مروان العباسي يطمئن التونسيين… لكنه يضع حكومة المشيشي أمام مسؤولياتها التاريخية
تونس ــ الرأي الجديد / زياد فطحلي
تمسّك مروان العباسي، محافظ البنك المركزي، بمبدأ عدم ضمان تمويلات داخلية للاقتصاد التونسي عبر اَليات نقدية.
ويعدّ هذا الموقف، في تضارب تام مع ما صرح به رئيس الحكومة، هشام المشيشي بخصوص إمكانية إيجاد حل، مع مؤسسة الإصدار.
واستغرب المحافظ، من استغناء الحكومة عن الموارد الكبرى للقطاعات الحيوية، وتركها لقمة سائغة لدى المارقين وقطاع الطرق، بتعلّة إنقاذ الميزانية، “ستنفجر في وجوه الجميع عاجلا أم آجلا”، وفق ما عبّر عنه مروان العباسي.
العباسي يضع الحكومة في مأزق
ودافع مروان العباسي، بشراسة وجرأة، خلال مداخلته بمجلس نواب الشعب، ردّا على تساؤلات النواب، عن موقف “مؤسسة الإصدار”، فيما يتعلق بطبع الأوراق النقدية لتوفير السيولة لتمويل عجز الميزانية، مع إعلان تمسك البنك المركزي باستقلاليته.
وبهذا الموقف، يكون محافظ البنك المركزي، قد وضع رئيس الحكومة ووزير ماليته أمام سياق محدد، وهو الإدارة الصعبة للغاية لمسار إعادة جدولة ديون الدولة التونسية..
وكان المشيشي، قام بمناورات ما يمكن وصفها بــ “الفرصة الأخيرة”، لدفع البنك المركزي إلى تقديم الدعم المالي للحكومة، لإخراجها من أزمتها الراهنة، مع ما يعني ذلك من إغراق الدولة مع ما كل ما تحمل من احتمالات شبه مؤكدة من إلقاء مصير البلاد والعباد في هوة المجهول.
وأكد محافظ البنك المركزي، اليوم في قصر باردو، أن الاستثمارات الأجنبية بلغت أدنى مستوياتها منذ 10 سنوات، معتبرا أن المناخ العام في البلاد يزيد من تراجعها.
وأبرز العباسي أن مداخيل قطاع السياحة بلغت 3 مليارات دينار من المليمات، مسجلة نقصا بـ 30%، مضيفا أن عديد القطاعات تأثرت بالجائحة الصحية.
وأشار إلى أن عدم اشتغال حقل نوارة، سيزيد في عجز تونس في قطاع الغاز والفسفاط الذي كان يدر مليار دينار سنويا، وهو يعيش اليوم مديونية كبيرة.
واعتبر محافظ البنك أن الاستثمار والتصدير هما دافعا النمو، في حين لم تتجاوز نسبة الاستثمار 13%، بينما كانت في مستويات تتراوح بين 26 و27% من الناتج المحلي، مع وجود تراجع في الادخار الذي بلغ 6%.
المسؤولية المعقدة للحكومة
وبهذه التصريحات المهمة، حمّل محافظ البنك المركزي، الحكومة، مسؤولية البحث عن حلول لتمويل عجز ميزانية، لم تعدّها هي، وهي الميزانية التي خطط واضعوها في حكومة الفخفاخ، لكي تهوي بالدينار التونسي إلى قاع سحيق، وترفع في نسبة التضخم إلى مستويات لم تعد البلاد تقدر على مواجهتها، وترفع في الأسعار، التي أنهكت القدرة الشرائية للمواطنين، وتزيد في توسيع دائرة الفقر، وإن كان ذلك بنوايا حسنة، فكثير من السياسيين يمشون إلى جهنم، وهم يضحكون، كما يقول المثل الإنجليزي.
الحكومة باتت اليوم، أمام مفترق طرق، عليها مواجهته بكل جرأة أو الاستقالة. فهي تعاني من وجود حكومة بعض وزرائها، مدركون أنهم لن يستمروا على رأس وزاراتهم، وهو ما يربك وضعهم، ويجعلهم غير قادرين على متابعة الملفات والتخطيط للمستقبل.
الموانئ مغلقة، وإنتاج الفسفاط معطّل، والفانا، متوقفة منذ عدّة أشهر، واتحاد الشغل يواصل ابتزاز الحكومة، مستغلا ضعفها وقلة حيلتها، والاحتجاجات تتسع في بعض المناطق والقطاعات، وأزمة كوفيد19 تتعمّق، مع ارتفاع عدد الإصابات، وتفاقم حالات الموت اليومي بشكل لافت للنظر، بما يزيد في تعميق مشكلات الحكومة، التي يفترض أن يكون الائتلاف الحاكم، حزامها السياسي المفترض، سندا حقيقيا لها، خاصة في مجال البحث عن حلول، ومقاربات جديدة.