واشنطن ــ القاهرة: اتجاهات بايدن ومخاوف السيسي… كيف سيكون المستقبل؟
القاهرة ــ الرأي الجديد (تقارير)
منذ إعلان فوز المرشح الديمقراطي، جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأميركية، سادت حالة من القلق وعدم الارتياح في أوساط النظام المصري.. قلق قابلته موجة تفاؤل حذرة لدى معارضي النظام.
فعلى جانب الحكومة، يخشى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورموز نظامه، ليس فقط من فقدان حليفهم الموثوق به في البيت الأبيض، دونالد ترامب، الذي لقَّب السيسي بــ “الديكتاتور المفضل”، ولكن أيضا من غموض موقف الإدارة الجديدة، فيما يتعلق بعلاقاتها مع القاهرة.
على الجانب المقابل، يمتلك المعارضون المصريون بمختلف أطيافهم، أسبابهم الخاصة للتفاؤل بقدوم بايدن.. فقد شغل الرئيس المنتخب، منصب نائب الرئيس في الإدارة الديمقراطية السابقة، تحت قيادة باراك أوباما، التي تفاعلت بشكل “إيجابي” مع دعوات تعزيز الديمقراطية، التي اجتاحت المنطقة إبان الربيع العربي.
هذه المشاعر الإيجابية، تنامت مع توالي التصريحات الصادرة عن بايدن ورموز إدارته، وعلى رأسها التغريدة التي أطلقها خلال الحملة الانتخابية في جويلية الماضي، وأكّد خلالها أنه لا ينوي “منح المزيد من الشيكات على بياض لديكتاتور ترامب المفضل”، فضلا عن الدعوات المتكررة، الصادرة عن النواب الديمقراطيين في الكونغرس، للضغط على نظام السيسي.
حقائق… ومعطيات أخرى
لكن ما يُطمئن السيسي ونظامه، ويُكدِّر صفو معارضيه في الوقت نفسه، هي الحقائق التي يدركها الكثيرون اليوم جيدا، حول طبيعة العلاقات المصرية الأميركية، وفي مقدمتها أن هذه العلاقات، لا تُدار من خلال التصريحات التي يُطلقها المرشحون خلال الحملات الانتخابية، وأن الروابط الثنائية بين القاهرة وواشنطن، تُعَدُّ إحدى ركائز السياسة الأميركية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ومنذ توقيعها اتفاقية السلام مع إسرائيل في أواخر السبعينيات، وتخلّي الرئيس المصري أنور السادات عن سياسات العهد الناصري، أصبحت واشنطن الشريك الإستراتيجي الأهم للقاهرة، فيما تحوَّلت الأخيرة، بفضل وزنها الديموغرافي، وموقعها الإستراتيجي على مفترق طرق تجارة النفط بين الشرق والغرب، إلى جانب وجودها في قلب منطقة الشرق الأوسط، صاحبة الأهمية الكُبرى في السياسة الأميركية، إلى أحد أهم شركاء الولايات المتحدة في المنطقة.
مصر.. والمساعدات الأميركية
وبفضل هذه الشراكة، أصبحت مصر رابع أكبر مُتلقٍّ للمساعدات الأميركية في العالم، حيث تلقَّت ما يعادل 40 مليار دولار من المساعدات العسكرية، و30 مليار دولار من المساعدات الاقتصادية، منذ العام 1980.
في الوقت نفسه، لعبت العلاقة بين القاهرة وتل أبيب دورا مهما في تعزيز تحالف الأولى مع واشنطن، حيث ظل الأميركان يعتبرون هذه الاتفاقية، إنجازا محوريا لا يمكن التضحية به، وعاملا حاسما في ضمان أمن دولة الاحتلال، لا سيما على حدودها الغربية مع قطاع غزة، الذي تسيطر عليه حركة حماس.
في أدنى الأحوال، يخشى نظام السيسي من أن انتخاب بايدن سيعني عودة العلاقات المصرية الأميركية إلى الأجواء الباردة، التي سادت خلال ولاية أوباما.
يمتلك نظام السيسي أيضا هواجس حول إمكانية قيام إدارة بايدن بفتح قنوات اتصال مع المعارضة المصرية في الخارج، لا سيما جماعة الإخوان المسلمين، مع ممارسة ضغوط لدمجهم في الحياة السياسية، أُسوة بما حدث في عهد أوباما.
وفي حين أن الأسباب التي تُثير قلق النظام المصري تجاه إدارة بايدن، هي ذاتها التي تُثير تفاؤل معارضيه، فإن هناك سوء تقدير جوهريا لدى هؤلاء المعارضين، في تقييم الوزن النسبي لهذه العوامل، ومدى قدرتها على دفع تغييرات حقيقية في الأوضاع السياسية في مصر.
المصدر: موقع “الجزيرة نت”