الغنوشي لــ “جون أفريك”: لا نقبل مبادرة حوار تريد هدم ما أنجزنا منذ 2011.. والانقلابات ولى عهدها
تونس ــ الرأي الجديد
قال رئيس البرلمان، ورئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، أنه منذ انتخابات 2019، شهدنا محاولات عديدة للانقلاب على نتائج صناديق الاقتراع وتعديلها، وعلى الجميع أن يفهم أننا في بلاد ديمقراطية، وأن إرادة الشعب وحدها هي الفيصل، أما بالنسبة للذين يشككون في نزاهة واستقامة بعضهم البعض، فهناك قانون يطبق، والشعب سيضع بتصويته حدا لذلك.
وأضاف الغنوشي، في حوار مع مجلة “جون أفريك”، أننا “مازلنا نعيش ديمقراطية ناشئة، ثورتنا عمرها 10 سنوات، ومجلسنا 6 سنوات.. هناك أمم مثل فرنسا بقيت مدة قرن كامل لتخلق دولة ديمقراطية”.
القانون الانتخابي.. والمأزق
واعترف رئيس البرلمان، بوجود نقاط قال “إنه يجب مراجعتها مثل القانون الانتخابي، مشيرا إلى أنه صيغ لتجنب تفرد حزب واحد بالسلطة، وبسط يده عليها، وإلى أن ذلك قاد إلى مشهد سياسي مجزأ في سنة 2011″، معتبرا أن هذا التمشي، عكس الرغبة في استبعاد الأحزاب القوية، مضيفا إن سبب تتالي الحكومات بمعدل حكومة كل سنة، هو القانون الانتخابي، لافتا إلى أن لجنة النظام الداخلي بالبرلمان قدمت مشروع قانون ينظم المسألة، وإلى أنه سيناقش في مفتتح سنة2021 .
وعبّر الغنوشي عن الافتخار بالديمقراطية التونسية قائلا: “صحيح تنقصنا الخبرة، لكن حكوماتنا لا تسقط بانقلاب، وإنما تستبدل بانتخاب حر ونزيه وديمقراطي، ومن البلدان التي حاولت تبنّي طريقنا (مصر وليبيا وسوريا)، مؤكدا أنّ “تونس وحدها قاومت كل الأعاصير ومحاولات وأد الثورة”.
مبادرة اتحاد الشغل
وفيما يتعلق بموقفه من تمسك الاتحاد العام التونسي للشغل بقيادة الحوار الوطني، قال الغنوشي “يجب في البداية التساؤل عن حيثيات هذا الحوار، هل سيُعنى بالاقتصاد أم بالسياسة”، متابعا “لا يمكن أن يكون الحوار إلا شاملا”.
وأضاف: “لا يمكن التصرف كما لو أنه يقوم بهدم ما قمنا بإنجازه إلى حد الآن، والذي لم نسع لإكماله بعد، ثم القيام بإعادة البناء مع إقصاء ما تم إنجازه منذ 2011. أليس من الأجدر إعطاء المزيد من الوقت للنظام الحالي، لينهي عمله ثم تقييمه لاحقا؟”..
وردّا على سؤال جون أفريك”، حول الاتجاه الذي يراه أنسب في الوقت الحالي، قال الغنوشي: “يمكننا مناقشة سياسات التنمية العامة، ومحتوى المبادئ التوجيهية الاجتماعية والاقتصادية… سنة 2018، تم الاتفاق على 63 نقطة بعد عديد المداولات، ولم يجدّ خلاف سوى على النقطة 64 حول الحكومة، مما أسقط المبادرة، وهذا لا يقود لشيء سوى لإضاعة الوقت، رغم أنه كان للحكومة ومجلس النواب، دور في جدوى القرارات”..
ولفت الغنوشي: “قد تكون لرئيس الجمهورية المكانة المناسبة لرعاية الحوار، لكن يجب على كل الأحزاب والهيئات الوطنية، ومنظمات المجتمع المدني، المشاركة فيه، حسب رأينا.. كلنا معنيون بالحوار بما أننا تعرضنا للإقصاء”.
الاحتجاجات… ومستقبل الديمقراطية
وحول شبه الغياب الذي ميّز تعامل السلطات والأحزاب والمجتمع المدني، مع الاحتجاجات بالمناطق المهمشة والفقيرة، قال الغنوشي: “مررنا من مرحلة صعبة إلى أخرى، من الدكتاتورية القامعة إلى الفوضى. يلزمنا وقت لإعادة الأمور إلى نصابها، ولكي نتبنى طرقا جديدة تسمح بحرية التعبير في إطار القانون. لقد سمحنا بالفوضى لإرساء الحريات خلال العشرية الأخيرة، وشهد النظام السياسي تحولا، لكن النظام الاقتصادي بقي على حاله..
وأضاف: “لم تشهد المناطق الداخلية التي كانت منطلق الثورة، نموا بينما كان متساكنوها ينتظرون تحسين أوضاعهم المعيشية وسمعناهم ينادون: “نريد الخبز… والديمقراطية لا تشبع الجوعى”، قائلا: “هذا صحيح، لكن يجب نيل المطالب بلا عنف وبلا استعمال القوة، مثلهم مثل الحكام الذين يجب أن يعوا، أن الأشياء تغيرت..”.
وشدّد المتحدث على أن تونس تحتاج إلى إصلاح اقتصادي، وخصوصا دعم الصناديق الاجتماعية، معتبرا أن ذلك سيساهم في التصدي للسوق الموازية وإدماجها في العجلة الاقتصادية، كاشفا كون “الدولة تستعد لمنح أراض لباعثي المشاريع الصغرى من الشبان، وأن الهدف من ذلك، “خلق مناخ استثماري”، قال “إنه يمهد بدوره لمناخ اجتماعي موات للعمل” .
وكانت مجلة “جون أفريك” الفرنسية، أقامت حوارها مع الغنوشي، رئيس البرلمان، حول المشاحنات التي يشهدها المجلس والوضع الاقتصادي والاجتماعي بتونس، ونظرته إلى مبادرة اتحاد الشغل، الخاصة بإجراء حوار وطني، ورأيه في الاحتجاجات التي تشهدها عديد الجهات، إلى جانب إضراب القضاة.