ذرّ للرماد في العيون… الحكومة تخصص أقل من 1 في المائة في ميزانية 2021 للعائلات الفقيرة ومحدودة الدخل
تونس ــ الرأي الجديد / سندس عطية
يبدو أن “دولة الرعاية الاجتماعية”، التي تمناها التونسيون بعد ثورة 14 جانفي 2011، ما تزال بعيدة المنال، فالمعطيات المتوفرة إلى حدّ الآن، تفيد أنّ الحكومة لم تقرر بعد تحولا جذريا في منوالها الاجتماعي.
فهي من خلال موازنة العام القادم (2021)، تبدو غير مكترثة بالمصاعب الاجتماعية لفئات عديدة، تتسع رقعتها في البلاد، عاما بعد آخر، لتصل إلى مستوى جدّ متدنيا من العيش الكريم، دون سند اجتماعي، ومن غير تصور لإخراجها من دائرة البؤس الذي تعيشه منذ عقود، وازداد بؤسا خلال السنوات العشر الماضية.
ولعلّ إطلالة سريعة على مشروع موازنة العام المقبل، الذي سيناقشه مجلس نواب الشعب قريبا، تعكس هذا الاستنتاج، وتقدّم صورة عن تخبط الدولة، وتسييرها للشأن المجتمعي، بكيفية قديمة.
فقد خصص مشروع ميزانية الدولة لسنة 2021، اعتمادات بقيمة تناهز 834 مليون دينار للنهوض بالعائلات المعوزة والعائلات محدودة الدخل، والأشخاص ذوي الإعاقة.
وهي اعتمادات تتوزع على صرف منح قارة بـ 180 دينارا شهريا لفائدة 285 ألف عائلة محدودة الدخل، وإسناد 10 دنانير شهريا لكل طفل في سن الدراسة (3 أطفال كحد أقصى لكل عائلة) و20 دينار شهريا للطفل حامل الإعاقة، وذلك بمبلغ جملي قيمته 645 مليون دينار.
واقترح مشروع الميزانية، برمجة مساعدات بمناسبة العودة المدرسية والجامعية، بمبلغ 18.5 مليون دينار، إضافة إلى مساعدات في المناسبات الدينية بمبلغ 52 مليون دينار، ومساعدات ظرفية بمبلغ 4 مليون دينار.
وخصصت الميزانية المبرمجة للعام المقبل اعتمادات لتوفير مجانية النقل البري لفائدة أبناء العائلات المعوزة بمبلغ 7 مليون دينار، إضافة إلى تمويل مشاريع صغرى لفائدة الفئات الهشة بمبلغ 5 مليون دينار (متى كان هذا المبلغ كاف لإنشاء مؤسسات صغرى ؟).
وفي ما يتعلق برعاية المعوقين، خصص مشروع ميزانية الدولة لسنة 2021 مساعدات على بعث موارد رزق لفائدة المعوقين بمبلغ 2.9 مليون دينار، وصرف منح للجمعيات العاملة في مجال الإعاقة، بمبلغ 29 مليون دينار.
كما خصصت اعتمادات لتسيير مراكز رعاية المسنين والمعوقين ومركبات الطفولة ومراكز أطفال في سن ما قبل الدراسة بتكاليف قدرت بنحو 44 مليون دينار.
وأشار مشروع ميزانية الدولة لسنة 2021، إلى تمتع الفئات محدودة الدخل من جهة أخرى، بالتغطية الصحية، وتتوزع بين 285 ألف بطاقة علاج مجاني، و623 ألف بطاقة علاج بالتعريفة المخفضة، وفق ما أوردت وكالة الأنباء التونسية (وات).
وواضح، أنّ هذه الاعتمادات، لا جديد فيها على مستوى التصور، ولا وجود لمقاربات جديدة لتشكيل مناخ اجتماعي جديد تحتاجه البلاد، وتترقبه هذه الفئات المستضعفة.
فهل هي الأزمة الاقتصادية، وقلة الإمكانيات المالية للدولة، التي جعلت الحكومة، تكرر ذات التصور، وتعتمد نفس الآليات القديمة التي كانت موجودة قبل عقود؟ وهل يحتاج الأمر إلى وقت لنشهد هذا التحول في الفكر الاجتماعي للدولة التونسية الجديدة ؟؟