بعد “غزوة” الكونغرس… هل تراجع الولايات المتحدة مفهومها “للإرهاب” ؟؟
واشنطن ـ الرأي الجديد (مواقع)
لا يقدِّم القانون الدولي، تعريفًا واضحًا لمصطلح الإرهاب، لذلك، ظلّ تعريفه، محملًا بدلالات سياسية وإيديولوجية، إذ يمكن لشخص أن يعتبر إرهابيًا من قبل البعض، ومقاتلًا في سبيل الحرية في نظر البعض الآخر.
وعلى الرغم من محاولات الأمم المتحدة، لم تتفق الدول بعد، على تعريف لـ “الإرهاب”، مهما يكن من أمر.
التوصيف السريع لمقتحمي “الكابيتول”
لم تمض ساعات، على اقتحام الكونغرس في السادس من الشهر الماضي، حتى توجه الرئيس المنتخب جو بايدن، للأمة الأميركية بخطاب وصف فيه المقتحمين، بأنهم “غوغائيون.. مشاغبون، متمردون، إرهابيون محليون”، كما وصفت رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، المقتحمين، بأنهم “مثيرو الشغب”، و”متمردون”، و”إرهابيون”.
وفي ضوء ما يجري في الحياة السياسية الأمريكية، لم يستقر الرأي في واشنطن على توصيف من قاموا بهذا الهجوم غير المسبوق على رمز الديمقراطية الأميركية، الذي نتج عنه وفاة 5 أشخاص.
وكان الآلاف من أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب، اقتحموا مبنى الكونغرس، في محاولة لعرقلة تصديق أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، على نتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت في نوفمبر الماضي.
ويعود عدم الاتفاق داخل أميركا، على توصيف مقتحمي الكونغرس، إلى غياب تعريف جامع وشامل للممارسات الإرهابية، إضافة إلى تناقضات واسعة بين آراء السياسيين، والخبراء القانونيين، بشأن إطلاق وصف إرهابيين على مقتحمي الكونغرس.
غياب تعريف واضح للإرهاب
يتساءل مفكرون وخبراء أميركان، منذ جوان 2011، من خلال مجلة التاريخ الأميركي، في عددها الخاص، حول “الإرهاب والتجربة الأميركية”، يتساءلون: “كيف قامت الحكومة الأميركية بتحديد المجموعات التي تم تصنيفها كمنظمات إرهابية؟”، و”كيف حاولت أميركا تجنب تطبيق مثل هذه الصفات على عملائها، الذين يخوضون حروبها بالوكالة؟”..
ولكن جميع هؤلاء، لم يتوصلوا إلى تعريف دقيق لمصطلح الإرهاب، يكون محل اتفاق بين الخبراء والساسة ورجال القانون الأميركيون.
فخلال العقود الماضية، تم استخدام تسمية الإرهاب بطريقة منتقاة، تخدم أجندة السياسة الخارجية الأميركية، وتضاعف استخدام التسمية عقب هجمات 11 سبتمبر 2001، وكثير ما ربط الإرهاب بـ “التطرف الإسلامي”.
ويعرّف قانون الولايات المتحدة للأنظمة الاتحادية، الإرهاب بأنه، “الاستخدام غير المشروع للقوة والعنف ضد الأشخاص أو الممتلكات، لتخويف أو إكراه حكومة أو السكان المدنيين، أو أي قطاع من شرائحهم، تعزيزاً للأهداف السياسية أو الاجتماعية” (المادة 28 من قانون العقوبات والقواعد التنظيمية 0-85).
فيما جاء تعريف الإرهاب لوزارة الدفاع الأمريكية بأنه، “الاستخدام غير القانوني للعنف أو التهديد بالعنف لغرس الخوف، والإكراه على الحكومات أو المجتمعات. وغالبا ما تكون المعتقدات الدينية والسياسية والإيديولوجية هي الدافع وراء الإرهاب لتحقيق أهداف سياسية في العادة”.
وأما مكتب التحقيقات الفدرالي “إف بي آي”، فيعرف الإرهاب المحلي بأنه، “أعمال عنيفة وإجرامية، يرتكبها أفراد أو جماعات لتحقيق أهداف أيديولوجية نابعة من تأثيرات محلية، مثل تلك ذات الطابع السياسي أو الديني أو الاقتصادي”.
هل حادثة “الكابتول”.. عمل إرهابي؟
وفي هذا السياق، اعتبر عدد من الخبراء القانونيين أن تصنيف فعل اقتحام الكونغرس، على أنه عمل إرهابي “يؤدي إلى تليين الضوابط الإجرائية لتمكين جهات إنفاذ القانون من ضبط المتهمين، وإحالتهم للقضاء بشروط أقل صرامة”..
وفي مقال نشر في صحيفة “واشنطن بوست”، عبرت كل من “داليا شمس”، و”طارق إسماعيل”، وهما من الخبراء بالقانون الجنائي الأميركي، عن تخوفهما، من الإسراع في وصف ما جرى يوم السادس من الشهر الماضي على أنه “عمل إرهابي”.
وفي تغريدة له على موقع “تويتر”، رفض “نيكولاس غروسمان”، خبير شؤون الإرهاب، بجامعة “إلينوي”، توصيف ما جري خلال أحداث اقتحام الكونغرس على أنه إرهاب، وغرد قائلا، “أعتقد أن أفضل كلمة لأحداث الأمس في مبنى الكابيتول، هي تمرد أو فتنة، ويمكن كذلك قول إنه شغب. لن أقول إنه إرهاب، رغم أنه من الممكن أن بعض الإرهابيين استخدموا أعمال الشغب تلك للتستر على ما يقومون به”..