منظمات تحتجّ: التعذيب يعود بقوة… مداهمات وانتزاع اعترافات
تونس ـ الرأي الجديد / علي مبارك
كان التعذيب في تونس قبل ثورة 2011، وسيلة في أيدي السلطة، لتصفية حساباتها مع المعارضين لها، بمن فيهم اليساريين والليبراليين والإسلاميين، وكان يمارس بطريقة منهجية واعتيادية.
لم يكن من المستغرب حضور التعذيب في فترة حكم بن علي، لكن ما يثير قلق المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، هو استمراره في زمن ما بعد 2011، حيث كان يتوقع أن تحسم تونس مع التعذيب بعد الثورة.
التعذيب والمداهمات
وأثارت قضايا التعذيب التي تحدثت عنها مؤخرا، هيئات حقوقية وبعض المحامين، قلقاً واسعاً في الأوساط المهتمة بحقوق الإنسان في تونس، سيما وهي تعيد إلى الذاكرة شيئا مما كانت تمارسه جهات أمنية من انتهاكات زمن ما قبل الثورة التونسية.
وكشفت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، عن تجاوزات وصفتها بـ “الخطيرة”، من قبل عناصر الأمن، على خلفية الاحتجاجات الأخيرة، وصلت إلى حد “التعذيب وسوء المعاملة، وانتزاع الاعترافات بالقوة، ومداهمة المنازل دون إذن قضائي، وتوجيه تهم سياسية كيدية وغيرها”.
وقال رئيس الرابطة، جمال مسلم، إن “الإيقافات العشوائية والتعسفية ونزع الاعترافات، دون تمكين الموقوفين من حق حضور المحامين عند البحث، والمداهمات المروعة للمنازل والاعتداء على الموقوفين، ومن ضمنهم أطفال قصر، يرتقي إلى درجة العقاب للحراك الاجتماعي”.
وجاء في تقرير أعدته الرابطة، “إرغام الموقوفين على توقيع محاضر البحث من خلال تعنيفهم، وعدم السماح للمحامين بالحضور في مراكز الأمن لإنابتهم، في تعد صارخ للقانون عدد 5 لسنة 2016 المتعلق بضمانات المحتفظ بهم لدى باحث البداية (…)، ومن بين التهم الموجهة للموقوفين، الاعتداء على أمن الدولة الداخلي، والإضرار بممتلكات الغير، وإضرام النار عمداً في مباني الغير، والاعتداء المدبر على حرية الجولان ليلاً ومخالفة قانون الطوارئ، والتحريض على الشغب والهرج والتشويش”.
وتراوحت الأحكام ضد القصّر من 50 ديناراً خطية مالية، إلى عقوبات بالسجن تصل إلى أكثر من 4 سنوات.
دعوة لاحتجاجات واسعة
وفي سياق متصل، دعا عدد من الأحزاب والمنظمات والهيئات الشبابية، إلى تنظيم احتجاجات واسعة في العاصمة للتنديد بالانتهاكات المستمرة لعناصر الأمن.
وأصدرت الأحزاب والمنظمات المذكورة، بيانا نددت فيه “بالممارسات القمعية التي قامت بها القوات الأمنية في حق المحتجين”، داعين الحكومة إلى “الإسراع بإطلاق سراح جميع الموقوفين، وإيقاف جميع الملاحقات الأمنية والقضائية الصادرة ضدهم، فضلاً عن محاسبة المتورطين في قضايا الانتهاكات والقتل، والقطع مع سياسة الإفلات من العقاب”.
كما طالبوا بمحاسبة النقابات الأمنية وقادتها، بما في ذلك تتبعهم قضائياً، بسبب حملات التكفير والدعوات للاعتداء على المواطنين المحتجين.
يذكر أن نقابات أمنية بدأت في عدة مدن تونسية، إضراباً عاما عن العمل، للتعبير عن غضبها، من الاعتداء على عناصر الأمن خلال احتجاجات في العاصمة، فيما ردد عناصر أمن خلال مظاهرة في مدينة صفاقس، شعارات تنتقد رئيس الحكومة وعدداً من الأحزاب السياسية، وهو ما أثار جدلاً واسعاً في البلاد.