(خاص) رئاسة الجمهورية تتصل بسفيري فرنسا وإيطاليا لإفشال زيارة المشيشي إلى البلدين
تونس ــ الرأي الجديد / صالح عطية
علمت “الرأي الجديد” من مصادر جديرة بالثقة، أن رئاسة الجمهورية قامت بالتواصل مع سفيري فرنسا وإيطاليا بتونس، للتعبير لها عن عدم رضاها على زيارة المشيشي إليهما..
ونقلت ذات المصادر، عن السفيرين، امتعاضهما لهذا التدخل من رئاسة الجمهورية، وبهذا الشكل، الذي لم يرق لبلديهما..
ويندرج هذا التدخل من رئاسة الجمهورية، ضمن مساعي رئيس الدولة، قيس سعيّد، إفشال زيارة المشيشي إلى باريس وروما، من أجل إعطاء الانطباع بأنّ الرجل غير مرغوب فيه على مستوى شركاء تونس الأوروبيين، وبأنّ الرئاسة يمكن أن تتحكم في تحركاته ومبادراته..
وعلمت “الرأي الجديد” من ناحية أخرى، أنّ السفير الإيطالي، شعر بكثير من الضيق إزاء تصرف رئاسة الجمهورية، وأبلغ بلاده بطلب قصر قرطاج، وهو ما يفسّر خروج رئيس الحكومة الإيطالية اليوم للإعلام الإيطالي، ليوجّه دعوة جديدة لرئيس الحكومة، هشام المشيشي لزيارة روما في غضون المدة القادمة، في رسالة إيطالية واضحة، برفضها أسلوب رئيس الجمهورية، أو الدوائر المحيطة به، التي تعدّ خارج السياق البروتوكولي والدبلوماسي في الثقافة والتقاليد والأعراف الدبلوماسية الدولية.
من جانبه، أشار السفير الفرنسي لمقربين منه، إلى “عدم رضا الحكومة الفرنسية”، على طلب رئاسة الجمهورية، وامتعاضها من هذه الطريقة، التي من شأنها إرباك العلاقات بين مؤسسات الدولة التونسية، بما يجعل باريس غير مطمئنّة لمصالحها وعلاقاتها وشراكتها مع تونس، في ضوء الإرباك الذي تعيشه وتمارسه رئاسة الجمهورية منذ فترة..
مرزوق يكشف المستور
وكان محسن مرزوق، رئيس “حركة مشروع تونس”، كشف أمس في تصريح إذاعي هام، “عن استدعاء رئيس الجمهورية سفير فرنسا، والتعبير له عن عدم رضاه عن زيارة المشيشي إلى بلاده”.
وتساءل مرزوق مستغربا: “هل من المعقول أن يستدعي رئيس الجمهورية سفير فرنسا، ويعبر له عن عدم رضاه عن زيارة المشيشي إلى بلاده ؟ قبل أن يضيف: “سعيّد أعلم أيضا الطرف الايطالي، بطريقة أو بأخرى، رفضه زيارة المشيشي لايطاليا”، حسب قوله، وهي المعلومة التي أكدها رفيق عبد السلام، القيادي في حركة النهضة، اليوم في تدوينة على حسابه على فيسبوك.
الجدير بالذكر في هذا السياق، أنّ وزير الخارجية، عثمان الجرندي، قام ــ وفق بعض المقربين منه ــ بإغلاق هاتفه الجوال، واختفى عن الأنظار منذ سماعه باتصالات رئاسة الجمهورية، ولم يعد إلى مكتبه إلا بعد انتهاء زيارة المشيشي”، تعبيرا منه عن رفضه لهذا الأسلوب، من ناحية، ولكن انسجاما أيضا مع قناعاته وتقاليده الدبلوماسية التي تعلمها مبكرا في الخارجية التونسية…
في ذات السياق، شنّت عدة صفحات تابعة لرئاسة الجمهورية، حملات تشويه كبيرة وواسعة، لرئيس الحكومة، هشام المشيشي، وقامت بنشر معلومات مغلوطة “لكي تظهر أنّ زيارته إلى فرنسا باءت بالفشل”..
وروّجت هذه الصفحات لمقال موقع “موند أفريك”، الذي كتب بدوره، مقالا تحت عنوان: “زيارة المشيشي إلى فرنسا… “هباء” / ( la visite du chef de gouvernement tunisien a paris «est pour rien» )…
وتقول مصادرنا، أنّ رئيس حكومة سابق، حرص على توظيف موقع “موند أفريك” في هذا الاتجاه، للمساهمة في إفشال هذه الزيارة، في إطار التقائه السياسي مع قصر قرطاج..
السؤال المحيّر
ويبدو أنّ رئيس الجمهورية، أو دوائره المحيطة به على الأقل، بهذا التصرف، لا يضع تونس في فضيحة أمام العالم، وبخاصة أمام الأوساط الدبلوماسية المقيمة في بلادنا، فحسب، بقدر ما يطرح سؤالا مهما حول غاية الرئيس من مثل هذه التصرفات التي تكررت منذ فترة، في نوع من الممارسات والسلوكات الإعتباطية، التي تعكس جهل الرجل بأبسط الأعراف الدبلوماسية، وربما يرتقي هذا السلوك إلى مستوى الارتماء في حضن دول صديقة، ضدّ المسؤولين التونسيين في الدولة، وهو ما يمثل أخطر ما عرفته الدولة التونسية في تاريخها..
وسنعود في مقال قادم حول هذا الموضوع وتداعياته على الدبلوماسية التونسية، وعلى صورة الحكم في تونس، منذ صعود قيس سعيّد إلى قرطاج..
يذكر، أنّ رئيس الحكومة، هشام المشيشي، أدى زيارة إلى باريس الأسبوع الجاري، التقى خلالها الوزير الأول الفرنسي، ورئيس البرلمان، ورئيس مجلس الشيوخ، فضلا عن ممثلي الجالية التونسية بفرنسا، والقناصل التونسيين هناك، إلى جانب عدد من المستثمرين والكفاءات العلمية وغيرهم..
وكان يفترض أن يزور المشيشي، إيطاليا انطلاقا من يوم الثلاثاء، للتباحث مع نظيره الإيطالي، حول مسائل الهجرة والاستثمار والعلاقات الثنائية، غير أنّ إصابة وزير المالية والاستثمار، علي الكعلي بفيروس كورونا، أجّلت هذه الزيارة، في ضوء الإجراءات الإيطالية الصارمة لقبول الوفود الرسمية للدول..