أبو يعرب المرزوقي: عزل “دمية” قرطاج في غنى عن المحكمة الدستورية
تونس ــ الرأي الجديد (تدوينات)
إعتبر الفيلسوف التونسي، والقيادي السابق في “حركة النهضة”، أبو يعرب المرزوقي، أن من يعتبر فرضية “عزل” رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، مرتبطة بالمحكمة الدستورية، “جاهل قانونيا”.
وتساءل أبو يعرب المرزوقي، في تدوينة له على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، تحت عنوان (عزل الدمية غني عن المحكمة الدستورية)، “لو أن أحدا خان الوطن بصورة لا خلاف حولها وحافظنا على هذا الشرط لكان بنبغي أن نتركه يواصل الخيانة حتى نؤسس محكمة لنحاكمه، مع العلم أن تأسيسها لا يكون من دون موافقته” ؟
وأشار المرزوقي، إلى أنه “لن يتم عزل قيس سعيد، بما أن قرار العزل بيده”، مبرزا أن الدستور “جعله قادرا على رفض تأسيسها ما دام يستطيع رفض الأحكام المقيدة فيه، مبرزا أنه “هو صاحب الثلث فيها وصاحب نصف الثلث في المجلس الذي لا يستطيع تعيين ثلثه من دون توافق وصاحب نصف الثلث التابع للقضاء لأن ذلك أيضا بالتوافق”، وفق تعبيره.
وفيما يلي نصّ التدوينة كاملة:
لم أشأ التعليق على من يعتبر العزل شرطه وجود المحكمة الدستورية مع العلم باستحالة أيجادها ما ظلت الدمية في قرطاج: وذلك هو عائق الدور (الساركل فيسيو). وهذا أيضا من علامات الجهل القانوني.
فلو أن أحدا خان الوطن بصورة لا خلاف حولها وحافظنا على هذا الشرط لكان بنبغي أن نتركه يواصل الخيانة حتى نؤسس محكمة لنحاكمه مع العلم أن تأسيسها لا يكون من دون موافقته.
فالدستور جعله قادرا على رفض تأسيسها ما دام يستطيع رفض الاحكام المقيدة فيه. ثم هو صاحب الثلث فيها وصاحب نصف الثلث في المجلس الذي لا يستطيع تعيين ثلثه من دون توافق وصاحب نصف الثلث التابع للقضاء لأن ذلك أيضا بالتوافق
ومن ثم فلن يعزل لأن شرط العزل بيده فلا يمكن تحقيقه فبيقى الخائن حاكما للبلاد.
ومن يفكر بهذه الطريقة ليس عديم البصيرة بل عديم البصر كذلك: اصم أعمى وأبكم ولا عقل له. طبعا ليس الآن فحسب بل وكذلك عندما وضع هذا التصور في الدستور لأن واضعيه “حجامة في رؤوس اليتامى”.
وهنا المنطق والعقل السليم يقولان إن القانون الدستوري ليس فوق القانون الإداري دائما بل هو يمكن أن يكون دونه لتحديد السلوك القانوني: فنحن أمام إجراء ممتنع وهو يؤسس للتخلي عن علة الامتناع والعمل من دونها بمبدأ الاجراء المستحيل.
فالوضعية جعلت الدمية قادرا على تعطيل عمل المؤسسات كلها بما في ذلك حماية البلاد من الخونة وخاصة من محاسبة اصحاب الخيانة العظمى. لكن تعطيل عمل المؤسسات يتعلق بمنع الدولة من حماية ذاتها بسبب استحالة اجراء الخلع منع لأجراء بمنع أحد شروطه.
فنكون حجة امتناع المحاكمة بسبب عدم وجود المحكمة الدستورية علة استحالة إجراء جوهري في إدارة الدولة عامة وفي حمايتها ذاتها من الخيانة عامة والعظمى خاصة. لذلك فنحن أمام مبدأ الاجراء المستحيل الذي يؤسس للاكتفاء بالممكن من الاجراء أي قرار المجلس كاف.
وتلك حالة تجعل القانون الإداري أعلى من القانون الدستوري لأن التراتب بينهما لا تحدده طبيعة القانون بل طبيعة المسألة: هي هي متعلقة بالوظيفة الدستورية أم بالوظيفة الإدارية لأنها تتعلق بعمل اجهزة الدولة في قيامها بدورها عامة ولكن خاصة بحماية ذاتها.
ولست بحاجة إلى الكلام على “الضرورة السياسية للدولة=ريزون ديتا” لأن مبدأ امتناع الإجراء في إدارة دواليب الحكم وحماية الأمن الوطني والدولة كافيان وزيادة. والله أعلم..