واشنطن بوست: “بايدن” ينقلب جذريا على السياسة الخارجية التي انتهجها “ترامب”
واشنطن ــ الرأي الجديد
نشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقالا للكاتب “ماكس بوت”، سلط فيه الضوء على خطاب للرئيس الأمريكي، جو بايدن، كشف فيه عن خطوط عريضة لسياسة إدارته الخارجية، تشكل انقلابا على نهج سلفه، دونالد ترامب.
واعتبر الكاتب في مقاله، أن مضامين الخطاب كانت تقليدية، ولا تخرج عن الإطار العام للسياسة الأمريكية التقليدية، بما في ذلك مواقف بايدن السابقة، منذ أن كان عضوا في مجلس الشيوخ.
لكن بايدن، في كلمته من مقر وزارة الخارجية، الخميس، أطلق العنان لعملية الانقلاب على تركة أربعة أعوام من سياسة قامت على شعار “أمريكا أولا”.
إصلاح الضرر.. ببطء
وكان بايدن واضحا في فهمه، أن الضرر الذي خلفه الرئيس السابق، مع أنه لم يذكر اسمه أبدا، لن يتم إصلاحه في ليلة وضحايا.
وقال: “لقد تحركنا سريعا لإعادة مشاركة أمريكا دوليا” لأن من الواجب علينا “استعادة موقع القيادة من جديد” واستعادة “مصداقيتنا وسلطتنا الأخلاقية”.
وأضاف بايدن: “عادت أمريكا وعادت الدبلوماسية” مع اعترافه أن الدول الأخرى حول العالم ستظل غير واثقة بالولايات المتحدة بعد كوارث الأعوام الأربعة الماضية، لا سيما إزاء فشلها في التعامل مع جائحة فيروس كورونا المستجد ومشهد العنف في مبنى الكابيتول بواشنطن.
وبحسب الكاتب، فإن بايدن بالتأكيد قرأ ما نقله موقع “أكسيوس” عن الرئيس الأوكراني فولدومير زيلنسكي، بقوله: “كنا نؤمن بأن الولايات المتحدة تملك المؤسسات الديمقراطية ويتم فيها نقل السلطة بهدوء.. وعشنا في أوكرانيا ثورتين، وكنا نفهم أن هذه الأمور تحدث في العالم ولكن أن تحدث في الولايات المتحدة؟ لم يتوقع أحد ذلك. وكنت خائفا ولم أكن راغبا بحدوث انقلاب عندكم. وإثر ما حدث أعتقد أن من الصعوبة أن ينظر العالم للولايات المتحدة كرمز للديمقراطية”.
وحاول بايدن تخفيف مظاهر القلق هذه، من خلال الحديث عن محاولات ترامب للانقلاب على الديمقراطية، وأنها في الحقيقة جعلت أمريكا مصممة للدفاع عن الحرية في العالم.
وقال: “سيخرج الشعب الأمريكي قويا وأكثر تصميما ومستعدا أفضل، لتوحيد العالم للقتال والدفاع عن الديمقراطية لأننا قاتلنا أنفسنا من أجلها”.
ويعلق “بوت” بالقول إن خطاب بايدن كان مرتبا، وسعى من خلاله، تحويل مظهر الضعف إلى قوة.
تبرئة ترامب.. رسالة سلبية
لكن تصويت الكونغرس، المرجح، لتبرئة ترامب، خاصة في ظل موقف الجمهوريين المعلن حتى الآن، فإن ذلك سيبعث رسالة سلبية، مفادها أن الرئيس في الولايات المتحدة يتمتع بالحصانة من سوء التصرف، ما سيشكل إضعافا لجهود بايدن بإعادة بناء الثقة بأمريكا كقائدة للعالم الحر.
ولا يستطيع بايدن عمل أي شيء لإجبار الجمهوريين لكي يقوموا بواجبهم، وفق تعبير الكاتب، لكنه يعمل ما باستطاعته لإحياء الدبلوماسية وموقف الولايات المتحدة في العالم.
وذكر الكاتب، أن خطاب بايدن احتوى على رؤية فيها تحد عالمي، وذلك عندما تحدث عن ضرورة مواجهة مشاكل العالم، من وباء فيروس كورونا إلى التغيرات المناخية، ولكن من خلال التعاون بين الدول.
ومع أن بايدن لم يقل كثيرا حول موقفه من روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين، إلا أن خطابه تضمن تحولا مهما عن سياسة ترامب الذي رفض حتى انتقاد بوتين أو تصديق أنه قام بالتدخل في الانتخابات الأمريكية.
وكان بايدن واضحا بأن روسيا ليست الديكتاتورية الوحيدة التي لن تمنحها واشنطن بعد الآن صكا مفتوحا، فقد أعلن عن وقف الدعم العسكري للحرب التي تقودها السعودية في اليمن والتي أنتجت كارثة إنسانية هناك.
وفي الحقيقة لم يقدم بايدن شيئا جديدا بل أعاد تكرار ما قاله الرؤساء الأمريكيون السابقون، باستثناء ترامب، و”لكن الاستماع إليها الآن بعد أربع سنوات من الخطاب المعتوه والأفعال هو أمر جديد وتستحق الاهتمام”، وفق الكاتب.