“حركة النهضة” أحدها.. تقرير إماراتي يتحدث عن مشكلات أحزاب “الإسلام السياسي” في المنطقة العربية
الرأي الجديد (مواقع إلكترونية)
قدم “مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المستقبلية”، الذي تموله الإمارات العربية المتحدة، تقريرا بشأن حركات الإسلام السياسي، والتنظيمات التي تصنفها “قريبة من الإخوان المسلمين”، وفروع لها في البلاد العربية..
ويعكس هذا التقرير، التصور الإماراتي، والمصري، لموضوع ثورات الربيع العربي، ودور الإسلاميين فيها، ومسؤوليتهم الراهنة في الحكم، ومآلات خياراتهم السياسية، التي يقول التقرير، أنها أدّت إلى الانهيار الاقتصادي والفوضى الاجتماعية، والأزمات الأمنية التي تطل برأسها، في شكل أعمال إرهابية، وتخريب العلاقات الخارجية لهذه البلدان، ومنها تحديدا، مصر والسودان وليبيا وتونس والجزائر والأردن..
ويتوقع التقرير، دخول هذه الأحزاب، ومنها “حركة النهضة” في تونس، في أزمة ستؤثر على تماسكها وبالتالي استمرارها..
ولإطلاع قراء “الرأي الجديد” عن هذا التقرير، الذي جاء بعنوان: “أزمات متصاعدة: مشكلات أحزاب الإخوان المسلمين في المنطقة العربية”، ننشر مضمونه في النص التالي، لكي نتابع العقل السياسي الإماراتي، وطريقة تفكيره..
وفيما يلي النص الكامل للتقرير…
“تواجه الأحزاب المنتمية لفروع جماعة الإخوان المسلمين في المنطقة العربية، خلال عام 2020، أزمات متصاعدة، تؤثر على تماسكها أو ربما تهدد بقاءها، وفقاً لما عكسته خبرات مختلفة.
وتتمثل تلك الأزمات في الاتهام بالتآمر الخارجي، والربط التلقائي بين الإخوان وجماعات التطرف وتنظيمات الإرهاب، وخلافات أجنحة المليشيات الداعمة لأجندة الإخوان، وازدياد الانشقاق التنظيمي، والتعرض للحل القانوني، وعرقلة نظم الحكم الانتقالية، الأمر الذي يزيد من تعثر وجودها في الداخل وتشويه سمعتها بشأن علاقاتها مع الخارج لاسيما في ظل عدم إدراك كوادرها وقواعدها للخطوط الفاصلة بين مصالح الإسلام السياسي، والمصالح الوطنية لكل دولة على حدة.
وتشير تفاعلات عام 2020، إلى أن فروع جماعة الإخوان المسلمين في كل من مصر والسودان وليبيا وتونس والجزائر والأردن تواجه حزمة من التحديات، التي تتمثل في:
دعم أجنبي
1- الاتهام بالتآمر الخارجي: كشفت وسائل الإعلام، في منتصف أكتوبر الجاري، من خلال المراسلات الخاصة بوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون، عن لقاءات ومراسلات بين مسئولين في وزارة الخارجية الأمريكية، وأبرزهم جيفري فيلتمان وبوب هورماتس وبوب تايلور، مع أعضاء تنظيم الإخوان، والتي جرت قبيل إجراء الانتخابات الرئاسية في مصر عام 2012، فضلاً عن لقاءات مع عناصر إخوانية من تونس والمغرب.
وفي هذا السياق، أشارت كتابات عديدة إلى أن إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، كانت تقود مخططاً لتمكين الإخوان من الحكم في المنطقة العربية، وهو ما يفسر التوجهات المناوئة لما جرى في مصر بعد ثورة 30 يونيو 2013، التي أوقفت مسار مشروع “الحكومات الملتحية” الذي كانت تدعمه تركيا وقطر، بعد الحراك الثوري الذي شهدته المنطقة في عام 2011.
كما أن تلك الثورة وما تلاها من مظاهر مقاومة إخوانية، سلطت الضوء على المخاطر الكامنة وراء تمكين فصيل سياسي هو أقرب إلى “الفاشية الدينية”.
ولا تزال الجماعة في مصر، تحاول العودة إلى المشهد مرة أخرى، بالعمل على إثارة مظاهر عدم الاستقرار الداخلي، وهو ما تدركه أجهزة الدولة وتعيه قطاعات واسعة من المجتمع. وفي هذا السياق، حذّر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في كلمته خلال مراسم تخريج دفعة جديدة من طلبة الكليات والمعاهد العسكرية في 20 أكتوبر الجاري، مما أسماه “تحريك الشعوب لإيذاء بلادها”، في سياق محاولات هدم الدولة وإشعال الفتنة.
وكلاء الفوضى
2- الربط التلقائي بين الإخوان وجماعات التطرف وتنظيمات الإرهاب: يسود توجه لدى قطاعات من المجتمع الليبي، بأن الإخوان المسلمين يعملون على الهيمنة على المشاركة في الحوار السياسي، لوضع نهاية للصراع الليبي الممتد منذ عدة سنوات، بحيث أعلن عدد من المشاركين رفضهم حضور جلسات الحوار المقررة في تونس، بدءاً من يوم 9 نوفمبر القادم، ومن أبرزهم رئيس لجنة المصالحة بالمجلس الأعلى لقبائل ليبيا، زيدان معتوق الزادمة.
وهنا تجدر الإشارة إلى تصريح الزادمة لموقع “العربية نت”، في 28 أكتوبر الجاري، من أن انسحابه من المشاركة في الحوار لا رجعة فيه، موضحاً أن قراره جاء بعد اطلاعه على قائمة الشخصيات المشاركة، والتي تبيّن أنها غير متوازنة وفيها محاباة للإخوان المسلمين، مشدداً على أنه لن يجلس على طاولة واحدة مع ممثلي تنظيم الإخوان وشخصياتهم المرتبطة بالإرهاب وبأجندات خارجية وغير مرغوبة من الليبيين، لتشكيل حكومة من الإخوان، رافضاً أن يكون شريكاً في هذا المخطط.
وأوضح أن “تجربة حكم الإخوان في الدول العربية كانت فاشلة بعدما أدخلوا بلدانهم في دوامة من الأزمات المالية والأمنية، وذلك باتباعهم دولاً خارجية تدخلت في سياسات بلادهم”، لافتاً إلى أنه “لا يوجد مانع لدى المجلس الأعلى للقبائل من الحوار مع قيادات تنظيم الإخوان المسلمين، الذين يعيشون في ليبيا ويريدون استقرار البلاد، دون العودة إلى حلفائهم من الدول الأجنبية، شرط أن يكون هناك تكافؤ وموازنة بين جميع أطياف وتوجهات الشعب الليبي”.
فضلاً عن ذلك، أصدر المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية، بياناً بشأن المؤتمر الذي تعتزم الأمم المتحدة تنظيمه في تونس، حيث لاحظ المجلس “هيمنة التنظيمات الإسلامية وحلفائها على قائمة المدعوين للحوار في الوقت الذي تم فيه استبعاد الأطراف الوطنية الفاعلة، والتكوينات الاجتماعية المؤثرة”.
ويعد من أبرز رموز الإخوان في المؤتمر محمد الرعيض ونزار كعوان ومحمد آدم الفايد وتاج الدين محمد الرزفلي وعبد القادر عمر حويلي وعبد المجيد مليقطة وفوزي رجب العقاب وفاطمة الزهراء أحمد محمد علي لنقي وماجدة محمد الفلاح وإبراهيم صهد.
كما أكد أن “اختيار البعثة لأعضاء المؤتمر من بينهم عشرات المتطرفين، بل وبعض الإرهابيين المعروفين بممارستهم للإرهاب والدعوة إليه، يعد استخفافاً بالتضحيات التي قدمها الشعب الليبي في مواجهة الإرهاب وكذلك دعوة بعض الشخصيات التي تعيش في الخارج ولا قواعد لها بالداخل، سواء سياسية أو اجتماعية.
وبناءً عليه يستهجن المجلس الآلية التي وضعتها البعثة لاتخاذ القرارات داخل المؤتمر والتي صممت لصالح التنظيمات.
مراجعات غائبة
3- خلافات أجنحة المليشيات: أشارت بعض وسائل الإعلام العربية والليبية، في 22 أكتوبر الجاري، إلى تقديم استقالة جماعية لأعضاء الإخوان في مدينة مصراتة، وتم اعتبار فرعها بالمدينة منحلاً، وهو ما يأتي في سياق التوتر بين مليشيات طرابلس ومليشيات مصراتة على خلفية اعتقال محمد بعيو رئيس مؤسسة الإعلام.
وفي 13 أغسطس الماضي، أعلن أعضاء الجماعة بمدينة الزاوية استقالتهم الجماعية أيضاً، معتبرين أن فرعها بالمدينة منحل، وذلك “استجابة لنداء الكثير من المخلصين من أبناء الوطن بشأن عدم ترك فرصة لمن يتربص بالشعب الذي أراد الحرية وإقامة دولة مدنية” حسب بيانهم.
استقالات متزايدة
4- ازدياد الانشقاق التنظيمي: وتعبر حالة الأزمة التي تعيشها حركة النهضة في تونس عن ذلك التحدي، على نحو ما بدا جلياً في أكتوبر الجاري، حيث توجد رؤيتان متناقضتان داخل الحركة فيما يخص ما يعرف بخلافة الغنوشي، الذي يتولى رئاسة الحركة لدورتين متتاليتين.
فالرؤية الأولى تدافع عن تنقيح النظام الأساسي للحركة بما يُمكِّن الغنوشي من الترشح لرئاسة الحركة لمدة ثالثة، في حين أن الرؤية الثانية والتي تقودها “جماعة المائة” تطالب بتجديد النخبة، وتداول قيادي على منصب رئيس الحركة خلال المؤتمر القادم للحركة، والذي يتحدد انعقاده في نهاية العام الجاري.
ولم يكن ذلك الوضع حديث النشأة، إذ سبق أن شهدت حركة النهضة خلال الأشهر الماضية تصاعد الاستقالات في صفوف أعضائها، احتجاجاً على ميول الغنوشي للانفراد بالقرار، ومن بينهم نائب رئيس الحركة عبد الفتاح مورو، وعبد الحميد الجلاصي والأمين العام زياد العذاري، فضلاً عن قيادات نهضاوية أخرى مثل رياض الشعيبي (الذي عاد مؤخرا للحركة)، وزبير الشهودي وحمادي الجبالي (الذي عاد هو الآخر إلى الحزب)، إلى جانب استقالة بعض القيادات الشبابية، مثل زياد بومخلة وهشام العريض، الأمر الذي يعكس الانشقاق والتصدع الذي تشهده الحركة، والذي من المرجح أن يتزايد في ظل إصرار الغنوشي على البقاء في رئاسة الحركة.
وفي هذا السياق، تقترح بعض قيادات النهضة الاحتكام إلى آلية الاستفتاء الداخلي لحسم الخلاف حول التمديد لرئيس الحركة، لاسيما أن الفصل الـ133 من النظام الأساسي للحركة يُمكِّن رئيس الحزب أو أغلبية أعضاء مجلس الشورى داخل الحركة، أي ما يقرب من الثُلث (50 عضواً) من الدعوة إلى إجراء استفتاء لتجاوز هذا الخلاف، في حال تواصله. كما يقترح البعض الآخر تأجيل مؤتمر الحزب بسبب الإجراءات الصحية الخاصة بمكافحة كوفيد-19، لتمديد رئاسة الغنوشي لحركة النهضة، بل وتعزيز فرصه للترشح لانتخابات الرئاسة المقبلة (2024).
شق قانوني
5- التعرض للحل: وهو ما أبرزه جلياً إصدار محكمة التمييز (أعلى هيئة قضائية) حكماً بحل جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، في 16 يوليو الماضي، نظراً لعدم قيامها بتصويب أوضاعها القانونية.
ويتوازى ذلك مع تصاعد حدة التحديات التي يواجهها حزب جبهة العمل الإسلامي- الذراع السياسية للجماعة- والتي تتمثل في ضغط الإنفاق المالي المحدد وفقاً للقانون الانتخابي الأردني، ومناوأة الأحزاب المدنية للدخول في تحالفات معه، فضلاً عن السياق الإقليمي المعزز لإضعاف نفوذ فروع الإخوان.
إعاقة الانتقال
6- عرقلة نظم الحكم الانتقالية: في الوقت الذي تقوم مؤسسات الحكم الانتقالي (مجلس السيادة الوطني – الحكومة الانتقالية) في السودان، بتسخير كافة قدراتها وإمكانياتها لمواجهة المشكلات الداخلية والتحديات الخارجية، تحاول العناصر الموالية للنظام السابق من الإخوان المسلمين وقيادات حزب المؤتمر الوطني (الحاكم سابقاً)، التخطيط للانقلاب على الحكم في ظل رغبتها في تصدر المشهد السياسي مرة أخرى، غير أن إجراءات إزالة التمكين، وتفكيك نظام الإنقاذ، والوعي الشعبي والدعم الإقليمي والدولي للحكومة الانتقالية، في مواجهة إخوان السودان، تحد من قدراتها على تنفيذ أية محاولات انقلابية جديدة.
وقد ساهمت قرارات لجنة إزالة التمكين وتفكيك نظام الإنقاذ، خاصة فيما يتعلق باسترداد أراضي واستعادة أسهم في بنوك، وإقالة موظفين، وإعفاء قيادات في الحكومة، وإلغاء سجل منظمات وجمعيات مدنية، في تضييق الخناق على تنظيم الحركة الإسلامية وقيادات حزب المؤتمر الوطني في السودان، كما ساهمت في حصار قيادات الإخوان المسلمين وتجريدهم، إلى حد كبير، من إمكانياتهم المالية وأفقدتهم قدرتهم على إعادة ترتيب صفوفهم.
تحديات ضاغطة:
خلاصة القول، إن هناك تحديات ضاغطة تواجه فروع أحزاب الإخوان في العديد من الحالات العربية، بدرجات متفاوتة وأشكال مختلفة، وسوف تستمر موجة الانحدار المتزايد لتلك الفروع في عام 2021، بعد تصدع المشاركة في السلطة في تونس، وتفكيك تحالفات النفوذ في السودان، ومناوأة خيار المشاركة وترجيح المغالبة في ليبيا، وتمرير محتمل للتعديلات الدستورية في الجزائر، التي تعترض عليها حركة “حدس”، وحل الجماعة الأم في الأردن”.
المصدر: موقع “مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة”