” كورونا” تهدد أنظمة ديمقراطية… وتتسبب بشروخ في المجتمع… هذه الأسباب
برلين ــ الرأي الجديد (وكالات)
باتت جائحة “كورونا” مهددة لأكثر من دولة في العالم بأشكال وأنماط مختلفة…
وبدأت تظهر الانقسامات والشروخ بين الدول، بل صلب المجتمعات، بما يؤذن بمخاطر محتملة.
وتبدو الأنظمة الديمقراطية، أكثر الأنظمة السياسية التي تواجه مخاطر الانقسام وأزمة الثقة، والعلاقة المتأزمة بين الدولة والمجتمع..
ومع بداية “منتدى دافوس الاقتصادي العالمي”، الذي عقد على الانترنيت بسبب جائحة كورونا، نشرت مؤسسة “بيرتلسمان” الألمانية دراسة ناقشت مع صناع القرار العالميين، كيفية الخروج من أزمة كورونا في “منتصف عام 2021″، وأظهرت الدراسة مدى ضعف استعداد كثير من البلدان الصناعية في مواجهة الأزمة.
وخلال “أسبوع أجندة دافوس”، أعلنت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، في المؤتمر الذي ناقش الرقمنة وحماية المناخ، عن “تحولات ضخمة ذات أبعاد تاريخية”. إذ أظهرت بيانات دراسة بيرتلسمان، حتى قبل أزمة كورونا، تباطؤ النمو في عديد من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، البالغ عددها 41 دولة.
الدراسة كشفت أيضا، أن هناك انتكاسات في مشاريع الاستدامة، وزيادة في الفقر، وتناقص في القدرة على الإصلاح، ما عرض الديمقراطيات للضغوط. مثال على ذلك ما حدث مؤخرا في مدن في هولندا نتيحة تظاهرات عنيفة من قبل اليمين المتطرف..
مؤشرات الحوكمة… والديمقراطية
أساس الدراسة قام على مؤشرات الحوكمة المستدامة ،(SGI) وهو مشروع تابع لمؤسسة بيرتلسمان، يتم فيه سنويا مقارنة وتحليل عوامل الاستدامة على النتائج السياسية، ومتانة الديمقراطية ونوعية عمل الحكومات.
ويقول تورستان هيرمان، أحد مؤلفي الدراسة: “إن العديد من البلدان الصناعية لم تفعل سوى القليل في خفض الديون، أو في تحويل الاقتصاد إلى المزيد من الاستدامة، أو في إنشاء أنظمة ضمان اجتماعي فعالة”.
وتحدث الخبير الاقتصادي هيرمان حول الاختلافات المتزايدة بين الدول، محذرا من أن “هناك مخاوف من أن جائحة كورونا ستظهر وتفاقم بلا رحمة هذه الاختلافات”.
ويشرح هيرمان مخاوفه في حال ما زادت جائحة كورونا من الفقر، ومن الاختلافات في الرواتب، حينها ستولد من رحم أزمة كورونا، أزمة اجتماعية، “وهذه أرض خصبة ليفرح بها الشعبويون”. والخوف من تقويض القوى الديمقراطية وارد جدا في مثل هذه الحالة، ولهذا يجب على القوى الديمقراطية في هذه البلدان الوقوف معا.
الديمقراطية المهددة
حقيقة أن جائحة كورونا فاقمت من عدم المساواة داخل ألمانيا، أمر واضح للعيان خصوصا في مجال التعليم. إذ لا تملك كل أسرة قدرة كافية على الاتصال بالإنترنت ولا أجهزة ملائمة للاتصال بالانترنت، تمكنها من البقاء في المنزل والحفاظ على قواعد التباعد الاجتماعي، بصرف النظر عن مستوى وقدرة الأسرة، على دعم أطفالها في الدروس عبر الإنترنت…
لغرض دراسة تأثير فيروس “كوفيد 19” اجتماعيا وسياسيا على الناس في ألمانيا، درس فريق علمي من جامعة كوبلنتس الألمانية هذه التغيرات المحتملة.
وفي استطلاعين للرأي شمل أكثر من 15 ألف شخص، تحت إشراف الباحث في العلوم السياسية ماريوس بوزيماير. إذ اعتبر حوالي 50 في المائة منهم، أنّ المعلومات الصادرة من الحكومة بخصوص “كورونا”، موثوقة، فيما شكك 50 بالمائة الباقون، في هذه الأرقام..
حركة التفكير الجانبي
وكشفت استطلاعات الرأي من ناحية أخرى، أن ثقة الألمان بالسياسة مرتفعة نسبيا. فيما أكدت الدراسة، أنّ ما يعرف بحركة “Querdenker Bewegung”، والتي تعني “حركة التفكير الجانبي”، (طريقة التفكير بشكل جانبي وليس عمودي، ظهر المصطلح بقوة مع أزمة كورونا في ألمانيا حاملا معنى سلبيا، بعد بحث البعض عن حلول مختلفة وغير نمطية وغير متوافقة مع منهج الدولة وعموم المجتمع)، تمثل أقلية تتراوح بين 10 إلى 15 بالمائة.
وقد تظاهر نحو 3000 من أنصار هذه الحركة، في مدينة كونستانتس في أكتوبر الماضي، وعند استطلاع آرائهم، كشفت الاستبيانات، أنّ 3 من كل أربعة من هؤلاء، أظهروا عدم الثقة في الحكم، ويعتقدون في احتمال تلاعب مجموعة من العلماء والباحثين بطريقة متعمدة في الرأي العام.
كما أن كثيرين منهم يرفضون جملة “أن الديمقراطية تعمل بشكل جيد”. كما يواجه الإعلام بحالة عدم ثقة عميقة من قبلهم، إذ أن تسعة من بين عشرة منهم يبحث عن مصادر المعلومات بنفسه في الانترنت، نصفهم يلجأ إلى المعلومات الواردة عن طريق مجموعات واتساب وتيليغرام.
ولهذا يرى بوزيماير مشكلة في “تطور الجمهور الموازي”، وصعوبة الوصول إليه، ولا يستبعد أن تتطور الاحتجاجات ضد إجراءات “كورونا” في ألمانيا إلى أعمال عنف، كما حدث في هولندا.
ويحتاج الأمر وفق الدراسة الألمانية، إلى زيادة التثقيف السياسي الشامل، ومزيد من المساعدة الملموسة للمجموعات المتضررة بشدة من كورونا.
المصدر: دوتشي فيلله