منظمة تونسية تطالب الحكومة بوضع حدّ “للفساد المقنن” المضر بالمؤسسات والاستثمار
تونس ــ الرأي الجديد / محمد سعيد
دعا “مرصد الشفافية والحوكمة الرشيدة”، الحكومة، إلى العمل على “تعديل مجلة الشركات التجارية، بغاية قطع دابر المارقين، ووضع حدّ للفساد المقنن الذي أضر بالمؤسسات ومحيط الاستثمار”.
وذكر المرصد في بيان، تلقت “الرأي الجديد” نسخة منه، أنّه في إطار بنود مجلة الشركات التجارية، تم نهب المؤسسات، من خلال إلزام المؤسسات الصغرى والمجهرية بتعيين مراقب حسابات، بالاستناد إلى الفصول 13 وما بعده من المجلة، كما تم إلزام صنف من المؤسسات، بتعيين مراقبين اثنين للحسابات، الأمر الذي ساهم ــ وفق المرصد ــ في إثقال كاهلها والإضرار بقدراتها التنافسية.
واعتبر المرصد، الذي يرأسه العربي الباجي، أن وزارة الإشراف، “تواطأت” حسب وصف البيان، لتغيير القرار المتعلق بأتعاب مراقبي الحسابات، في اتجاه الترفيع عديد المرات بعد 14 جانفي 2011، دون استشارة المنظمات المهنية الممثلة للمؤسسات، التي تحولت نتيجة لاستشراء الفساد إلى بقرة حلوب، وفق تقدير المرصد.
ونوه إلى أنّ “الفاسدين” ــ كما ينعتهم البيان ــ تصدوا للمقترح المنقول عن التجربة الأمريكية والبريطانية، حيث لا يلزم القانون بتعيين مراقب حسابات، إلا المؤسسات المدرجة بالبورصة، والتي تقترض من العموم، أما بقية المؤسسات فتبقى الجلسة العامة سيدة نفسها، في تعيين أو عدم تعيين مراقب حسابات.
وشدد “مرصد الشفافية والحوكمة الرشيدة”، على أنّ الأكثر فسادا، أن تصر الوزارات المعنية بمراقبة الحسابات وسلامة المعاملات المالية ورئاسة الحكومة، على هذه المجلة بشكلها الراهن، في نوع من الحماية للمفسدين، خاصة في مجال مراقبة الحسابات والمعاملات المالية، منوها إلى أنّ مضمون مجلة الشركات التجارية في هذا الباب، مخالف تماما للمعايير الدولية..
وفيما يلي، نص بيان المرصد…
بـــيـــان
(في فساد أحكام تدعيم سلامة العلاقات المالية ومخالفتها للمعايير الدولية)
على إثر الفضيحة المالية التي هزت الولايات المتحدة الأمريكية خلال سنة 2001 من خلال إفلاس الشركة العملاقة للطاقة “اينرون”، وتورط مراقب حساباتها “اندرسون”، إحدى الشبكات الدولية للمحاسبة والتدقيق المالي، المعروفة بفضائحها المالية والجبائية، نتيجة لفقدانه لاستقلاليته وتقمصه لمهمة مستشار قانوني وجبائي، مثلما نلاحظه اليوم ببلادنا دون رادع وبتواطؤ من وزارة الإشراف، بادر الكونغرس الأمريكي بسن قانون “صاربان أوكسلاي”، الذي نص على عقوبات صارمة ضد المارقين والمتحيلين من مراقبي الحسابات تصل الى 20 سنة سجنا.
خلافا لذلك، تم في تونس نقل قانون سلامة المعاملات المالية الصادر بفرنسا خلال سنة 2003 بطريقة مشوهة، بعد تدخل عصابة مناشدي بن علي عن طريق مستشاريه الفاسدين، وتواطئ من القائمين على وزارة المالية آنذاك، ليفرغ القانون عدد 96 لسنة 2005 المتعلق بتدعيم العلاقات المالية من محتواه.
فقد حرصت عصابة الفساد والنهب والمناشدة على عدم تجريم قبض مراقب الحسابات لأجور زائدة عن أجرته كمراقب حسابات على معنى الفصل 265 من مجلة الشركات التجارية، التي صيغت من قبل أشخاص مشبوهين وفي وضعية تضارب مصالح. كما لم يتم تجريم تبادل المهمات بصفة صورية بين مراقبي الحسابات، بغاية التلاعب بقاعدة ضرورة تغيير مراقب الحسابات بعد 6 أو 9 سنوات.
كما تم التمديد في مدة تغيير مراقب الحسابات لتصل إلى 9 سنوات وهذه بدعة تونسية فاسدة لا نجد لها مثيلا بتشاريع البلدان المتطورة. فعلى سبيل المثال لا الحصر، يتم تغيير مراقب حسابات منظمة الأمم المتحدة كل 5 سنوات.
وتم في ذات السياق، نهب المؤسسات، من خلال إلزام المؤسسات الصغرى والمجهرية بتعيين مراقب حسابات، من خلال الفصول 13 وما بعده من مجلة الشركات التجارية. أيضا، تم دون موجب وفائدة إلزام صنف من المؤسسات بتعيين مراقبين اثنين للحسابات وقد ساهم ذلك في إثقال كاهلها والإضرار بقدراتها التنافسية.
زد على ذلك أن القرار المتعلق بأتعاب مراقبي الحسابات، تم تغييره في اتجاه الترفيع عديد المرات بعد 14 جانفي 2011، بتواطؤ من وزارة الإشراف، ودون استشارة المنظمات المهنية الممثلة للمؤسسات، التي تحولت نتيجة لاستشراء الفساد إلى بقرة حلوب. فقد تصدى الفاسدون للمقترح المنقول عن التجربة الأمريكية والبريطانية، حيث لا يلزم القانون بتعيين مراقب حسابات، إلا المؤسسات المدرجة بالبورصة، والتي تقترض من العموم، أما بقية المؤسسات فتبقى الجلسة العامة سيدة نفسها، في تعيين أو عدم تعيين مراقب حسابات.
هذا وقد استغل المارقون من مراقبي الحسابات، عدم تخصيص مخالفة الفصل 265 من مجلة الشركات التجارية، بعقوبة بالسجن وتواطؤ وزارة الإشراف، المتجاهلة للمعايير الدولية، ليتمادوا في الحصول على مهمات خاصة، وقبض أجور زائدة عن أجرتهم، في دوس على الاستقلالية التي يجب أن يتحلوا بها.
الأكثر فسادا أن تصر الوزارات المعنية بمراقبة الحسابات وسلامة المعاملات المالية ورئاسة الحكومة، على عدم تحوير الأحكام الفاسدة المتعلقة بمراقبة الحسابات وبالأخص المضمنة بمجلة الشركات التجارية، التي تمت صياغة أحكامها في ظروف فاسدة وتحت إشراف وزير مشبوه وفي وضعية تضارب مصالح.
فهل تبادر الحكومة وأعضاء مجلس نواب الشعب ورئيس الجمهورية بالعمل على تحوير مجلة الشركات التجارية بغاية قطع دابر المارقين، ووضع حد لهذا الفساد المقنن الذي اضر بالمؤسسات ومحيط الاستثمار؟
العربي الباجي / رئيس مرصد الشفافية والحوكمة الرشيدة