قيس سعيّد يؤكد رغبته في تعزيز سلطته من خلال الاستحواذ على القوات الأمنية…
تونس ــ الرأي الجديد / محمد سعيد
أثار رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، أمس، قضية في الدستور، بشأن صلاحيات الرئيس في البلاد، ما أثار مخاوف من “انقلاب” على الدستور، إذ إنه يريد أن يكون قائدا أعلى ليس فقط للقوات المسلحة بل للقوات المدنية أيضا.
وتسببت تصريحاته أمس، في موجة من الانتقادات والتعاليق على منصات التواصل الاجتماعي، بين متقبل لهذا التأويل لنص الدستور (وهم أقلية)، ورافض لوجهة نظره، ناعتا إياها بالانقلاب على الدستور، وعلى مسار الانتقال الديمقراطي، وعلى دستور 2014، الذي كتب بدم التونسيين، ودفعت تونس، اغتيالات سياسية، ثمنا لهذا النص المنظم لحياة التونسيين.
وقال قيس سعيد خلال إشرافه على موكب الاحتفال بالذكرى الـ65 لعيد قوات الأمن التونسي الداخلي، إن “رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة العسكرية والأمنية”.
وأضاف: ”جئتكم بالنص الأصلي للدستور الأول الذي ختمه الحبيب بورقيبة، وينص على أن رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات العسكرية، وجئتكم بنص الدستور الذي ختمه المرحوم الجلولي فارس، وينص الفصل 46 منه على أن رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة العسكرية”.
وتابع: ”وجئتكم بالدستور الحالي، رئيس الجمهورية يتولى القيادة العليا للقوات المسلحة، ولم يأت في هذا النص الدستوري بيان للقوات المسلحة العسكرية، كما ورد في دستور 1959″.
وقال: ”تعلمون أن رئيس الجمهورية هو الذي يتولى التعيينات والإعفاءات في الوظائف العليا العسكرية والدبلوماسية المتعلقة بالأمن القومي، بعد استشارة رئيس الحكومة، وتضبط الوظائف العليا بقانون. المبدأ هو أنه لا تفريق، حيث لم يفرق القانون.
هذا معهود في كل نصوص العالم. فالقوات المسلحة هي القوات المسلحة العسكرية والقوات المسلحة الأمنية”.
وشدد بطريقة فيها الكثير من “السلطوية” الواضحة، على أن ”رئيس الدولة هو القائد الأعلى للقوات المسلحة العسكرية والمدنية، فليكن هذا الأمر واضحا بالنسبة إلى كل التونسيين في أي موقع كان”.
في مقابل ذلك، رفض رئيس الجمهورية (عندما يختار أن يرفض كما يشاء)، “القانون المتعلق بالتعيين في الوظائف العليا للدولة الذي تم وضعه سنة 2015″، واعتبره “غير دستوري”، متابعا: “بما أن هذا القانون دون الدستور، فإن المنطق الدستوري والترتيب التفاضلي يقتضي تغليب القوات المسلحة العسكرية والأمنية التي عددها قانون 1982، والتي تكون تحت القيادة العليا للرئيس”.
وتدخل الرئيس، حتى لضبط أي إمكانية لإبداء الرأي في وجهة نظره وتأويله، من خلال القول: “لا يذهب البعض ليتوهم أن هذا التأويل فيه نزعة أو حنين للماضي، بل بالعكس، إن القوات المسلحة يجب أن تكون في خدمة الشعب وتطبيق القانون، يجب أن يكون على الجميع دون استثناء لا بالمال والعلاقات مع الخارج ولا بالمصاهرة والنسب”.
وبهذا التأويل الجديد، بدأ رئيس الدولة، في استكمال حلقات الهيمنة على تأويل الدستور، ومن وراء ذلك، أظهر رغبته الجامحة في الاستحواذ على السلطة، وخاصة القوات المسلحة، والقوات الأمنية، وسط “تأويلات” مضادّة تعتبر ذلك مؤشرا على رغبته في الانقلاب على الحكم والمسار والثورة ذاتها، وفق تقدير البعض من الرأي العام والنقاد..