونس ــ الرأي الجديد / صالح عطية
على الرغم من الضجيج الإعلامي والسياسي حول الحكومة، والانتقاد المتعمّد إلى حدّ الهرسلة ومحاولة “تهرئتها”، سياسيا وشعبيا، يستمر رئيس الحكومة، في التحرك من أجل حلحلة الأزمة المالية الخانقة التي تمر بها البلاد، من خلال التوجه إلى صندوق النقد الدولي، في مسعى للحصول على دعم مالي، بإمكانه إخراج الوضع الاقتصادي والمالي من عنق الزجاجة.
في هذا السياق، أعلن رئيس الحكومة هشام المشيشي، عن “سعي تونس للتوقيع على اتفاق قرض مع صندوق النقد الدولي بقيمة 4 مليارات دولار، سيتم تقسيطها على ثلاث سنوات”، وهو ما ستتولى بعثة الحكومة إلى الصندوق الأسبوع المقبل، مناقشته تفصيليا، في مستوى الأهداف والمضامين.
ويأتي هذا الاتفاق على برنامج تمويلي، وفق ما صرح هشام المشيشي، “مقابل حزمة إصلاحات اقترحتها الحكومة بهدف إنعاش الاقتصاد التونسي”، الذي دخل غرفة الإنعاش منذ بضع سنوات.
تحركات على جبهات مختلفة
وكان رئيس الحكومة، تحرك في غضون الأسبوعين الماضيين بلا هوادة، في اتجاه إقناع تونس شركاءها الأوروبيين والغربيين، بضرورة دعم هذا المسعى لدى صندوق النقد الدولي، وأجرى في هذا السياق، سلسلة اجتماعات مع سفراء الولايات المتحدة وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا وكندا وفرنسا وغيرها، اتفق جميعهم على جدية المسعى التونسي، معلنين دعمهم لتونس..
وسيتحول وفد حكومي الأسبوع المقبل، إلى واشنطن لمقابلة المسؤولين على البنك الدولي، ومناقشة خريطة الإصلاحات التونسية، المزمع إدخالها على اقتصاد البلاد، وعلى المالية العمومية، وعلى صندوق الدعم.
وسيضم الوفد، أحد مستشاري رئيس الحكومة، ووزير المالية والاستثمار، علي الكعلي، ومحافظ البنك المركزي، مروان العباسي، وممثلين عن اتحاد الشغل ومنظمة الأعراف، والمنظمة الفلاحين، بوصفها منظمات تشترك مع الحكومة في وضع سيناريو هذه الإصلاحات واتجاهه والأفق الذي سيتحرك فيه.
واعتبر هشام المشيشي، في حوار مع وكالة الأنباء “رويترز”، أن المرحلة تقتضي “توحيد كل الجهود في تونس، لأننا نعتبر أننا وصلنا إلى الفرصة الأخيرة، ويجب أن نستغلها لإنقاذ الاقتصاد والبلاد”.
جوان القادم
وأعرب عن ثقته بالتوصل إلى اتفاق مع المؤسسة الدولية المانحة، قائلا: “نحن جديون وواثقون من الوصول لاتفاق مع الصندوق، لأن هناك وعي بضرورة القيام بإصلاحات عاجلة، ولأن برنامج الإصلاحات اقترحناه نحن، ويحتاجه اقتصادنا للخروج من أزمته في مرحلة أولى”.
ومن المرجح أن تستمر النقاشات بين الحكومة التونسية وصندوق النقد الدولي، مدة شهرين “على أن يتم التوصل لاتفاق بين الجانبين، خلال شهر جوان القادم 2021″، وفق ما أعلن المشيشي، الذي أضاف: “يتعين على المريض أن يتناول (الدواء) حتى إن لم يعجبه مادام ذلك ضروريا..هذا ما سنفعله.. سنمضي قدما في الإصلاحات الاقتصادية”.
وشدد رئيس الحكومة لــ “رويترز”، على وجود توافق حول المحاور الكبرى للإصلاحات مع الشركاء الاجتماعيين، ومن بينهم الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الصناعة والتجارة واتحاد الفلاحين، على أن يتم الاتفاق حول تفاصيل تطبيق هذه الإصلاحات وآليات تنفيذها على اعتبار أن تأخيرها سيضر الاقتصاد أكثر”.
وأوضح المشيشي، أن الإصلاحات التي ستقدم عليها الحكومة، ستركز على ترشيد الدعم، وإصلاح الشركات العمومية، وتعزيز العدالة الجبائية، إلى جانب الاهتمام بكتلة الأجور، قائلا: “كتلة الأجور مرتفعة، لكنّ الرواتب ما تزال دون المستوى، ويتعيّن علينا العمل كثيرا على مستوى الرفع من الناتج المحلي الإجمالي، “لكي نتمكن من خفض حجم الأجور بشكل ناجع، لا يضر بمداخيل التونسيين.
مناقشات مع بلدان عديدة
وكشف رئيس الحكومة في ذات السياق، بأن بلاده فتحت مناقشات معمقة مع عدّة بلدان شقيقة وصديقة لتونس، بغاية التوصل إلى التوقيع على اتفاقيات مالية، تتيح لنا إمكانية التخفيف من حدّة الأزمة الاقتصادية، واعتبر أنّ النقاشات مع دولة قطر، تسير في هذا الاتجاه.
وكان صندوق النقد الدولي كشف أن تونس طلبت منه رسميا برنامجا تمويليا في 19 أفريل الجاري.
وقالت وقتها متحدثة باسم الصندوق: “طلبت السلطات التونسية برنامجا جديدا رسميا.. كان صندوق النقد وسيظل شريكا يعول عليه لتونس في الأوقات الصعبة”.
يذكر أنّ مديرة الصندوق، كريستالينا جورجيفا، في رسالة إلى رئيس الحكومة التونسية بتاريخ 23 أبريل (ردّا على مراسلة المشيشي)، قالت إنها كلفت وفدا لإجراء محادثات فنية بشأن برنامج الإصلاح الاقتصادي التونسي”.
ويرى خبراء تونسيون أنه ليس أمام تونس خيارات كثيرة للخروج من الأزمة، سوى التوجه في هذه المرحلة لصندوق النقد الدولي، والدخول معه في برنامج تمويلي كفيل بتجاوز الصعوبات الاقتصادية والمالية التي تعاني منها تونس منذ فترة طويلة.